للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَبِالطَّلَاقِ عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْسَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ يَنْسَى فَيَحْلِفَ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ كَمَا بَسَطْته فِي الْفَتَاوَى خِلَافًا لِكَثِيرِينَ، وَإِنْ أَلَّفَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِيهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي يَلْتَئِمُ بِهِ أَطْرَافُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ الظَّاهِرِ التَّنَافِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ أَوْ سَيَكُونُ أَوْ إنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ أَوْ فِي الدَّارِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَوْ اعْتِقَادًا لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ نِسْيَانِهِ لَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ اعْتَقَدَهُ فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَبَطَ حَلِفَهُ بِظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ، وَهُوَ صَادِقٌ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَكَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهِيَ إدْرَاكُ وُقُوعِ النِّسْبَةِ أَوْ عَدَمِهِ بِحَسَبِ مَا فِي ذِهْنِهِ لَا بِحَسَبِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا بِعَدَمِ حِنْثِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا قَوْلُهُمَا فِي الْأَيْمَانِ إنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَاضِي كَالْمُسْتَقْبَلِ وَإِنَّهُ إنْ جَهِلَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا.

وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إجْرَاءِ الْخِلَافِ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَدَّعِ اللُّزُومَ وَالظَّاهِرُ كَافٍ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا قَوْلُهُمَا لَوْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ أَنَّ مَذْهَبَهُ أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ وَعَكَسَ الْحَنَفِيُّ لَمْ يَحْنَثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ الْمَعْذُورِ فِيهِ أَيْ لِعَدَمِ قَاطِعٍ هُنَا، وَلَا مَا يَقْرُبُ مِنْهُ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْفَاتِحَةِ فَإِنَّ أَدِلَّةَ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ لَمَّا قَارَبَتْ الْقَطْعَ نُزِّلْت مَنْزِلَةَ الْقَطْعِيِّ فَأُلْحِقَتْ بِمَا قَبْلَهَا، وَمِنْهَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ لَوْ جَلَسَ مَعَ جَمَاعَةٍ فَقَامَ وَلَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ اسْتَبْدَلْت بِخُفِّك فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَكَانَ خَرَجَ بَعْدَ الْجَمِيعِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ بِمَا لَا يَنْفَعُ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

إلَى قَوْلِهِ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُغْنِي

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْأَظْهَرِ

(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْنَ أَنْ يَنْسَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ) أَيْ الَّذِي هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ هَذَا كُلُّهُ كَمَا رَأَيْت إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبِلٍ أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ اهـ قَالَ الْحَلَبِيُّ قَوْلُهُ هَذَا إلَخْ أَيْ كَوْنُ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ، وَقَوْلُهُ: إذَا حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ كَلَا أَفْعَلُ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ اهـ

(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْسَى إلَخْ) أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ

(قَوْلُهُ: كَأَنْ حَلَفَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْعَكْسِ (قَوْلُهُ جَاهِلًا بِهِ) أَيْ بِالْوُقُوعِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي إدْخَالِهِ فِي تَصْوِيرِ الْعَكْسِ الْمَفْرُوضِ فِي النِّسْيَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ إلَخْ) غَايَةٌ

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) أَيْ حَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ أَوْ يَنْسَى فَيَحْلِفُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ إنْ لَمْ أَكُنْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ أَوْ مَا فَعَلْته أَوْ مَا فَعَلَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ لِظُهْرِ الْعَطْفِ

(قَوْلُهُ: لِجَهْلِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ حَلَفَ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ أَطْلَقَ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا حِنْثَ

(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَكَذَلِكَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ) أَيْ الْوُقُوعَ أَوْ عَدَمَهُ فِي الْمَاضِي

(قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الْحِنْثِ) أَيْ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّا لَمْ نَدَّعِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ إلَخْ مِنْ فَسَادِ النِّزَاعِ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ قَاطِعٍ هُنَا إلَخْ

(قَوْلُهُ: بِمَا قَبْلَهَا) أَيْ مِنْ مَسَائِلِ السُّنِّيِّ وَالْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ الْآتِيَةِ

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ أَخَذَ) أَيْ الزَّوْجُ

(قَوْلُهُ: بَدَلَهُ) أَيْ بَدَلَ خُفِّهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ إلَخْ، وَقَدْ جَعَلَ هَذِهِ الْمُتَقَابِلَاتِ أَقْسَامًا لِقَوْلِهِ وَالْحَاصِلُ إلَخْ الَّذِي مِنْهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ إلَخْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ هُنَا حَنِثَ مُقَيَّدًا بِالتَّبَيُّنِ، وَقَدْ جَعَلَ مِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مَسَائِلَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْسَى فَيَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ كَأَنْ حَلَفَ إلَخْ) قَالَ السُّيُوطِيّ تَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَمَّنْ حَلَفَ أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا أَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ أَوْ كَانَ كَذَا أَوْ لَمْ يَكُنْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ هَلْ يَحْنَثُ فِي الْيَمِينِ وَالطَّلَاقِ أَوْ لَا يَحْنَثُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَأَجَبْت بِأَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ الْحِنْثَ بِخِلَافِ صُورَةِ الِاسْتِقْبَالِ وَأَطَالَ فِي الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يُؤْخَذُ جَوَابُهُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الْحَاصِلِ الْمَذْكُورِ أَيْ بَعْدُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنِّي أَجْوَدُ مِنْ فُلَانٍ فَهَلْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ وَرَجُلٌ حَلَفَ أَنَّ هَذَا الشَّاشَ الَّذِي عَلَى رَأْسِ زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَأَشَارَ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ الشَّاشَ لِغَيْرِهِ وَكَانَ الْحَالِفُ عَهِدَ شَاشَ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ فَهَلْ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْإِشَارَةِ عَلَى الظَّنِّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا وَرَجُلٌ أَكْرَهَ زَيْدًا عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي مَجْلِسِهِ بِطَلْقَةٍ فَلَمْ يَرْفَعْهَا فِي مَجْلِسِهِ ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ فِي التَّرْسِيمِ وَخَلَعَ زَوْجَتَهُ بِطَلْقَةٍ عَلَى عِوَضٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ إكْرَاهًا، وَلَا يَحْنَثُ أَمْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِصَرِيحِ الْخُلْعِ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَمَا هُوَ الْأَجْوَدُ هَلْ الْأَفْضَلُ دِينًا أَوْ النَّسِيبُ أَوْ الْأَكْرَمُ الْجَوَابُ الْأَحْوَالُ الثَّلَاثَةُ تَارَةً يَعْرِفُ النَّاسُ أَنَّ الْحَالِفَ أَجْوَدُ أَيْ أَدْيَنُ مِنْ الْآخَرِ فَلَا حِنْثَ وَتَارَةً يَعْرِفُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَدْيَنُ مِنْهُ فَيَحْنَثُ وَتَارَةً لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا مُتَقَارِنَيْنِ فِي الدِّينِ أَوْ النَّسَبِ لَا، وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا أَمْيَزُ فَلَا حِنْثَ لِلشَّكِّ وَمَسْأَلَةُ الشَّاشِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدِي وَلِي فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفٌ وَمَسْأَلَةُ الْمُخَالِعِ يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ اهـ وَأَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِي جَوَابِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْحَاصِلِ فَإِنَّ الْمُوَافِقَ لِعَدَمِ الْحِنْثِ بِالْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا ظَنَّ الْحَالِفُ أَنَّهُ أَجْوَدُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْوَاقِعِ، وَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>