مِنْ الْمُخَاطَبَةِ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ الضَّرَّةِ الْوَاقِعَ بِوَطْءِ الْمُخَاطَبَةِ يَضُرُّهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِثْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِك أَوْ طَلَاقُك بِنَاءً عَلَى مَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ أَنَّ فِيهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لَكِنَّهُمَا جَرَيَا هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ شَيْءٌ فَحِينَئِذٍ لَا إيلَاءَ انْتَهَى (فَإِنْ وَطِئَ) فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ (وَزَالَ الْإِيلَاءُ) إذْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا بَعْدُ.
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ الْكُلِّ إذْ الْمَعْنَى لَا أَطَأُ جَمِيعَكُنَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَؤُلَاءِ، وَفَارَقَتْ مَا بَعْدَهَا بِأَنَّ هَذِهِ مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ وَتِلْكَ مِنْ بَابِ عُمُومِ السَّلْبِ كَمَا يَأْتِي (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ وَلَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ أَوْ فِي الدُّبُرِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ يَشْمَلُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) لِحِنْثِهِ حِينَئِذٍ بِوَطْئِهَا (فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ الْإِيلَاءُ) لِتَحَقُّقِ امْتِنَاعِ الْحِنْثِ إذْ الْوَطْءُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَا فِي الْحَيَاةِ أَمَّا بَعْدَ وَطْئِهَا وَقَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَيَاتِ فَلَا يَزُولُ (وَلَوْ قَالَ) لَهُنَّ وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُ) وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَلَمْ يُرِدْ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُبْهَمَةً بِأَنْ أَرَادَ الْكُلَّ أَوْ أَطْلَقَ كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ حَمْلًا لَهُ عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِلْعُمُومِ فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ وَيَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ عَنْ الْبَاقِيَاتِ.
أَمَّا إذَا أَرَادَ وَاحِدَةً فَيَخْتَصُّ بِهَا وَيُعَيِّنُهَا أَوْ يُبَيِّنُهَا أَوْ لَا أُجَامِعُ (كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْهُنَّ عَلَى حِدَتِهَا لِعُمُومِ السَّلْبِ لِوَطْئِهِنَّ بِخِلَافِ لَا أَطَؤُكُنَّ فَإِنَّهُ لِسَلْبِ الْعُمُومِ أَيْ لَا يَعُمُّ وَطْئِي لَكُنَّ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً حَنِثَ وَزَالَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَزُولُ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ؛ لِأَنَّ الرَّافِعِيَّ فِي بَحْثِهِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَدَّعِ أَنَّ الْإِيلَاءَ جَزَاءٌ مُطْلَقًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ جَزَاءً مَذْكُورًا فِي اللَّفْظِ وَإِنَّمَا مُدَّعَاهُ أَنَّ الْجَزَاءَ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي تَوَسَّطَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ.
