الْمَقْصُودِ مِنْ التَّعْلِيقِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أَعْلَمْ، وَإِنْ تَحَقَّقَ عِلْمُهُ لَكِنْ طَالَ الزَّمَنُ بِحَيْثُ قَرُبَ نِسْيَانُهُ لِذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ (فَكَذَلِكَ) لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ أَوْ الْمُعَلَّقِ بِهِ أَوْ مُكْرَهًا عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ أَنْ يُعَلَّقَ بِانْتِقَالِ زَوْجَتِهِ مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا فَيَحْكُمُ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِيَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَيْسَ مِنْ تَفْوِيتِ الْبِرِّ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ إلَيْهِ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ نَظَائِرُهُ أَوْ جَاهِلًا بِالتَّعْلِيقِ أَوْ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَعْرِفَةَ كَوْنِهِ مِمَّنْ يُبَالِي بِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيِّنَةٍ، وَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِقَوْلِ الزَّوْجِ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ مَا يَضُرُّهُ عَلَى مَا يَأْتِي، وَلَا الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ لِسُهُولَةِ عِلْمِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَالْإِكْرَاهِ بِخِلَافِ دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ أَوْ الْجَهْلَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ كَمَا لَوْ فَوَّضَ إلَيْهَا الطَّلَاقَ بِكِنَايَةٍ فَأَتَتْ بِهَا وَقَالَتْ لَمْ أَنْوِ وَكَذَّبَهَا لَا تَطْلُقُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَتَابِعِيهِمَا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ تَطْلُقُ بِاعْتِرَافِهِ، وَهُوَ وَجِيهٌ، وَإِنْ رُدَّ بِأَنَّ شَرْطَ الْإِقْرَارِ أَنْ يَكُونَ بِمَا يُمْكِنُ الْمُقِرُّ أَنْ يَعْلَمَ بِهِ وَعِلْمُهُ بِالنِّيَّةِ أَوْ بِالتَّذَكُّرِ وَالتَّعَمُّدِ مُتَعَذِّرٌ فَلَمْ يَقْتَضِ تَكْذِيبَهُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ وَغَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّا شَاكُّونَ فِي الْوُقُوعِ وَالشَّكُّ فِيهِ لَا أَثَرَ لَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي مُجَرَّدِ تَكْذِيبِهِ لَهَا أَمَّا لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ بِنَفَقَتِهَا مَثَلًا فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي؛ لِأَنَّك نَوَيْت فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ طَلُقَتْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ نُكُولَهَا قَرِينَةٌ مُسَوِّغَةٌ لِحَلِفِهِ فَكَانَ كَإِقْرَارِهَا وَيَجْرِي هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِكُلِّ مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا كَمَحَبَّتِهَا لَهُ وَادَّعَاهَا فَأَنْكَرَتْ.
وَمِنْ دَعْوَى الْجَهْلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ أَنْ تُرِيدَ الْخُرُوجَ لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَيَحْلِفُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ فَتَخْرُجُ ثُمَّ تَدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى الْخُرُوجِ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ وَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَيْهِ فَلَا حِنْثَ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى صِدْقِهَا فِي اعْتِقَادِهَا الْمَذْكُورِ
ــ
[حاشية الشرواني]
اعْتِبَارِ الْقَصْدِ فِي التَّعْرِيفِ
(قَوْلُهُ: الْمَقْصُودِ) أَيْ الِامْتِنَاعِ
(قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْغَيْرِ بِلَا يَمِينٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ مُكْرَهًا إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْحَالِفِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ عِبَارَةُ سم بَعْدَ كَلَامٍ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَى هَذَا فَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مُكْرَهًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ هُوَ الْمُكْرِهَ لَهُ اهـ وَأَقَرَّهُ ع ش
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يُعَلِّقَ بِانْتِقَالِ زَوْجَتِهِ إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِمَا يُوَافِقُ ذَلِكَ أَوَّلًا ثُمَّ أَفْتَى بِمَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنِّي إفْتَاءٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ أَوْ عَلَيْهَا أَيْ الزَّوْجَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِيَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى سَبَبٌ ظَاهِرٌ عَادَةً فِي الْحُكْمِ وَالتَّسَبُّبُ إلَيْهِ تَفْوِيتٌ لِلْبِرِّ بِالِاخْتِيَارِ اهـ سم أَيْ كَمَا مَرَّ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ
(قَوْلُهُ: أَوْ جَاهِلًا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى نَاسِيًا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَشَاجَرَ مَعَ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَبِنْتِهَا فِي مَنْزِلِهَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَأْتِي إلَيْهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَمْ تَشْعُرْ الزَّوْجَةُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ أَتَتْ إلَى مَنْزِلِ زَوْجِهَا هَلْ تَطْلُقُ الزَّوْجَةُ أَمْ لَا، وَهُوَ عَدَمُ الْحِنْثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَمَتَى عَادَتْ إلَى مَنْزِلِ وَالِدَتِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى مَنْزِلِ زَوْجِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْحَلِفِ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ آنِفًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَعْوَاهُ) أَيْ الْمُعَلَّقِ بِفِعْلِهِ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مَعَ تَكْذِيبِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَضَمِّنًا لِلِاعْتِرَافِ بِالْحِنْثِ، وَقَدْ يَتَّجِهُ خِلَافُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّ أَصْلَ الصِّفَةِ وُجِدَ هُنَا وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ كَالنِّسْيَانِ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِخُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ، وَهِيَ عَدَمَهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِوُجُودِ أَصْلِ الصِّفَةِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ لَفْظَ الْكِنَايَةِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُؤَثِّرُ فَلَمْ يَقَعْ اتِّفَاقٌ عَلَى أَصْلِ الْمُؤَثِّرِ م ر اهـ سم أَقُولُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَهُوَ وَجِيهٌ، وَإِنْ رُدَّ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ وَجِيهٌ) لَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: وَعِلْمُهُ بِالنِّيَّةِ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِنَايَةِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمَنْهَجِ وَقَصَدَ إعْلَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا هـ مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ أَنْ يُعَلِّقَ بِانْتِقَالِ زَوْجَتِهِ مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا إلَخْ) يُوَافِقُ ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ عَلَّقَ أَنَّهُ مَتَى نَقَلَ زَوْجَتَهُ مِنْ سَكَنِ أَبِيهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَرِضَا أَبَوَيْهَا وَأَبْرَأَتْهُ مِنْ قِسْطٍ مِنْ أَقْسَاطِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ كَانَتْ طَالِقَةً طَلْقَةً تَمْلِكُ بِهَا نَفْسَهَا فَهَلْ لَهُ حِيلَةٌ فِي نَقْلِهَا، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَحْكُمُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ بِانْتِقَالِهَا مَعَ زَوْجِهَا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلَاقًا هـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ، وَإِنْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَالدَّعْوَى، وَفِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ مَا نَصُّهُ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ إلَى مِصْرَ فِي هَذِهِ السَّفِينَةِ فَجَاءَ رَئِيسُ السَّفِينَةِ وَاسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ فِيهَا إجَارَةُ عَيْنٍ ثُمَّ ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي وَأَرْسَلَ خَلْفَهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ لِيُسَافِرَ مَعَهُ إلَى مِصْرَ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ إجَارَةَ عَيْنٍ لِلْعَمَلِ فِي سَفِينَتِهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ فَأَلْزَمهُ الْحَاكِمُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ فِي السَّفِينَةِ لِتَوْفِيَةِ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَسَافَرَ فِيهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يَكُونُ إلْزَامُ الْحَاكِمِ لِلسَّفَرِ مَعَهُ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذْ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ الْإِكْرَاهِ فِي شَيْءٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَ زَوْجَتِهِ فَاسْتَأْجَرَتْهُ لِلْإِينَاسِ بِهِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِالْمَبِيتِ عِنْدَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِمَا ذُكِرَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنِّي إفْتَاءٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعَى إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى سَبَبٌ ظَاهِرٌ عَادَةً فِي الْحُكْمِ وَالتَّسَبُّبُ إلَيْهِ تَفْوِيتٌ لِلْبِرِّ بِالِاخْتِيَارِ، وَفِي الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَخْرَجَهَا فَهَلْ يَكُونُ إذْنًا لَهَا وَجْهَانِ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ اهـ مَا ذُكِرَ عَنْ الرَّوْضِ هُنَا ذَكَرَهُ أَيْضًا آخَرَ الْبَابِ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ إلَخْ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَتَطْلُقُ هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ تَعْلِيقًا مَحْضًا اهـ وَقَدْ حَذَفْت مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ اسْتِغْنَاءً بِمَا هُنَا قَالَ فِي شَرْحِهِ فَتَطْلُقُ لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إخْرَاجُهُ إيَّاهَا بِنَحْوِ قَوْلِهِ اُخْرُجِي، وَإِلَّا قَتَلْتُك؛ لِأَنَّ هَذَا إذْنٌ مِنْهُ اهـ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَعَلَى هَذَا فَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مُكْرَهًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ هُوَ الْمُكْرِهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الزَّوْجُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ مَعَ تَكْذِيبِهِ، وَإِنْ