الْحِنْثُ بِأَكْلِ جَمِيعِهَا وَأَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَارِحٌ لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ذَكَرَ التَّمْرَةَ وَأَكْلُهَا مَضْغٌ يُزِيلُ اسْمَهَا فَلَمْ تَبْلَعْ تَمْرَةً وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ انْتَفَى الْمَضْغُ كَانَ الِابْتِلَاعُ غَيْرَ الْأَكْلِ كَمَا يَأْتِي وَحَيْثُ وُجِدَ الْمَضْغُ كَانَ عَيْنَهُ مَا لَمْ يَزُلْ بِالْمَضْغِ اسْمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي عَكْسِهِ بِأَنْ عَلَّقَ بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَا حِنْثَ كَمَا قَالَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي هُنَا وَاعْتَمَدَاهُ وَنُسِبَ لِلْأَكْثَرَيْنِ لَكِنْ جَرَيَا فِي مَوَاضِعَ عَلَى الْحِنْثِ وَخَرَجَ بِبَادَرَتْ مَا لَوْ أَمْسَكْتهَا لَحْظَةً فَتَطْلُقُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الشَّرْطُ تَأَخُّرَ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ فَيَحْنَثُ إنْ تَوَسَّطَتْ أَوْ تَقَدَّمَتْ وَمَعَ تَأَخُّرِهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ فَذِكْرُهَا تَصْوِيرٌ
(وَلَوْ اتَّهَمَهَا بِسَرِقَةٍ فَقَالَ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ سَرَقْت مَا) نَافِيَةٌ (سَرَقْت لَمْ تَطْلُقْ) لِصِدْقِهَا فِي أَحَدِهِمَا يَقِينًا فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ لَمْ تَتَخَلَّصْ بِذَلِكَ
(وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَالْخَلَاصُ) مِنْ الْحِنْثِ يَحْصُلُ بِطَرِيقَةٍ هِيَ (أَنْ تَذْكُرَ) مِنْ الْوَاحِدِ إلَى مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ أَوْ (عَدَدًا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) عَادَةً (ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا وَاحِدًا حَتَّى تَبْلُغَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) عَادَةً لِيَدْخُلَ عَدَدُهَا فِي جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَتْهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ: لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخَبَرِ صِدْقٌ فَلَوْ قَالَ إنْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِهِ كَاذِبَةً طَلُقَتْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا وَمَفْعُولًا كَرَمْيِ حَجَرٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ بِخِلَافِ مُحْتَمَلِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ كَالْقُدُومِ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْإِخْبَارِ بِالْعَدَدِ التَّلَفُّظُ بِذِكْرِ الْعَدَدِ الَّذِي فِي الرُّمَّانَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَالَ بِأَكْلِ بَعْضٍ اهـ سم
(قَوْلُهُ: الْحِنْثُ بِأَكْلِ جَمِيعِهَا) وَهُوَ كَذَلِكَ نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الِابْتِلَاعَ أَكْلٌ) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَصَوَابُهُ وَأَنَّ الْأَكْلَ ابْتِلَاعٌ كَمَا نُقِلَ مِنْ تَعْبِيرِ الزَّرْكَشِيّ وَبِهِ عَبَّرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَدْ يُنَازَعُ فِي كَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي هَذَا وَيَدَّعِي أَنَّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْأَكْلَ ابْتِلَاعٌ مُطْلَقًا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَبْتَلِعُ فَأَكَلَ حَنِثَ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ فِي الْمَتْنِ إنَّمَا هُوَ بِالِابْتِلَاعِ وَاقْتَضَى قَوْلُهُ بِأَكْلِ بَعْضٍ أَنَّهَا لَوْ أَكَلَتْ الْجَمِيعَ حَنِثَ اهـ أَقُولُ وَيُوَافِقُ مَا قَالَاهُ وُرُودُ الِاعْتِرَاضِ الْآتِي
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَ الْمَضْغُ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ شَارِحٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغَنِّي قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ، وَهُوَ وَاضِحٌ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ إذَا ذَكَرَ التَّمْرَةَ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ أَكَلَهَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَأَكَلَهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْفَرْضِ
