وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَوُجُوبِ إنْفَاقِهِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ بِأَنَّ الْمَشَقَّةَ ثَمَّ أَكْثَرُ لِدَوَامِهَا وَلِأَنَّهَا آكَدُ إذْ لَا خِلَافَ فِيهَا بِخِلَافِهِ (مُحْتَاجٍ إلَى نِكَاحٍ) أَيْ وَطْءٍ لِشِدَّةِ تَوَقَانِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الصَّبْرُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ عَنَتًا أَوْ إلَى عَقْدِهِ لِخِدْمَةٍ لِنَحْوِ مَرَضٍ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِذَلِكَ لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى إعْفَافًا (وَيُصَدَّقُ إذَا ظَهَرَتْ الْحَاجَةُ) أَيْ أَظْهَرَهَا وَلَوْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَحُفَّهَا قَرَائِنُ إذْ لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ (بِلَا يَمِينٍ) إذْ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْثَمُ بِطَلَبِهِ مَعَ عَدَمِهَا وَلَوْ كَذَّبَهُ ظَاهِرُ حَالِهِ كَذِي فَالِجٍ فَلِلْأَذْرَعِيِّ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَالْأَوْجَهُ تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ إنْ اُحْتُمِلَ صِدْقُهُ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ) الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَإِنْ سَفَلَ إجْمَاعًا (وَالْمَذْهَبُ) فِيمَا إذَا وَطِئَهَا عَالِمًا بِتَحْرِيمِهَا (وُجُوبُ) تَعْزِيرٍ عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى إنْ رَآهُ الْإِمَامُ، وَأَرْشِ بَكَارَةٍ وَ (مَهْرٍ) لِلْوَلَدِ فِي ذِمَّةِ الْحُرِّ وَرَقَبَةِ غَيْرِهِ نَعَمْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ وَإِنْ طَاوَعَتْهُ لِلشُّبْهَةِ الْآتِيَةِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يُحْبِلْهَا أَوْ أَحْبَلَهَا لَكِنْ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ عَنْ تَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ أَحْبَلَهَا وَتَقَدَّمَ إنْزَالُهُ عَلَى تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْ قَارَنَهُ فَلَا مَهْرَ وَلَا أَرْشَ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ بَعْدُ أَوْ مَعَ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَمْلِكُهَا قُبَيْلَ الْإِحْبَالِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ فِي التَّقَدُّمِ وَعَدَمِهِ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينِهِ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَإِنْ شَكَّ فَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَامَّ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْخَاصَّ إلْزَامُهَا إذْ إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ الْأَصْلُ فِيهِ إيجَابُهُ لِلضَّمَانِ وَيَقَعُ لَهُمْ أَنَّهُمْ يُرَجِّحُونَ هَذَا لِخُصُوصِهِ فَهُوَ أَقْوَى وَمَعَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَبَ امْتَازَ عَنْ غَيْرِهِ بِمَا يُوجِبُ خُرُوجَهُ عَنْ هَذَا الْخَاصِّ (لِأَحَدٍ) لِأَنَّ لَهُ بِمَالِ وَلَدِهِ شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ الْمُجَانِسِ لِمَا فَعَلَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ وَلَا بَيْنَ مُسْتَوْلَدَةِ الِابْنِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ وُجُوبَهُ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ قَطْعًا إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا بِوَجْهٍ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ مِلْكِهِ لَهَا بِحَالٍ نَعَمْ لَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ فِي دُبُرِهَا حُدَّ كَمَا يَأْتِي فِي الزِّنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ لِعَدَمِ إلَخْ أَنَّ مَحْرَمَ الْأَبِ الْمَمْلُوكَةَ لِلْوَلَدِ
ــ
[حاشية الشرواني]
إنْ خَافَ الْوُقُوعَ فِي الزِّنَا مُدَّةَ كَسْبِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ إعْفَافُهُ وَهُوَ وَاضِحٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَقَوْلُهُ: ثَمَّ أَيْ فِي الْإِنْفَاقِ وَقَوْلُهُ: لِدَوَامِهَا إلَخْ أَيْ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ الْإِعْفَافِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَطِئَ) إنَّمَا حَمَلَ النِّكَاحَ عَلَى الْوَطْءِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَارِّ " إعْفَافٌ " اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ إلَى عَقْدِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ إلَى نِكَاحٍ (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهَا تَكْفِي هُنَا وَإِنْ كَانَتْ شَوْهَاءَ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ الْعَقْدَ لِلْخِدْمَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَحُفَّهَا) أَيْ تُقَوِّهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَأْثَمُ) أَيْ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِهَا أَيْ الْحَاجَةِ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا وَطِئَهَا عَالِمًا إلَخْ) قَيْدٌ لِوُجُوبِ التَّغْرِيرِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا لِحَقِّ الْوَلَدِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ مُغْنِي قَالَ ع ش بَعْدَ ذِكْرِهِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلُهُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ كَوْنَ التَّغْرِيرِ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ خَاصٌّ بِمَا هُنَا وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ لِابْنِهِ إنْ وَجَدَ مِنْهُ فِي حَقِّهِ مَا يَقْتَضِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَرْشِ بَكَارَةٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَافْتَضَّهَا اهـ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُ الْمَتْنِ مَهْرٍ) أَيْ مَهْرِ ثَيِّبٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِلْوَلَدِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا مُؤْمِنًا شَرْحُ رَوْضٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّةِ الْحُرِّ إلَخْ) هَلْ وَلَوْ مُبَعَّضًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَوْ يُقَالُ نِصْفُ الْمَهْرِ فِي رَقَبَتِهِ وَنِصْفُهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِي قِيمَةِ الْوَلَدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُكَاتَبُ كَالْحُرِّ) أَيْ فَيَكُونَانِ فِي ذِمَّتِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَاوَعَتْهُ) غَايَةٌ لِلْمَتْنِ وَكَذَا قَوْلُهُ: لِلشُّبْهَةِ تَعْلِيلٌ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْأَرْشِ (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ فِي التَّقَدُّمِ إلَخْ) وَاسْتَظْهَرَ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ لِلْإِرْشَادِ تَصْدِيقَ مُدَّعِي التَّأَخُّرِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ التَّقَدُّمِ يَدَّعِي مُسْقِطًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ: يُرَجِّحُونَ هَذَا) أَيْ الثَّانِيَ (قَوْلُ الْمَتْنِ لِأَحَدٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ الْأَصْلِ بِأَنْ مَلَكَ فَرْعُهُ أُخْتَهُ بَلْ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ م ر اهـ سم (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اقْتَضَاهُ) أَيْ عَدَمَ الْحَدِّ فِي الْمُسْتَوْلَدَةِ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: وُجُوبَهُ) أَيْ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَشَمِلَ ذَلِكَ أَيْ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) كَذَا م ر.
(قَوْلُهُ: لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا لِحَقِّ الْوَلَدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَهُوَ لِمَ عُزِّرَ لِحَقِّ وَلَدِهِ فِيمَا إذَا قَذَفَهُ وَلَمْ يُعَزَّرْ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ لِحَقِّهِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِحَقِّ وَلَدِهِ فِي قَذْفِهِ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي عِرْضِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَالِهِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ لَا تَرْفَعُ التَّعْزِيرَ فَلَا مَدْخَلَ لَهَا فِيهِ فَالْوَجْهُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْإِيذَاءَ فِي الْعِرْضِ أَعْظَمُ مِنْهُ فِي الْمَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ فِي الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ انْتَهَى وَقَدْ نَقَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ جَوَابَيْنِ، أَحَدُهُمَا مَضْمُونُ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ، وَالْآخَرُ حَاصِلُهُ مَنْعُ أَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ فِي التَّعْزِيرِ لِلْقَذْفِ أَنَّ التَّعْزِيرَ لِحَقِّ الْوَلَدِ لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدُوا أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ: مَهْرٍ) هُوَ مَهْرُ ثَيِّبٍ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيَجِبُ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ مُؤْمِنًا (قَوْلُهُ: وَرَقَبَةِ غَيْرِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ كَمَا بَيَّنَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْبَلَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ إلَّا إنْ أَنْزَلَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ الْحَشَفَةِ أَوْ مَعَهُ أَيْ فَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ انْتَهَى (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ فِي التَّقَدُّمِ وَعَدَمِهِ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينِهِ إلَخْ) فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ لِلْإِرْشَادِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَقَدُّمِهِ وَتَأَخُّرِهِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي التَّأَخُّرِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ التَّقَدُّمِ يَدَّعِي مُسْقِطًا لِمَا اقْتَضَاهُ إيلَاجُ الْحَشَفَةِ الْمُتَيَقَّنُ الْمُوجِبُ لِلْمَهْرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ مَعَ قُوَّةِ جَانِبٍ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْغَالِبِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَظَرَ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لِأَحَدٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ الْأَصْلِ بِأَنْ مَلَكَ فَرْعُهُ أُخْتَهُ بَلْ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ م ر (قَوْلُهُ: عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) وَكَذَا كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي مَوَاضِعَ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ فِي دُبُرِهَا حُدَّ إلَخْ) خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ شَيْخُنَا فَقَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute