للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَيْنًا لِلْوَاحِدِ وَكِفَايَةً لِلْجَمَاعَةِ كَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَجَوَابِهِ (ابْتِدَاؤُهُ) بِهِ عِنْدَ إقْبَالِهِ أَوْ انْصِرَافِهِ عَلَى مُسَلِّمٍ لِلْخَبَرِ الْحَسَنِ: «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» .

وَفَارَقَ الرَّدَّ بِأَنَّ الْإِيحَاشَ وَالْإِخَافَةَ فِي تَرْكِ الرَّدِّ أَعْظَمُ مِنْهُمَا فِي تَرْكِ الِابْتِدَاءِ. وَأَفْتَى الْقَاضِي بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ أَفْضَلُ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: ابْتِدَاؤُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، نَعَمْ يُحْتَمَلُ فِي تَكَلُّمٍ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَعُذِرَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ الِابْتِدَاءُ بِهِ فَيَجِبُ جَوَابُهُ، أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ، وَلَوْ أَرْسَلَ سَلَامَهُ لِغَائِبٍ يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ بِصِيغَةٍ مِمَّا مَرَّ، كَقُلْ لَهُ: فُلَانٌ يَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْك لَا بِنَحْوِ سَلِّمْ لِي عَلَيْهِ عَلَى مَا قِيلَ، وَاَلَّذِي فِي الْأَذْكَارِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ: أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا، وَقَالَ: سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ، لَزِمَ الرَّسُولَ أَنْ يُبَلِّغَهُ بِنَحْوِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك كَمَا فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا. فَإِنَّهُ أَمَانَةٌ وَيَجِبُ أَدَاؤُهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

وَبَرَكَاتُهُ عَلَى السَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا أَكْمَلُ مِنْ تَرْكِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَكْفِي وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَإِنْ أَتَى الْمُسَلِّمُ بِلَفْظِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ} [النساء: ٨٦] الْآيَةُ اهـ.

