للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَّ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِكَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَوْقَ الشِّبَعِ وَآخَرُونَ بِحُرْمَتِهِ وَيُجْمَعُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ وَيَضْمَنُهُ لِصَاحِبِهِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِطْلَاقُ جَمْعٍ عَدَمَ ضَمَانِهِ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمَالِ نَفْسِهِ وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْأَكْلِ حَيْثُ قِيلَ بِحُرْمَتِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ قَدْرَ عَشَرَةٍ وَالْمُصَنِّفُ جَاهِلٌ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ فِي مِقْدَارِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِيِّ فِيمَا وَرَاءَهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ مُسْرِعًا فِي مَضْغِهَا وَابْتِلَاعِهَا إذَا قَلَّ الطَّعَامُ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ أَكْثَرَهُ وَيَحْرِمُ غَيْرُهُ، وَلَا لِرَذِيلٍ أَكْلٌ مِنْ نَفِيسٍ بَيْنَ يَدَيْ كَبِيرٍ خُصَّ بِهِ إذْ لَا دَلَالَةَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُ فِيهِ بَلْ الْعُرْفُ زَاجِرٌ لَهُ عَنْهُ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْقَرَائِنِ الْقَوِيَّةِ وَالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ وَلَوْ بِنَحْوِ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا وَالنُّصْفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ لِإِحْيَاءِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قِرَانِ نَحْوِ تَمْرَتَيْنِ بَلْ قِيلَ أَوْ سِمْسِمَتَيْنِ.

(وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ مَا قُدِّمَ لَهُ (إلَّا بِأَكْلٍ) لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ دُونَ مَا عَدَاهُ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ أَوْ هِرَّةٍ وَكَتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِنَقْلٍ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ نَعَمْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْقَرِينَةِ لَا غَيْرُ تَلْقِيمُ مَنْ مَعَهُ مَا لَمْ يُفَاوِتْ بَيْنَهُمْ فَيَحْرُمُ عَلَى ذِي النَّفِيسِ تَلْقِيمُ ذِي الْخَسِيسِ دُونَ عَكْسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُفَاوَتَةُ بَيْنَهُمْ مَكْرُوهَةٌ أَيْ إنْ خَشِيَ مِنْهَا ضَغِينَةً كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالِازْدِرَادِ أَيْ يَتَبَيَّنُ بِهِ مِلْكَهُ لَهُ قُبَيْلَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ وَقَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يَمْلِكُهُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاذٌّ بَلْ قِيلَ غَلَطٌ وَنَقَلَ جَمْعٌ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ سَهْوٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

إذَا عَلِمَ رِضَا مَالِكِهِ بِذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ حَلَّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا.

(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الشَّيْخَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِتَحْرِيمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ أَيْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَا مَالِكِهِ وَأَنَّهُ لَوْ زَادَ لَمْ يَضْمَنْ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ انْتَهَى اهـ وَفِي سم وَالسَّيِّدُ عُمَرُ بَعْدُ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ وَلَا يَضْمَنُ وَإِنْ حَرُمَتْ الزِّيَادَةُ انْتَهَتْ اهـ.

(قَوْلُهُ فَوْقَ الشِّبَعِ) وَحَدُّ الشِّبَعِ أَنْ لَا يَعُودَ جَائِعًا اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ الْمُتَعَارَفِ لَا الْمَطْلُوبِ شَرْعًا وَهُوَ أَكْلُ نَحْوِ ثُلُثِ الْبَطْنِ اهـ عِبَارَةُ السَّيِّدْ عُمَرْ يَظْهَرُ ضَبْطُهُ بِأَنْ يَصِيرَ لَا يَشْتَهِي ذَلِكَ الْمَأْكُولَ اهـ فَتْحٌ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.

(قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ وَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَالَ غَيْرِهِ أَوْ ضَرَّهُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ) أَيْ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَاهُ) الْوَجْهُ حِينَئِذٍ عَدَمُ الْحُرْمَةِ إلَّا إنْ ضَرَّهُ خِلَافًا لِمَا قَدْ يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ اهـ سم (أَقُولُ) كَانَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَظْهَرُ جَرَيَانُ إلَخْ لَيْسَ فِي نُسْخَةِ الْمُحَشِّي وَإِلَّا لَمَا احْتَاجَ إلَى هَذِهِ الْقَوْلَةِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ عَلَى عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ) ظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا صَادَقَهُ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ أَكَلَ الزَّائِدَ غَيْرَ ظَانٍّ الرِّضَا ثُمَّ تَبَيَّنَ مِنْ مَالِكِهِ أَنَّهُ رَاضٍ فَمُقْتَضَى صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنْ يَضْمَنَهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ عَلَى وُجُودِ حَقِيقَةِ الرِّضَا وَعَدَمِهَا وَأَمَّا الْإِثْمُ وَعَدَمُهُ فَيُنَاطُ بِالْعِلْمِ وَعَدَمِهِ وَلَعَلَّ هَذَا أَقْرَبُ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَأْكُلُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَتَّى يَأْكُلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْقَرَائِنِ وَالْعُرْفِ وَمُقْتَضَاهَا.

(قَوْلُهُ وَالنُّصْفَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْقَرَائِنِ.

(قَوْلُهُ مَعَ الرُّفْقَةِ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا انْتَهَى مُخْتَارٌ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ إلَّا مَا يَخُصُّهُ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا إذَا وَكَّلَ الْمَالِكُ الْأَمْرَ إلَيْهِمْ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا رَضِيَ بِهِ بِإِذْنٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَلَوْ فَوْقَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُمْ سم أَقُولُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِلَا شَكٍّ إذْ مُجَرَّدُ التَّقْدِيمِ لَهُمْ لَا يَكُونُ مُمَلِّكًا حَتَّى يَتَسَاوَوْا فِيهِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.

. (قَوْلُهُ أَيْ مَا قُدِّمَ) إلَى قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ الْمَتْنُ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِنَقْلٍ لَهُ إلَى مَحَلِّهِ.

(قَوْلُهُ كَإِطْعَامِ سَائِلٍ أَوْ هِرَّةٍ) أَيْ إلَّا إنْ عَلِمَ رِضَا مَالِكِهِ بِهِ رَوْضٌ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يُفَاوِتْ) أَيْ الْمَالِكُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ إلَخْ) وَاضِحٌ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ دُونَ عَكْسِهِ) زَادَ النِّهَايَةُ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ أَيْ فِيهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ ضَغِينَةً) أَيْ كَسْرَ خَاطِرٍ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ جَمْعٌ عَنْهُ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ عَدَمَ مِلْكِهِ قَبْلَ الِازْدِرَادِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَا لَمْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَقْبِيلٍ وَقَدْ ذُكِرَ فِي إكْرَامِ الْخُبْزِ أَحَادِيثُ لَا أَعْلَمُ فِيهَا شَيْئًا صَحِيحًا وَلَا حَسَنًا هَذَا مَا نَصُّهُ بِحُرُوفِهِ فَهَلْ مَا قَالَهُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا الْجَوَابُ أَمَّا كَوْنُ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ بِدْعَةً فَصَحِيحٌ وَلَكِنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْحَرَامِ بَلْ تَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا بِالتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَا بِالْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ عَنْهُ نَهْيٌ خَاصٌّ أَيْ أَوْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ قَوِيٌّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إكْرَامَهُ لِأَجْلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إكْرَامِهِ فَحَسَنٌ وَدَوْسُهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ مُجَرَّدُ إلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ دَوْسٍ مَكْرُوهٌ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ اهـ.

. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالِازْدِرَادِ إلَخْ) هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا الْمُعْتَمَدُ بِالْحُرِّ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَمْلِكُ (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>