إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ مَنْ أَنْفَقَ فِي نِكَاحٍ، أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي عَقْدِهِمَا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ الْمُؤَنَ بِوَضْعِ الْيَدِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَيَحْصُلُ (وَلَوْ) بِحَبْسِهَا ظُلْمًا، أَوْ بِحَقٍّ وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ وَهُوَ الزَّوْجُ إلَّا إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً وَعَلِمَ عَلَى الْأَوْجَهِ، ثُمَّ رَأَيْت أَبَا زُرْعَةَ أَفْتَى بِذَلِكَ.
فَإِنْ قُلْت: مَا ذُكِرَ فِي حَبْسِ الزَّوْجِ لَهَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هُوَ الْحَابِسُ يُمْكِنُهُ التَّمَتُّعُ بِهَا فِيهِ، أَوْ بِإِخْرَاجِهَا مِنْهُ إلَى مَحَلٍّ لَائِقٍ، ثُمَّ يُعِيدُهَا إلَيْهِ قُلْت: كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَعُدْ قَادِرًا عَلَيْهَا أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ بِهَا ذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا الْحَبْسُ فَلَمْ يُفِدْهُ شَيْئًا، فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا لِلسَّفَرِ مَعَهُ فَأَقَرَّتْ بِدَيْنٍ فَمَنَعَهَا الْمُقَرُّ لَهُ مِنْهُ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ مَا لَمْ يُسَافِرْ يُعَدُّ مُتَمَكِّنًا مِنْهَا بِلَا مَشَقَّةٍ فَالِامْتِنَاعُ إنَّمَا هُوَ مِنْهُ بِخِلَافِهِ فِيمَا هُنَا، وَتَعَيُّنُ السَّفَرِ عَلَيْهِ نَادِرٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، أَوْ بِاعْتِدَادِهَا لِوَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ بِغَصْبِهَا، أَوْ (بِمَنْعِ) الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ مِنْ نَحْوِ (لَمْسٍ) ، أَوْ نَظَرٍ بِتَغْطِيَةِ وَجْهِهَا، أَوْ تَوْلِيَةٍ عَنْهُ، وَإِنْ مَكَّنَتْهُ مِنْ الْجِمَاعِ (بِلَا عُذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ كَالْوَطْءِ بِخِلَافِهِ بِعُذْرٍ كَأَنْ كَانَ بِفَرْجِهَا قُرْحَةٌ، وَعَلِمَتْ أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهَا وَاقَعَهَا (وَعَبَالَةُ زَوْجٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ أَيْ: كِبَرُ ذَكَرِهِ بِحَيْثُ لَا تَحْتَمِلُهُ (أَوْ مَرَضٌ) بِهَا (يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ) ، أَوْ نَحْوُ حَيْضٍ (عُذْرٌ) فِي عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الْوَطْءِ فَتَسْتَحِقُّ الْمُؤَنَ، وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرِفَتُهَا إلَّا بِنَظَرِهِنَّ إلَيْهِمَا مَكْشُوفَيْ الْفَرْجَيْنِ حَالَ انْتِشَارِ عُضْوِهِ جَازَ لِيَشْهَدْنَ، وَلَيْسَ لَهَا امْتِنَاعٌ مِنْ زِفَافٍ لِعَبَالَةٍ بِخِلَافِ الْمَرَضِ لِتَوَقُّعِ شِفَائِهِ (وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ) أَيْ: مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي رَضِيَ بِإِقَامَتِهَا فِيهِ، وَلَوْ بِبَيْتِهَا أَوْ بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ لِعِبَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي
ــ
[حاشية الشرواني]
مَا لَوْ جَهِلَ نُشُوزَهَا فَأَنْفَقَ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَالُ بَعْدُ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ تَكُنْ مَحْبُوسَةً عِنْدَهُ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ: فَاسِدٍ) رَاجِعٌ لِلنِّكَاحِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَهِلَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْفَسَادُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ شَرَعَ إلَخْ) فِيهِ وَقْفَةٌ لَا تَخْفَى اهـ.
رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَحْصُلُ) أَيْ: النُّشُوزُ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَبْسِهَا ظُلْمًا) إلَى قَوْلِهِ: وَعَلِمَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِحَقٍّ إلَخْ) وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاسْتِدَانَةِ ثُمَّ حُبِسَتْ فِي الدَّيْنِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي التَّفْلِيسِ اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ إلَخْ) غَايَةٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ بِحَقٍّ فَقَطْ رَشِيدِيٌّ وَع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ إنْ كَانَ التَّعْمِيمُ بِالنِّسْبَةِ لِلظُّلْمِ، وَالْحَقِّ فَهُوَ وَاضِحُ الْفَسَادِ وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي فَقَطْ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: إلَّا إنْ كَانَتْ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْحَابِسُ هُوَ الزَّوْجُ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى سُقُوطُهَا بِحَبْسِهَا لَهُ وَلَوْ بِحَقٍّ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْحُ م ر اهـ.