(قَوْلُهُ عَيْنًا) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَجَوَابَهُ، وَإِلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إنْ سَكَتَ فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ إلَّا فِيمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالتَّسْمِيَةِ لِلْأَكْلِ) أَيْ: وَلِلْجِمَاعِ (قَوْلُهُ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ) وَالْأُضْحِيَّةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَجَوَابِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى كَوْنِهِ سُنَّةً كِفَايَةً مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْآتِي أَنَّ جَوَابَ التَّشْمِيتِ إنَّمَا يُسَنُّ لِلْعَاطِسِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى تَعَدُّدِ الْعَاطِسِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ: بِالسَّلَامِ وَتَقْدِيرُهُ لَفْظَةَ " بِهِ " مَبْنِيٌّ عَلَى إرْجَاعِ ضَمِيرٍ ابْتِدَاؤُهُ لِلشَّخْصِ، وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلسَّلَامِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي وَاسْتَغْنَى عَنْ التَّقْدِيرِ عِبَارَتُهُ أَيْ: السَّلَامُ عَلَى كُلِّ مُسَلِّمٍ حَتَّى عَلَى الصَّبِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ عِنْدَ إقْبَالِهِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ ذِكْرِ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مُسَلِّمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ " بِهِ " وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِالْإِقْبَالِ وَالِانْصِرَافِ عَلَى التَّنَازُعِ وَإِعْمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ) أَيْ: ابْتِدَاءُ السَّلَامِ حَيْثُ كَانَ سُنَّةً (قَوْلُهُ بِأَنَّ الِابْتِدَاءَ) أَيْ: مَعَ كَوْنِهِ سُنَّةً أَفْضَلُ أَيْ: مِنْ الرَّدِّ الْفَرْضِ وَقَوْلُهُ إنَّهُ أَيْ: الْمُسَلِّمَ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ تَكَلُّمٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا وَمِنْهُ صَبَاحُ الْخَيْرِ ثُمَّ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ تَكَلَّمَ لَا يُبْطِلُ الِاعْتِدَادَ بِهِ فَيَجِبُ الرَّدُّ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الرَّدُّ إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ إلَخْ بُطْلَانُهُ بِالتَّكَلُّمِ وَإِنْ قَلَّ، وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ مَا مَرَّ بِالِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا وَمَا هُنَا بِمَا إذَا قَلَّ الْفَاصِلُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِأَنَّهُ بِالْكَلَامِ يُعَدُّ مُعْرِضًا عَنْ الْبَيْعِ وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْأَمَانُ، وَقَدْ وُجِدَ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ فَلَا يَضُرُّ الْكَلَامُ بِهِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ، وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ مِنْ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَشْتَغِلُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَا بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يُعَدُّ قَابِلًا لِلْأَمَانِ بَلْ مُعْرِضًا عَنْهُ فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يَفُوتُ الِابْتِدَاءُ) وَمِثْلُهُ الرَّدُّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا الذِّمِّيُّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ) فَإِنْ بَانَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ ذِمِّيًّا فَلْيَقُلْ لَهُ نَدْبًا اسْتَرْجَعْت سَلَامِي أَوْ رُدَّ سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ وَيَسْتَثْنِيهِ وُجُوبًا وَلَوْ بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَبْدَؤُهُ بِتَحِيَّةٍ غَيْرِ السَّلَامِ أَيْضًا كَأَنْعَمَ اللَّهُ صَبَاحَك وَأَصْبَحْت بِالْخَيْرِ إلَّا لِعُذْرٍ وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ كَتَبَ نَدْبًا بِالسَّلَامِ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى وَلَوْ قَامَ عَلَى جَلِيسٍ فَسَلَّمَ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَمَنْ دَخَلَ دَارًا نُدِبَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ، وَإِنْ دَخَلَ مَوْضِعًا خَالِيًا نُدِبَ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، وَيُنْدَبُ أَنْ يُسَمِّيَ قَبْلَ دُخُولِهِ وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، ثُمَّ يُسَلِّمُ بَعْدَ دُخُولِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ لِغَائِبٍ إلَخْ) يَنْبَغِي وَلَوْ فَاسِقًا فَيَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ الْأَمَانَةَ، وَإِنْ جَازَ تَرْكُ رَدِّ سَلَامِ الْفَاسِقِ زَجْرًا م ر اهـ سم اهـ ع ش (قَوْلُهُ يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ إلَخْ) خَرَجَ الْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ اهـ سم (قَوْلُهُ بِصِيغَةٍ إلَخْ) حَالٌ مِنْ سَلَامِهِ (قَوْلُهُ لَا بِنَحْوِ سَلِّمْ لِي عَلَيْهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّسُولُ بِصِيغَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ يَقُولُ: لَك السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ السَّلَامُ عَلَيْك مِنْ فُلَانٍ كَمَا أَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ قُلْ لَهُ فُلَانٌ يَقُولُ لَك السَّلَامُ عَلَيْك يَكْفِي قَوْلُ الرَّسُولِ فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ م ر اسم وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ عَنْ الرَّشِيدِيِّ.

(قَوْلُهُ لَزِمَ الرَّسُولَ إلَخْ) جَوَابٌ وَلَوْ أَرْسَلَ إلَخْ زَادَ الْمُغْنِي وَيَجِبُ الرَّدُّ كَمَا مَرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ أَنْ يُبَلِّغَهُ) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ بِأَنْ نَسِيَ ذَلِكَ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ بِنَحْوِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ صِيغَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مِمَّا مَرَّ مِنْ الْمُرْسِلِ وَلَا مِنْ الرَّسُولِ وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: فَإِنْ أَتَى الْمُرْسِلُ بِصِيغَةٍ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَحَاوَلَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ رَدَّ كَلَامِهِ إلَى كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَا لَا يَقْبَلُهُ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي الْأَذْكَارِ أَيْضًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: ابْتِدَاؤُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) فِي الرَّوْضِ عَطْفًا عَلَى الْمُسْتَحَبِّ وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْكَلَامِ اهـ. وَلَمْ يَزِدْ شَرْحُهُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لَهُ. (قَوْلُهُ لِغَائِبٍ) يَنْبَغِي وَلَوْ فَاسِقًا فَيَلْزَمُهُ تَبْلِيغُهُ؛ لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ الْأَمَانَةَ وَإِنْ جَازَ تَرْكُ رَدِّ سَلَامِ الْفَاسِقِ زَجْرًا م ر. (قَوْلُهُ: يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ) خَرَجَ الْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ. (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ سَلِّمْ لِي عَلَيْهِ) أَيْ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الرَّسُولُ بِصِيغَةٍ مُعْتَبَرَةٍ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ يَقُولُ لَك السَّلَامُ عَلَيْك فَيَكْفِي قَوْلُ الرَّسُولِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّيغَةِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ م ر.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>