(قَوْلُهُ: لَا حِنْثَ كَمَا قَالَاهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْأَكْلِ فَابْتَلَعَتْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ ابْتَلِعْ، وَلَمْ يَأْكُلْ وَوَقَعَ لَهُ كَأَصْلِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ عَكْسُ هَذَا وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَ أَحَدَ الْمَوْضِعَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ، وَالْبَلْعُ لَا يُسَمَّى فِيهَا أَكْلًا وَالْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ وَالْبَلْعُ يُسَمَّى فِيهِ أَكْلًا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ اهـ وَأَقَرَّهَا سم قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ أَيْ إنْ اضْطَرَبَ الْعُرْفُ فَإِنْ اطَّرَدَ فَهُوَ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ إلَّا إذَا اطَّرَدَ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ: فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَابَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تُعَدِّي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَذَكَرَهَا) أَيْ ثُمَّ تَصْوِيرُ هَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ كَانَ ثُمَّ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ مِنْ كَلَامِ الْمُعَلِّقِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا يَقُولُهُ الْمُعَلِّقُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فِي الْمَتْنِ، وَأَنَّ الَّتِي فِيهِ إنَّمَا هِيَ لِبَيَانِ اعْتِبَارِ تَأْخِيرِ الْحَالِفِ يَمِينَ الْإِمْسَاكِ سم وَرَشِيدِيٌّ
(قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِالصِّدْقِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) أَيْ فِي أَمْرِ هَذِهِ السَّرِقَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَقَالَتْ سَرَقْت مَا سَرَقْت) خَرَجَ مَا لَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا اهـ سم
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي إلَخْ) أَيْ أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ سم أَقُولُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْمَتْنِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي إلَخْ) ، وَأَمَّا الْبِشَارَةُ فَمُخْتَصَّةٌ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ السَّارِّ الصِّدْقِ قَبْلَ الشُّعُورِ فَإِذَا قَالَ لِنِسَائِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُنَّ بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتْهُ وَاحِدَةٌ بِذَلِكَ ثَانِيًا بَعْدَ إخْبَارِ غَيْرِهَا أَوْ كَانَ غَيْرَ سَارٍّ بِأَنْ كَانَ بِسُوءٍ أَوْ، وَهِيَ كَاذِبَةٌ أَوْ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ مِنْ غَيْرِهِنَّ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ نَعَمْ مَحَلُّ اعْتِبَارِ كَوْنِهِ سَارًّا إذَا أُطْلِقَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَبَرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ فَإِنْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ اُكْتُفِيَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ كَارِهًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي، وَفِيهِمَا هُنَا فُرُوعٌ فَرَاجِعْ (قَوْلُ الْمَتْنِ عَدَدًا إلَخْ) أَيْ كَمِائَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ انْحِصَارُ الْخَلَاصِ فِيمَا ذَكَرَ
(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا) أَيْ كَحَبِّ الرُّمَّانَةِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
عَلَى الْعُرْفِ، وَهُوَ فِيهِ يُسَمَّى أَكْلًا اهـ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ ذَكَرَ التَّمْرَةَ) قَدْ يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَعَلَّقَ بِرَمْيِهَا إلَخْ صَادِقٌ مَعَ تَعْبِيرِ الْحَالِفِ بِنَحْوِ إنْ أَكَلْت هَذِهِ إلَخْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لِلَفْظِ التَّمْرَةِ
(قَوْلُهُ: فَذَكَرَهَا) أَيْ ثَمَّ تَصْوِيرٌ إنَّمَا يَتَّجِهُ هَذَا الْكَلَامُ لَوْ ذَكَرَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلَفْظِ الْحَالِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لِبَيَانِ اعْتِبَارِ تَأْخِيرِ الْحَالِفِ يَمِينَ الْإِمْسَاكِ وَأَنْ عَطَفَهَا هُوَ بِالْوَاوِ وَكَمَا يَصْدُقُ بِذَلِكَ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَقَالَتْ سَرَقْت مَا سَرَقْت) خَرَجَ مَا لَوْ اقْتَصَرَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ قُلْت: يُشْكِلُ عَلَى الْوُقُوعِ حِينَئِذٍ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَجُهِلَ حَالُهُ قُلْت الْفَرْقُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا انْتِفَاءُ الصِّدْقِ، وَقَدْ كَانَ مُحَقَّقًا قَبْلَ قَبُولِهَا مَا ذَكَرَ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْغُرَابِ عَدَمُ الْغَرَابِيَّةِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ حَتَّى يُسْتَصْحَبَ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُعْلِمِينِي بِالصِّدْقِ) أَيْ أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا وَقَعَ مَعْدُودًا إلَخْ) هَذَا يَحْتَاجُ لِبَيَانٍ إذْ