للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِنْكَارُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ إلَّا فَرْضَ عَيْنٍ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ نَفِيسٌ.

(وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِالزِّيَارَةِ) بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ، وَلَا الصَّلَاةُ وَالِاعْتِكَافُ وَالطَّوَافُ عَنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْقَصْدُ الْأَعْظَمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ وَفِي الْأَوَّلِ إحْيَاءُ تِلْكَ الْمَشَاعِرِ. (تَنْبِيهٌ)

مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَيُّنِهِمَا هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَصَرِيحُ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ تَعَيُّنُ الْحَجِّ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي غَيْرُهُ وَلَوْ الْعُمْرَةَ وَحْدَهَا، وَصَرِيحُ عِبَارَةِ أَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِهَا، بَلْ وَبِنَحْوِ الصَّلَاةِ فَنَقَلَ شَارِحٌ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَعَيُّنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَصْلِهَا تَعَيُّنَهُمَا غَيْرَ مُطَابِقٍ لِمَا فِيهِمَا إلَّا بِتَأْوِيلٍ فَتَأَمَّلْهُ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ النُّسُكِ غَيْرَ فَرْضِ كِفَايَةٍ مِمَّنْ لَا يُخَاطَبُ بِهِ كَالْأَرِقَّاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِهِ كَمَا مَرَّ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، كَمَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ سُقُوطِ فَرْضِ السَّلَامِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِرَدِّ غَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْمِينُ وَلَيْسَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهِ، وَهُنَا الْقَصْدُ ظُهُورُ الشِّعَارِ وَهُوَ حَاصِلٌ؛ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَعَيَّنَ قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَائِمِينَ بِذَلِكَ مِنْ عَدَدٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ عُرْفًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْزَاءِ وَاحِدٍ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ وَالشَّفَاعَةُ، وَهُمَا حَاصِلَانِ بِهِ وَهُنَا الْإِحْيَاءُ وَإِظْهَارُ ذَلِكَ الشِّعَارِ الْأَعْظَمِ، فَاشْتُرِطَ فِيهِ عَدَدٌ يَظْهَرُ بِهِ ذَلِكَ

(وَدَفْعُ ضَرَرِ) الْمَعْصُومِ مِنْ (الْمُسْلِمِينَ) وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْأَمَانِ عَلَى الْقَادِرِينَ، وَهُمْ مَنْ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُمْ وَلِمُمَوَّنِهِمْ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْقَلْبِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَرْضُ عَيْنٍ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَجَبَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. سم

وَعِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: بَلْ الْوَجْهُ إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ إذْ مُسْتَنَدُهُمْ فِي التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ الْحَدِيثُ وَهُوَ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» فَمَعْنَى فَبِقَلْبِهِ عَلَى مَا يُعْطِيهِ السِّيَاقُ فَلْيُغَيِّرْهُ بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَتَوَجَّهَ بِهِمَّتِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إزَالَتِهِ وَهَذَا لَا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهُ فِي عُمُومِ النَّاسِ فَحَسُنَ عَدُّ رُتْبَةِ الْأَمْرِ بِالْقَلْبِ الْمُرَادُ لِيُطَابِقَ الْحَدِيثَ النَّبَوِيَّ فَتَأَمَّلْهُ إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهِ وَبِفَرْضِ تَحَقُّقِهِ فِي عُمُومِ النَّاسِ وَأَنَّ الْفَرْضَ التَّوَجُّهُ سَوَاءٌ صَدَرَ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ لَا يُجِيبَ تَوَجُّهَهُ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِتَوَجُّهِ الْبَعْضِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَجُّهُ الْجَمِيعِ بِخِلَافِ الْكَرَاهِيَةِ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَهَا فِي فَرْدٍ يُنَافِي الْإِيمَانَ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. اهـ.

أَقُولُ تَوْجِيهُهُ الْأَخِيرُ بَعْدَهُ ظَاهِرٌ وَتَوْجِيهُهُ الْأَوَّلُ الْجَارِي عَلَى مَشْرَبِ الصُّوفِيِّ وَجِيهٌ فِي ذَاتِهِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ عُمُومُ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا» فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْقَلْبِ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ الْمُثَنَّى الرَّاجِعِ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِحْيَاءُ الْكَعْبَةِ) أَيْ وَالْمَوَاقِفُ الَّتِي هُنَاكَ رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ كُلَّ سَنَةٍ) (فَائِدَةٌ)

الْحُجَّاجُ فِي كُلِّ عَامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كُمِّلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ (قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) أَيْ وَلَوْ بِالْقِرَانِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَوَّلِ) اهـ قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. اهـ. ع ش

وَالصَّوَابُ أَنَّهُ هُوَ الْحَجُّ (قَوْلُهُ: فَنَقَلَ شَارِحٌ إلَخْ) مِمَّنْ نَقَلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِأَنْ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى كَانَ فَانْظُرْهَا. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ عَقِبَ الْمَتْنِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَجِّ وَالِاعْتِمَارِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بَدَلَ الزِّيَارَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَنَقَلَ غَيْرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَابِقٍ إلَخْ) خَبَرٌ فَنَقْلُ شَارِحٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَأْوِيلٍ) مَرَّ آنِفًا عَنْ سم (قَوْلُهُ: وَيُتَصَوَّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا أَيْ كَوْنِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ حَصَلَ بِمَا أَتَى بِهِ سُقُوطُ فَرْضِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ كِفَايَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ التَّطَوُّعِ أُجِيبَ بِأَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ جِهَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ، وَجِهَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْإِحْيَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْعِبَادَةِ فَرْضًا كَاللُّمْعَةِ الْمُغْفَلَةِ فِي الْوُضُوءِ تُغْسَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى وَلِهَذَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَلَوْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكَانَ جَوَابًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَا يُخَاطَبُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيُتَصَوَّرُ وَلَوْ قَالَ فِيمَنْ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: كَالْأَرِقَّاءِ إلَخْ) لَعَلَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينِ) أَيْ بِأَنْ يُحْرِمَ الْوَلِيُّ عَنْ الْمَجَانِينِ وَكَذَا عَنْ الصِّبْيَانِ أَوْ بِإِذْنِ الْمُمَيَّزِينَ مِنْهُمْ فِي الْإِحْرَامِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ نُسُكَ مَنْ ذُكِرَ مَعَ ذَلِكَ أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ فِي الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ سُقُوطِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: فَرْضِ السَّلَامِ) أَيْ فَرْضِ جَوَابِهِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا تَسْقُطُ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ إلَخْ) أَيْ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: الْمَعْصُومُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَا يَسْتُرُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ إلَى وَنَذْرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى وَفَاءِ دُيُونِهِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْفَقِيهُ مِنْ الْكُتُبِ وَالْمُحْتَرِفُ مِنْ الْآلَاتِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِمُمَوَّنِهِمْ) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْغَنِيِّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَالٌ يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَلِمُمَوَّنِهِ جَمِيعَ السَّنَةِ بَلْ يَكْفِي فِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَرْضُ عَيْنٍ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ أَمْكَنَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِنَحْوِ الْيَدِ وَجَبَتْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا فَلَا فَتَأَمَّلْهُ سم

(قَوْلُهُ: بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) وَلَوْ بِالْقِرَانِ م ر. (قَوْلُهُ: فَنَقْلُ شَارِحٍ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَعَيُّنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) مِمَّنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْمَحَلِّيُّ، وَهُوَ مُشْكِلٌ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَةِ الرَّوْضَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ بِأَنْ فِي عِبَارَتِهِ بِمَعْنَى كَأَنْ فَانْظُرْهَا. (قَوْلُهُ: وَالْمَجَانِينِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>