للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَوْجِيهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ هُنَا وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ الَّتِي قَرَّرُوهَا فِي الطَّلَاقِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُهُمْ قُلْت نَعَمْ يُمْكِنُ إذْ نَظِيرُ مَا هُنَا ثَمَّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا غَيْرُ خَفِيٍّ إذْ كُلٌّ مِنْ الدُّخُولِ وَالْكَلَامِ مَثَلًا وَقَعَ شَرْطًا لِلطَّلَاقِ مُحْتَمِلًا لِلتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ وَلَيْسَ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ رَبْطٌ وَلَا مُنَاسَبَةٌ شَرْعِيَّانِ يُقْضَى بِهِمَا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ اللَّفْظُ فَرَجَعَ لِإِرَادَتِهِ وَقِيلَ عِنْدَ عَدَمِهَا أَوْ تَعَذُّرِ مَعْرِفَتِهَا لَا طَلَاقَ إلَّا إنْ تَقَدَّمَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ وَأَمَّا هُنَا فَبَيْنَ الشَّرْطَيْنِ الْوَطْءِ وَالظِّهَارِ ذَلِكَ فَقُضِيَ بِهِمَا عَلَى اللَّفْظِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْوَطْءَ هُنَا لَمَّا تَعَلَّقَ بِهِ الْعِتْقُ صَارَ كَالظِّهَارِ فِي تَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِهِ أَيْضًا فَكَانَ بَيْنَهُمَا ارْتِبَاطٌ وَمُنَاسَبَةٌ شَرْعِيَّانِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَى إرَادَتِهِ وَلَا عَدَمِهَا اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِذَلِكَ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ إنْ ظَاهَرْتُ، لَيْسَ شَرْطًا لِمُطْلَقِ وُقُوعِ الْعِتْقِ بَلْ لِكَوْنِهِ عَنْهُ ظَاهِرًا فَحَسْبُ وَالْإِيلَاءُ لَيْسَ مَشْرُوطًا بِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْ الظِّهَارِ لِتَعَذُّرِهِ بَلْ بِمُطْلَقِ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَتَّحِدْ الْجَزَاءُ وَيَتَعَدَّدُ الشَّرْطُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْقَاعِدَةِ وَأَيْضًا فَالْإِيلَاءُ لَيْسَ جَزَاءً مَذْكُورًا فِي اللَّفْظِ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُرَتَّبٌ عَلَى وُقُوعِ مِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ.

وَفَرْقٌ بَيْنَ الْجَزَاءِ اللَّفْظِيِّ وَالْجَزَاءِ الْحُكْمِيِّ إذْ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ عَلَى حِدَتِهِ فَنَظَرْنَا لِمَا بَيْنَهُمَا وَحَكَمْنَا بِمَا تَقْتَضِيهِ اللُّغَةُ أَوْ الْعُرْفُ بِخِلَافِ الثَّانِي إذْ الْإِيلَاءُ يَتَعَلَّقُ بِكُلٍّ مِنْ أَجْزَاءِ جُمْلَةِ الشَّرْطَيْنِ وَجَزَائِهِمَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِمَا بَيْنَ أَجْزَائِهَا بِتَقَدُّمٍ وَلَا تَأَخُّرٍ فَاتَّضَحَ مَا ذُكِرَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَتَأَتَّى فِيهِ تِلْكَ الْقَاعِدَةُ أَصْلًا فَتَأَمَّلْهُ.

(أَوْ) قَالَ (إنْ وَطِئْتُكِ فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمُولٍ)

ــ

[حاشية الشرواني]

تَحْقِيقُهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الطَّلَاقِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ فَحَيْثُ اقْتَضَى التَّعْلِيقُ تَقْدِيمَ الظِّهَارِ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ كَانَ إيلَاءً وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ الِاقْتِضَاءُ قَدْ يَكُونُ بِنِيَّةِ الْمُولِي وَقَدْ يَكُونُ بِقَرِينَةٍ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ أَيْ وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ انْتَهَتْ بِأَدْنَى زِيَادَةٍ مِنْ ع ش (قَوْلُهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ إلَخْ) وَهُوَ إطْلَاقُ قَوْلِهِمْ الْمَارُّ فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا إلَخْ. (قَوْلُهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ) أَيْ بِعَدَمِ الْجَعْلِ. (قَوْلُهُ قُلْت نَعَمْ يُمْكِنُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي جَمِيعِ هَذَا الْجَوَابِ مَعَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ اهـ سم. (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ يُقْضَى) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى رَجَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِهَا) أَيْ الْإِرَادَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ تَعَذَّرَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى عَدَمِهَا. (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ مِنْ الشَّرْطَيْنِ. (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الرَّبْطِ وَالْمُنَاسَبَةِ الشَّرْعِيَّيْنِ.

(قَوْلُهُ فَقُضِيَ بِهِمَا إلَخْ) أَيْ بِالرَّبْطِ وَالْمُنَاسَبَةِ الشَّرْعِيَّيْنِ. (قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْبَيَانُ مِنْ الْعَجَائِبِ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّ وَجْهَ الِارْتِبَاطِ وَالْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ هُنَا تَعَلُّقُ الْجَزَاءِ الْمَذْكُورِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مُتَحَقِّقٌ فِي مِثَالِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ إذْ الْجَزَاءُ مُتَعَلِّقٌ فِيهِ بِكُلٍّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ اهـ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ مُرَادُ الشَّارِحِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْعِتْقِ بِالظِّهَارِ ذَاتِيٌّ شَرْعًا سَوَاءٌ وُجِدَ التَّعْلِيقُ كَمِثَالِ الْمَتْنِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مِثَالِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ تَعَلَّقَ الْجَزَاءُ بِكُلٍّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ فِيهِ جَعْلِيٌّ حَصَلَ بِالتَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ فَقُضِيَ بِهِمَا إلَخْ) أَيْ حُكِمَ بِسَبَبِهِمَا بِمَفْهُومِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إرَادَةٍ اهـ كُرْدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ إنْ ظَاهَرْتُ إلَخْ) أَقُولُ حَاصِلُهُ مَنْعُ اتِّحَادِ الْجَزَاءِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي الْقَاعِدَةِ لَكِنْ لَا يَخْفَى فَسَادُ مَا ذَكَرَهُ أَمَّا أَوْ لَا فَمِنْ الْوَاضِحِ أَنْ لَيْسَ الْجَزَاءُ فِي هَذَا الْكَلَامِ إلَّا قَوْلَهُ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَأَنْ لَيْسَ الشَّرْطَانِ إلَّا قَوْلَهُ إنْ وَطِئْتُكِ وَقَوْلُهُ إنْ ظَاهَرْتُ فَاتِّحَادُ الْجَزَاءِ حِينَئِذٍ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْكَلَامِ مَشْرُوطًا وَلَا شَرْطًا إذْ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْجَزَاءِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْإِيلَاءُ بَلْ وَلَيْسَ مَشْرُوطًا فِي الْوَاقِعِ بِالْعِتْقِ لَا عَنْ الظِّهَارِ وَلَا مُطْلَقًا كَيْفَ وَهُوَ مُتَحَقِّقٌ قَبْلَ الْعِتْقِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ وُجُودِ الْعِتْقِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَشْرُوطًا بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَشْرُوطٌ بِالظِّهَارِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا فَتَدَبَّرْ اهـ سم.

وَلَك أَنْ تَمْنَعَ الْفَسَادَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّ جَزَاءَ الشَّرْطِ الثَّانِي فِي نَفْسِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ وَجَزَاءَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ فِي نَفْسِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الثَّانِي مُطْلَقُ الْعِتْقِ وَقَيْدُ (عَنْ ظِهَارِي) بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَغْوٌ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا وَالْفَسَادَ الثَّانِيَ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ مَعَ جَزَائِهِ فِي نَفْسِهِ صِيغَةُ إيلَاءٍ فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِالْإِيلَاءِ جُزْؤُهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْوَطْءُ. (قَوْلُهُ عَنْهُ ظَاهِرًا) لَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ ظِهَارٍ. (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِهِ إلَخْ) أَيْ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ. (قَوْلُهُ وَيَتَعَدَّدُ الشَّرْطُ) بِالْجَزْمِ عَطْفًا عَلَى يَتَّحِدُ الشَّرْطُ. (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَالْإِيلَاءُ لَيْسَ جَزَاءً إلَخْ) أَقُولُ هَذَا مِنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الظِّهَارُ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قُلْت نَعَمْ يُمْكِنُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي جَمِيعِ هَذَا الْجَوَابِ مَعَ التَّأَمُّلِ الصَّادِقِ.

(قَوْلُهُ وَبَيَانُهُ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا الْبَيَانُ مِنْ الْعَجَائِبِ إذْ حَاصِلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ أَنَّ وَجْهَ الِارْتِبَاطِ وَالْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ هُنَا تَعَلُّقُ الْجَزَاءِ الْمَذْكُورِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مُتَحَقِّقٌ فِي مِثَالِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ إذْ الْجَزَاءُ مُتَعَلِّقٌ فِيهِ بِكُلٍّ مِنْ الشَّرْطَيْنِ {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: ٩١] . (قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ إنْ ظَاهَرْتُ إلَخْ) أَقُولُ حَاصِلُهُ مَنْعُ اتِّحَادِ الْجَزَاءِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي الْقَاعِدَةِ لَكِنْ لَا يَخْفَى بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ صَادِقٍ فَسَادُ مَا ذَكَرَهُ أَمَّا أَوَّلًا فَمِنْ الْوَاضِحِ أَنْ لَيْسَ الْجَزَاءُ فِي هَذَا الْكَلَامِ إلَّا قَوْلَهُ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي وَأَنْ لَيْسَ الشَّرْطَانِ إلَّا قَوْلَهُ إنْ وَطِئْتُك وَقَوْلُهُ إنْ ظَاهَرْتُ فَاتِّحَادُ الْجَزَاءِ حِينَئِذٍ مِمَّا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي هَذَا الْكَلَامِ مَشْرُوطًا وَلَا شَرْطًا إذْ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْجَزَاءِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْإِيلَاءُ بَلْ وَلَيْسَ مَشْرُوطًا فِي الْوَاقِعِ بِالْعِتْقِ لَا عَنْ الظِّهَارِ وَلَا مُطْلَقًا كَيْفَ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْعِتْقِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ وُجُودِ الْعِتْقِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَشْرُوطًا بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَشْرُوطٌ بِالظِّهَارِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ وَأَيْضًا فَالْإِيلَاءُ لَيْسَ جَزَاءً مَذْكُورًا فِي اللَّفْظِ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا مِنْ أَعْجَبْ الْعَجَائِبِ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ فِي بَحْثِهِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَدَّعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>