للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ كَالْعَاجِزِ عَنْ السُّتْرَةِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَهِيَ صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَيَحْرُمُ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَيُبْطِلُهَا الْحَدَثُ وَنَحْوُهُ كَرُؤْيَةٍ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ، وَلَوْ بِمَحِلٍّ لَا يُسْقِطُ الْقَضَاءَ وَيُتَّجَهُ جَوَازُهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ خِلَافًا لِبَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ تَأْخِيرُهَا إلَى ضِيقِهِ مَا دَامَ يَرْجُو مَاءً أَوْ تُرَابًا وَعَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ أَفْتَى بِفِعْلِهِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَيُوَجَّهُ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا عَلَى الدَّفْنِ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ بِهِ فَفُعِلَتْ وَفَاءً بِحُرْمَةِ الْمَيِّتِ كَحُرْمَةِ الْوَقْتِ فِي غَيْرِهَا لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا أَيْ؛ لِأَنَّهَا فِي مَرْتَبَةِ النَّفْلِ كَمَا مَرَّ، ثُمَّ رَأَيْته عَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا فِي حَقِّ الْمَيِّتِ إذَا تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلِأَنَّهَا فِي حُكْمِ النَّفْلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اهـ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ قَوْلُ الْقَفَّالِ يُصَلَّى فِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ وَسَبَقَهُمَا لِذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ لَا يَجُوزُ إقْدَامُهُ عَلَى فِعْلِهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا مُتَّسِعٌ وَلَا تَفُوتُ بِالدَّفْنِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ فِي الْحَضَرِ يُصَلِّي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ النَّفَلُ الْمُلْحَقَةُ هِيَ بِهِ وَوَقَعَ لِلْأَذْرَعِيِّ أَنَّهُ نَاقَضَ نَفْسَهُ فَقَالَ فِي بَابِ الْجَنَائِزِ مَنْ لَا يَسْقُطُ بِتَيَمُّمِهِ الْفَرْضُ وَفَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ إنْ تَعَيَّنَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا صَلَّى قَبْلَ الدَّفْنِ، ثُمَّ أَعَادَهَا إذَا وَجَدَ الطُّهْرَ الْكَامِلَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لَهُ وَجْهٌ ظَاهِرٌ فَلْيُجْمَعْ بِهِ بَيْنَ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ وَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ الثَّانِي وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَكَفَاقِدِهِمَا مَنْ عَلَيْهِ بِحَيْثُ خَشِيَ مِنْ إزَالَتِهِ مُبِيحَ تَيَمُّمٍ أَوْ حُبِسَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ الْمَذْكُورِ مَا عَدَاهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَفُّلٌ وَلَا قَضَاءُ فَائِتَةٍ.

ــ

[حاشية الشرواني]

لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَيَقْضِي بَعْدَ ذَلِكَ ع ش. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ اللُّزُومُ. (قَوْلُهُ كَالْعَاجِزِ عَنْ السُّتْرَةِ) قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ. (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْكَلَامِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ وَيُتَّجَهُ جَوَازُهَا إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَالزِّيَادِيِّ حَيْثُ قَالُوا وَاللَّفْظُ لِلثَّانِي وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا رَجَا أَحَدَ الطَّهُورَيْنِ حَتَّى يَضِيقَ الْوَقْتُ اهـ. (قَوْلُهُ خِلَافًا لِبَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ) أَفْتَى بِبَحْثِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَلْ يَجْرِي بَحْثُهُ فِي الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُهَا يَمْنَعُهُ فِعْلُهَا لِكَوْنِهَا لَا تُقَامُ إلَّا أَوَّلَ الْوَقْتِ سم. (قَوْلُهُ مَا دَامَ يَرْجُو مَاءً أَوْ تُرَابًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِمَا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الطَّلَبِ فَإِذَا طَلَبَ وَلَمْ يَجِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَإِنْ وَصَلَ إلَى حَدِّ الْيَأْسِ عَادَةً مِنْ أَحَدِهِمَا صَلَّى وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَمْ يُصَلِّ إلَّا بَعْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَإِذَا تَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْحَالَيْنِ، ثُمَّ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ بِأَنْ حَدَثَ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ ذَلِكَ بَطَلَتْ.

وَأَمَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ الْمَاءِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْطِلَهَا حَيْثُ لَا رَجَاءَ وَلَا حَدَثَ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ الْوُجُودُ لِلْمَاءِ سم وَقَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ إلَخْ وَمِثْلُ الْمَاءِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي التُّرَابُ. (قَوْلُهُ بِفِعْلِهِ) أَيْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ. (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ سم أَيْ فَيُوَافِقُ مَا يَأْتِي آخِرًا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ الْقَفَّالِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ فِي أَنَّهَا تُؤَدَّى مَعَ مَكْتُوبَةٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَقِيَاسُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ وَهُمْ مَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ يَخَافُ مِنْ غَسْلِهَا وَمَنْ حُبِسَ عَلَيْهَا لَا يُصَلُّونَهَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فِي فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَنَقَلَهُ فِي بَابِهَا عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَفَّالِ اهـ وَقَوْلُهُ لَا يُصَلُّونَهَا إلَخْ قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ بِأَنَّ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ فَيُدْفَنُ الْمَيِّتُ بِلَا صَلَاةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْته) أَيْ الزَّرْكَشِيَّ. (قَوْلُهُ إقْدَامُهُ) أَيْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَفُوتُ) أَيْ فِعْلُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ. (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الْإِقْدَامِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةُ الْعَدَمِ الْمُنَافَاةُ. (قَوْلُهُ إنْ تَعَيَّنَتْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ صَلَّى) أَيْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ كَالنَّفْلِ فِي أَنَّهَا تُؤَدَّى مَعَ مَكْتُوبَةٍ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَقِيَاسُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ أَيْ فَاقِدَ الطَّهُورَيْنِ وَمَنْ بِبَدَنِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ حُبِسَ بِمَكَانٍ نَجِسٍ لَا يُصَلُّونَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا حَصَلَ فَرْضُهَا بِغَيْرِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ مَنْ صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَسْجُدُ فِيهَا لِتِلَاوَةٍ وَلَا سَهْوٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا وَإِلَّا وَجَبَ السُّجُودُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ سم وع ش وَقَلْيُوبِيٍّ. (قَوْلُهُ بَيْنَ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ إلَخْ) أَيْ وَأَطْلَقَ. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا قَوْلُ الثَّانِي) أَيْ الَّذِي تَبِعَ الزَّرْكَشِيَّ. قَوْلُهُ: (وَكَفَاقِدِهِمَا) إلَى قَوْلِهِ قِيلَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ. (قَوْلُهُ أَوْ حُبِسَ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ يُصَلِّي وُجُوبًا إيمَاءً بِأَنْ يَنْحَنِيَ لِلسُّجُودِ بِحَيْثُ لَوْ زَادَ أَصَابَهُ وَيُعِيدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ مَا عَدَاهُ) يَشْمَلُ الْمَنْذُورَةَ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ مِنْ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ حُبِسَ عَلَيْهَا أَمَّا فَاقِدُ السُّتْرَةِ فَلَهُ التَّنَفُّلُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعَادَةِ لَهُ كَدَائِمِ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يُقَالُ إنَّ هَذَا لَيْسَ وَقْتَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي نَحْوِ مَكَّةَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَحَلٍّ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ شَرْحَ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ قَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِرُؤْيَةِ التُّرَابِ بِمَا إذَا كَانَ بِمَحَلٍّ يُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ، ثُمَّ قَالَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْهُ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِبَحْثِ الْأَذْرَعِيِّ أَفْتَى بِبَحْثِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَلْ يَجْرِي بَحْثُهُ فِي الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُهَا يَمْنَعُهُ فِعْلَهَا لِكَوْنِهَا لَا تُقَامُ إلَّا فِي الْوَقْتِ (قَوْلُهُ مَا دَامَ يَرْجُو مَاءً أَوْ تُرَابًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِمَا عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الطَّالِبِ فَإِذَا طَلَبَ وَلَمْ يَجِدْ وَاحِدًا مِنْهُمَا فَإِنْ وَصَلَ إلَى حَدِّ الْيَأْسِ عَادَةً مِنْ أَحَدِهِمَا صَلَّى، وَلَوْ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَمْ يُصَلِّ إلَّا بَعْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَإِذَا تَلَبَّسَ بِالصَّلَاةِ فِي الْحَالَيْنِ، ثُمَّ تَوَهَّمَ وُجُودَ الْمَاءِ بِأَنْ حَدَثَ مَا يَحْتَمِلُ مَعَهُ ذَلِكَ بَطَلَتْ.

وَأَمَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ وُجُودِ الْمَاءِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُبْطِلَهَا حَيْثُ لَا رَجَاءَ وَلَا حُدُوثَ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ الْوُجُودُ لِلْمَاءِ. (قَوْلُهُ وَيُوَجَّهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَنَفُّلٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ وَلِهَذَا احْتَاجَ إلَى النِّيَّةِ بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصَّلَاةِ نَعَمْ إنْ كَانَ مَأْمُومًا وَسَجَدَ إمَامُهُ لِلسَّهْوِ فَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُ مُتَابَعَتِهِ إيَّاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>