للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَرَجَ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِذَاتِهِ وَفَارَقَ مَا يَأْتِي بِأَنَّ عَدَمَ الْوُقُوعِ هُنَا لِعَدَمِ الصِّفَةِ، وَفِيمَا يَأْتِي لِلدَّوْرِ (لَمْ يَقَعْ قَطْعًا) لِلدَّوْرِ إذْ لَوْ وَقَعَ لَخَرَجَ الْوَطْءُ عَنْ كَوْنِهِ مُبَاحًا، وَلَمْ يَقَعْ، وَلَمْ يَأْتِ هُنَا ذَلِكَ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا انْسَدَّ بِتَصْحِيحِ الدَّوْرِ بَابُ الطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا

(تَنْبِيهٌ) لَيْسَ لِقَاضٍ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ بِتَقْلِيدِ قَائِلِهِ وَصَحَّحْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ مَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ، وَإِلَّا كَانَ حُكْمًا قَبْلَ وَقْتِهِ وَلَوْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي وُقُوعَ طَلْقَةٍ فَحَكَمَ بِإِلْغَائِهَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا بِإِلْغَاءِ ثَانِيَةٍ لَوْ وَقَعَتْ فَإِنْ تَعَرَّضَ فِي حُكْمِهِ لِذَلِكَ فَهُوَ سَفَهٌ وَجَهْلٌ لِإِيرَادِهِ الْحُكْمَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ مُطْلَقًا بِحَيْثُ لَوْ أُوقِعَ طَلَاقٌ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إنْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ لَا الْمُوجِبِ لِمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ

(وَلَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (بِمَشِيئَتِهَا خِطَابًا) كَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ إذَا شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْتِ طَالِقٌ (اُشْتُرِطَتْ) مَشِيئَتُهَا، وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ أَوْ سَكْرَانَةٌ بِاللَّفْظِ مُنَجَّزَةً لَا مُعَلَّقَةً، وَلَا مُؤَقَّتَةً أَوْ بِالْإِشَارَةِ مِنْ خَرْسَاءَ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَعَيُّنُ لَفْظِ شِئْت وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ نَحْوَ أَرَدْت، وَإِنْ رَادَفَهُ إلَّا أَنَّ الْمَدَارَ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ دُونَ مُرَادِفِهِ فِي الْحُكْمِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ فِي إتْيَانِهَا بِشِئْتِ بَدَلَ أَرَدْت فِي جَوَابِ إنْ أَرَدْت لَا يَقَعُ وَمُخَالَفَةُ الْأَنْوَارِ لَهُ فِيهَا نَظَرٌ (عَلَى فَوْرٍ) بِهَا، وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ فِي الْعُقُودِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَخَرَجَ الْوَطْءُ) أَيْ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَتِنَا الَّتِي انْتَفَى الْوُقُوعُ فِيهَا لِلدَّوْرِ، وَإِنْ وَافَقَهَا فِي الْحُكْمِ لَكِنْ فِي هَذَا السِّيَاقِ صُعُوبَةٌ لَا تَخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا يَأْتِي إلَخْ) الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ وَطِئَ فِي الدُّبُرِ لَا تَطْلُقُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَطْءِ الْمُبَاحِ لِذَاتِهِ، وَإِنْ وَطِئَ فِي غَيْرِهِ فَكَذَلِكَ لَكِنْ لِلدَّوْرِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ مُطْلَقًا، وَإِنْ اخْتَلَفَ جِهَةُ عَدَمِ الْوُقُوعِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَقَعْ قَطْعًا اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الصِّفَةِ) وَهِيَ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ لِذَاتِهِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْخِلَافُ) أَشَارَّةٌ إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَفِي صِحَّتِهِ الْخِلَافُ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا) ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ هُنَا وَقَعَ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَنْسَدَّ عَلَيْهِ بَابُ الطَّلَاقِ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحْنَاهُ) أَيْ التَّقْلِيدَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي إلَخْ) اُنْظُرْ صُورَتَهُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْسَانٌ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلْقَةً أَوْ عَلَّقَهَا بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِلْغَائِهَا لِلدَّوْرِ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا بِإِلْغَاءِ ثَانِيَةٍ لَوْ وَقَعَتْ كَأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا أَيْضًا عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى اهـ سم، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَلَك تَصْوِيرُهُ بِالتَّعْلِيقِ بِكُلَّمَا (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِإِلْغَاءِ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ لَوْ وَقَعَتْ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ) أَيْ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ

(قَوْلُهُ: لَا الْمُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ لِمَا يَأْتِي إلَخْ) وَمِنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُوجَبِ يَتَنَاوَلُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالتَّابِعَةَ لَهَا بِخِلَافِهِ بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَةَ فَقَطْ فَلَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِ الْهِبَةِ لِلْفَرْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِمَنْعِ رُجُوعِ الْأَصْلِ لِشُمُولِ حُكْمِ الشَّافِعِيِّ لِلْحُكْمِ بِجَوَازِهِ أَوْ بِصِحَّتِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ لَمْ يَمْنَعْ الشَّافِعِيَّ مِنْ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ أَوْ بِمُوجَبِهِ مَنْعُهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَيْ الطَّلَاقُ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُكْرِهَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ خِطَابًا) أَيْ: وَهُوَ مُخَاطِبٌ لَهَا اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَةُ) أَيْ آثِمَةٌ بِسُكْرِهَا اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: بِاللَّفْظِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مَشِيئَتَهَا وَقَوْلِهِ مُنَجَّزَةً مَفْعُولُهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ بِالْإِشَارَةِ) عَطْفٌ عَلَى بِاللَّفْظِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي لَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ أَخْرَسَ فَأَشَارَ إشَارَةً مُفْهِمَةً وَقَعَ أَوْ نَاطِقٍ فَخَرِسَ فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ نَحْوَ أَرَدْت إلَخْ) يُتَأَمَّلُ انْتِظَامُ تَرْكِيبِهِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ تَوَقُّفِهِ فِي انْتِظَامِهِ فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ زَيْدٌ، وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ لَكِنَّهُ بَخِيلٌ، وَقَدْ بَسَطَ الْمُطَوَّلُ فِي تَوْجِيهِ حُسْنِهِ وَفَصَاحَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ رَادَفَهُ) أَيْ لَفْظُ شِئْت

(قَوْلُهُ: عَلَى اعْتِبَارِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ: وَهُوَ لَفْظُ الْمَشِيئَةِ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: فِي إتْيَانِهَا إلَخْ) أَيْ فِي حُكْمِهِ أَوْ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ) مَفْعُولُ قَالَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَمُخَالَفَةُ الْأَنْوَارِ لَهُ) أَيْ لِلْبُوشَنْجِيِّ

(قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الْمُخَالَفَةِ

(قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ بِالْمَشِيئَةِ وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ مَشِيئَتَهَا عَقِبَ الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ فِي الْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَجْلِسُ التَّوَاجُبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَقْلِيدِ الْقَائِلِ بِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّقْلِيدِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا قَلَّدَ فِيهِ مِمَّا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي وُقُوعَ طَلْقَةٍ إلَخْ) اُنْظُرْ صُورَتَهُ وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْسَانٌ إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلْقَةً أَوْ عَلَّقَهَا بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِلْغَائِهَا لِلدَّوْرِ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْحُكْمُ حُكْمًا بِإِلْغَاءِ ثَانِيَةٍ لَوْ وَقَعَتْ كَأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا أَيْضًا عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ طَلَّقْتُكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ مَشِيئَتِهِمَا أَوْ شَاءَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَهَا أَيْ طَلَاقَ نَفْسِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ أَيْ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَتِهَا وَالثَّانِي، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقُهُمَا عِلَّةٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا بُدَّ فِي مَشِيئَتِهَا بِالنِّسْبَةِ لِطَلَاقِ نَفْسِهِمَا مِنْ الْفَوْرِ بِخِلَافِهَا بِالنِّسْبَةِ لِضَرَّتِهَا لَيْسَتْ تَمْلِيكًا فَيَكْفِي وُجُودُهَا عَلَى التَّرَاخِي بِالنِّسْبَةِ لِضَرَّتِهَا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ لَا مَحَلُّهُ إذَا اقْتَصَرَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ مَشِيئَتِهَا طَلَاقَ نَفْسِهَا فَقَطْ حَتَّى لَوْ شَاءَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ طَلَاقَ ضَرَّتِهَا وَلَوْ مُتَرَاخِيًا طَلُقَتَا فَعُلِمَ أَنَّ طَلَاقَهُمَا قَدْ يَكُونُ بَعْدَ مَشِيئَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثِنْتَانِ عَلَى الْفَوْرِ وَهُمَا مَشِيئَةُ كُلٍّ طَلَاقَ نَفْسِهَا وَثِنْتَانِ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَهُمَا مَشِيئَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا طَلَاقَ الْأُخْرَى وَلَوْ وُجِدَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>