سم (قَوْلُهُ: وَعَلِمَ) أَيْ: الزَّوْجُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ حَبَسَهَا الزَّوْجُ بِدَيْنِهِ هَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قِبَلِهِ؟ ، وَالْأَقْرَبُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّهَا إنْ مَنَعَتْهُ مِنْهُ عِنَادًا سَقَطَتْ، أَوْ لِإِعْسَارٍ فَلَا وَلَا أَثَرَ لِزِنَاهَا وَإِنْ حَبِلَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا اهـ.
فَأَطْلَقَ الْإِعْسَارَ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) وَجِيهٌ اهـ.
سم (قَوْلُهُ: أَفْتَى بِذَلِكَ) أَيْ: بِاسْتِثْنَاءِ الْمُعْسِرَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ بِالدُّخُولِ بِمَحَلِّ الْحَبْسِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِإِخْرَاجِهَا إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فِيهِ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ: الْمَحْبُوسَةِ، وَالتَّمَتُّعِ بِهَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ: حَبْسِ الزَّوْجَةِ حَيْثُ سَقَطَ بِهِ النَّفَقَةُ (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي شَرْحِ إلَّا أَنْ يُشْرِفَ عَلَى انْهِدَامٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِدَادِهَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْخُرُوجُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَمِنْ الْإِذْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِدَادِهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِحَبْسِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِغَصْبِهَا) وَمِنْهُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْمَرْأَةِ إذَا عَرَضَ عَلَيْهِمْ أَمْرٌ مِنْ الزَّوْجِ أَخَذُوهَا قَهْرًا عَلَيْهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً مَا دَامَتْ عِنْدَهُمْ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْعِ الزَّوْجَةِ إلَخْ) قَالَ الْإِمَامُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعَ دَلَالٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ لَمْسٍ) أَيْ: مِنْ مُقَدَّمَاتِ الْوَطْءِ اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ تَوْلِيَتِهِ) أَيْ: وَجْهَهَا وَقَوْلُهُ: عَنْهُ أَيْ: عَنْ الزَّوْجِ تُنَازِعُ فِيهِ التَّغْطِيَةُ، وَالتَّوْلِيَةُ (قَوْلُ الْمَتْنِ: بِلَا عُذْرٍ) وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ كَثْرَةُ جِمَاعِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَبُطْءُ إنْزَالِهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً اهـ.
ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالضَّرَرِ هُنَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي لَهُ فِي رُكُوبِ الْبَحْرِ اهـ.
سَيِّدُ عُمَرَ وَمَرَّ آنِفًا عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُ حَيْضٍ) أَيْ: مِمَّا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ كَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَصَنًّا وَهُوَ بِالْفَتْحِ، وَالْقَصْرِ مَرَضٌ مُدْنِفٌ، وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِنْ قَارَنَتْ تَسْلِيمَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا أَعْذَارٌ بَعْضُهَا يَطْرَأُ، أَوْ يَزُولُ وَبَعْضُهَا دَائِمٌ وَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِيهَا وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَتَسْتَحِقُّ الْمُؤَنَ) أَيْ: مَعَ مَنْعِ الْوَطْءِ لِعُذْرِهَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ لِحُصُولِ التَّسْلِيمِ الْمُمْكِنِ وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَثْبُتُ عَبَالَتُهُ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا يَثْبُتُ بِهِ الْمَرَضُ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا اهـ: ع ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَيْتَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ بَيْتَهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِيَادَةٍ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَعَبَّرَ الْمُغْنِي بِالْمُوَحَّدَةِ فَقَالَ وَسَوَاءٌ كَانَ لِعِيَادَةٍ كَحَجٍّ أَمْ لَا اهـ.
(قَوْلُهُ: الْآتِي)
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ سُقُوطُ سَكَنِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ الْوَاقِعِ فِيهِمَا النُّشُوزُ م ر ش (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ إلَخْ) كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَبْسِهَا ظُلْمًا، أَوْ بِحَقٍّ، وَإِنْ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الِاسْتِدَانَةِ، ثُمَّ حُبِسَتْ فِي الدَّيْنِ لَمْ تَسْقُطْ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي التَّفْلِيسِ. اهـ.
وَقِيَاسُ اعْتِمَادِ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ سُقُوطُهَا بِحَبْسِهِ لَهَا بِحَقٍّ م ر (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً إلَخْ) لَا مَحِيصَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهَا بِحَبْسِهَا لَيْسَ إلَّا الْحَيْلُولَةَ، وَلَا حَيْلُولَةَ مَعَ ظُلْمِهِ بِحَبْسِهَا، وَقُدْرَتِهِ عَلَى إخْرَاجِهَا (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) هُوَ وَجِيهٌ (قَوْلُهُ: أَيْ: مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي رَضِيَ إلَخْ) كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: الْآتِي) فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِزِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ تَسْقُطْ