وَقَضِيَّةُ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الظِّهَارُ هُنَا تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ فَلَوْ تَقَدَّمَ الْوَطْءُ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِتْقِ بِالْوَطْءِ مَشْرُوطٌ بِتَقَدُّمِ الظِّهَارِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَعْنِي أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذَكَرَ يَصِيرُ مُولِيًا إذَا حَصَلَ الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْعِتْقِ فَقَدْ بَانَ فَسَادُ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَاعْجَبُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا غَيْرُ خَفِيٍّ وَقَوْلِهِ ثَانِيًا فَاتَّضَحَ مَا ذَكَرُوهُ إلَخْ اهـ سم
. (قَوْلُهُ مِنْ الْمُخَاطَبَةِ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُك فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى وَقَدْ يُوَجَّهُ. (قَوْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ إلَخْ) قَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا وَطِئَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ بَلْ الْوَاجِبُ إمَّا كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى مَا فِي النَّذْرِ أَوْ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَى مَا هُنَا اهـ ع ش. (قَوْلُهُ لَكِنَّهُمَا جَرَيَا هُنَا إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ فَحِينَئِذٍ لَا إيلَاءَ) فَرْعٌ: لَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ النَّزْعِ عَيْنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا فَالْوَاجِبُ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ فَلَوْ اسْتَدَامَ الْوَطْءَ وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ ابْتِدَاءً وَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ وَإِذَا نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ فَإِنْ كَانَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ نُظِرَ فَإِنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ فَوَطْءُ شُبْهَةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ عَلِمَا فَزِنًا وَإِنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ أَوْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ دُونَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَالْمَهْرُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا، أَوْ هِيَ دُونَهُ وَقَدَرَتْ عَلَى الدَّفْعِ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ لَهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَزَالَ الْإِيلَاءُ) وَاضِحٌ فِي التَّعْلِيقِ بِغَيْرِ كُلَّمَا أَيْ كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَإِنْ عُلِّقَ بِهَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ عَدَمُ زَوَالِهِ بِأَنْ تَكُونَ عِدَّةُ الضَّرَّةِ بِالْأَقْرَاءِ وَكَانَتْ لَا تَرَى الدَّمَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ كَنَحْوِ عَامٍ وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ
. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ) إلَى قَوْلِهِ بِمَا لَا يَدْفَعُهُ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِتَكْلِيمِ الْجَمِيعِ وَالْكَلَامُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُ وَاحِدًا مِنْهُمْ حَنِثَ بِتَكْلِيمِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ اهـ ع ش أَيْ وَإِذَا كَلَّمَ وَاحِدًا مِنْهُمْ حَنِثَ وَانْحَلَّ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِينَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ جَمَاعَةٍ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ. (قَوْلُهُ أَمَّا بَعْدَ وَطْئِهَا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ قَبْلَ وَطْءٍ أَيْ أَمَّا لَوْ مَاتَتْ بَعْدَ وَطْئِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا أَرَادَ وَاحِدَةً إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ أَرَادَ الِامْتِنَاعَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُعَيَّنَةٍ فَمُولٍ مِنْهَا فَقَطْ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي إرَادَتِهَا وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً وَكَانَ مُولِيًا مِنْ إحْدَاهُنَّ وَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ فَإِذَا عَيَّنَ كَانَ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ. (قَوْلُهُ فَيَخْتَصُّ) أَيْ الْإِيلَاءُ. (قَوْلُهُ وَيُعَيِّنُهَا) أَيْ فِي صُورَةِ الْإِبْهَامِ أَوْ بَيْنَهُمَا أَيْ فِي صُورَةِ التَّعْيِينِ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ) كَمَا لَوْ أَفْرَدَهَا بِالْإِيلَاءِ فَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ فَلِكُلٍّ مُطَالَبَتُهُ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَعُمُّ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِسَلْبِ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ فَإِذَا وَطِئَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ سم وع ش (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَنَّ الْإِيلَاءَ جَزَاءٌ مُطْلَقًا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ جَزَاءً مَذْكُورًا فِي اللَّفْظِ وَإِنَّمَا مُدَّعَاهُ أَنَّ الْجَزَاءَ هُنَا وَهُوَ قَوْلُهُ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي تَوَسَّطَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ وَقَضِيَّةُ الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي هُوَ الظِّهَارُ هُنَا تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْوَطْءُ فَلَوْ تَقَدَّمَ الْوَطْءُ لَمْ يَعْتِقْ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الْعِتْقِ بِالْوَطْءِ مَشْرُوطٌ بِتَقَدُّمِ الظِّهَارِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَعْنِي أَنَّهُ أَرَادَ مَا ذَكَرَ يَصِيرُ مُولِيًا إذَا حَصَلَ الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْعِتْقِ فَقَدْ بَانَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ لِلْعَاقِلِ فَسَادُ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَأَعْجَبْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا غَيْرُ خَفِيٍّ وَقَوْلِهِ ثَانِيًا فَاتَّضَحَ مَا ذَكَرُوهُ إلَخْ {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: ٢]
(قَوْلُهُ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْن فَمُولٍ مِنْ كُلّ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر