للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِ تِلْكَ الْأَمَانَةِ، أَمَّا لَوْ رَدَّهَا فَلَا، وَكَذَا إنْ سَكَتَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ وَكَمَا لَوْ جُعِلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدِيعَةٌ فَسَكَتَ، وَيُحْتَمَلُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَعَدَمِهِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: قَالُوا يَجِبُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ تَبْلِيغُهُ وَمَحَلُّهُ إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّحَمُّلِ لِتَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ؛ إذْ تَكْلِيفُهُ الْوُجُوبَ بِمُجَرَّدِ الْوَصِيَّةِ بَعِيدٌ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ، بَلْ إذَا اجْتَمَعَ بِهِ وَذَكَرَ بَلِّغْهُ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَصْدُ مَحَلِّهِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ شَدِيدَةً عُرْفًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ مَا أَمْكَنَ وَاجِبٌ، فَإِنْ قُلْت: الْوَاجِبُ فِي الْوَدِيعَةِ التَّخْلِيَةُ لَا الرَّدُّ. قُلْت: مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ بِهَا، وَإِلَّا وَجَبَ إعْلَامُهُ بِقَصْدِهِ إلَى مَحَلِّهِ أَوْ إرْسَالُ خَبَرِهَا لَهُ مَعَ مَنْ يَثِقُ بِهِ فَكَذَا هُنَا؛ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا فِي الْأَمَانَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ يَلْزَمُهُ فَوْرًا إنْ عَرَفَ مَالِكَهُ إعْلَامُهُ بِهِ، (إلَّا عَلَى) نَحْوِ (قَاضِي حَاجَةٍ) بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ جِمَاعٍ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ مُكَالَمَتَهُ بَعِيدَةٌ عَنْ الْأَدَبِ، (وَ) شَارِبٍ وَ (آكِلٍ) فِي فَمِهِ اللُّقْمَةُ لِشُغْلِهِ عَنْ الرَّدِّ، (وَ) كَائِنٍ فِي (حَمَّامٍ) لِاشْتِغَالِهِ بِالِاغْتِسَالِ؛ وَلِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ.

وَقَضِيَّةُ الْأَوْلَى نَدْبُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَغِلِ بِشَيْءٍ وَلَوْ دَاخِلَهُ، وَالثَّانِيَةُ عَدَمُ نَدْبِهِ عَلَى مَنْ فِيهِ وَلَوْ بِمَسْلَخَةٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ، ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ رَجَّحُوا أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخَةٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ كَوْنَهُ مَحَلَّ الشَّيَاطِينِ لَا يَقْتَضِي تَرْكَ السَّلَامِ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ السُّوقَ مَحَلُّهُمْ، وَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَى مَنْ فِيهِ وَيَلْزَمُهُمْ الرَّدُّ.

وَإِلَّا عَلَى فَاسِقٍ، بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ عَلَى مُجَاهِرٍ بِفِسْقِهِ وَمُرْتَكِبِ ذَنْبٍ عَظِيمٍ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ وَمُبْتَدِعٍ إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ، وَإِلَّا عَلَى مُصَلٍّ وَسَاجِدٍ وَمُلَبٍّ وَمُؤَذِّنٍ وَمُقِيمٍ وَنَاعِسٍ وَخَطِيبٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

بِنَحْوِ فُلَانٍ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ هُنَاكَ لَفْظَةَ أَيْ: (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ: التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: وُجُوبَ التَّبْلِيغِ (قَوْلُهُ إذَا رَضِيَ) أَيْ: الرَّسُولُ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا رَدَّهَا بِحَضْرَةِ الْمُسَلِّمِ الْمُرْسِلِ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ كَأَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ التَّبْلِيغُ أَوْ لَا يَصِحَّ كَمَا لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي اهـ.

سم عِبَارَةُ ع ش قَالَ م ر أَيْ: بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ وَلَا يَصِحُّ رَدُّهُ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ الرَّدُّ فِي غَيْبَتِهِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا هَلْ هُوَ مَنْقُولٌ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَهُ كِتَابٌ وَفِيهِ سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ فَلَهُ رَدُّهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ تَحَمُّلٌ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ تَحَمُّلَ هَذِهِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ وُصُولِ الْكِتَابِ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَهَا بِأَنْ يَرُدَّهَا فِي الْحَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.

اهـ.

(قَوْلُهُ بَيْنَ أَنْ تَظْهَرَ مِنْهُ إلَخْ) لَعَلَّ الْأَوْلَى بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ التَّبْلِيغَ بِحَضْرَةِ الْمُرْسِلِ قَصْدًا جَازِمًا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ) أَيْ: بِالسَّلَامِ وَقَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا وَهُوَ قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ (قَوْلُهُ قُلْت مَحَلُّهُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ إرْسَالَ السَّلَامِ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ قَصْدُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فَلْيُحَرَّرْ سم، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ وُجُوبَ الرَّدِّ وَنَيْلَ ثَوَابِهِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى التَّبْلِيغِ، وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ بَوْلٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِلنَّهْيِ إلَى الْمَتْنِ، وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ الْأُولَى فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ نَدْبُهُ عَلَى مَنْ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ نَدْبُهُ فِي الْمَسْلَخِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْغُولًا فِي الْحَمَّامِ بِغُسْلٍ وَنَحْوِهِ سُنَّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ وَوَجَبَ الرَّدُّ ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ رَجَّحُوا أَنَّهُ يُسَلِّمُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخِهِ) أَيْ: وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَيُتَّجَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ يُسَنُّ إلَى وَمُبْتَدِعٍ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ وَقَوْلُهُ بِأَنَّ شَقَّ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ أَيْ: إنْ قَرُبَ إلَى وَرَجَّحَ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ السَّلَامُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَوْ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ فِيهِ) أَيْ: السُّوقِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُمْ) أَيْ: الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ فِي السُّوقِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَلَى فَاسِقٍ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ بِأَنْ شَقَّ إلَى وَمُتَخَاصِمِينَ وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ إلَى وَرَجَّحَ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ إلَى وَيُسَنُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَلَى فَاسِقٍ بَلْ يُسَنُّ تَرْكُهُ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مُخْفِيًا لَا يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ بَلْ يُبَاحُ وَإِنْ كَانَ مُجَاهِرًا يُسَنُّ تَرْكُ السَّلَامِ عَلَيْهِ وَابْتِدَاؤُهُ بِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَمُرْتَكِبٌ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُجَاهِرٍ اهـ رَشِيدِيٌّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ وَمُبْتَدَعٌ عُطِفَ عَلَى فَاسِقٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ فِي الثَّانِي وع ش فِي الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ كَالزِّنَا، وَهُوَ عَطْفُ أَخَصًّ عَلَى أَعَمّ اهـ.

(قَوْلُهُ ذَنْبٌ عَظِيمٌ) كَانَ الْمُرَادُ بِهِ بَعْضَ الصَّغَائِرِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي لَمْ تَصِلْ بَشَاعَتُهَا إلَى رُتْبَةِ الْكَبِيرَةِ.

اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَلَعَلَّ هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا مَرَّ عَنْ ع ش (قَوْلُهُ وَمُبْتَدَعٌ) أَيْ: لَمْ يَفْسُقْ بِبِدْعَتِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ إلَخْ) يَنْبَغِي رُجُوعُهُ لِلْجَمِيعِ وَمِنْهُ خَوْفُهُ أَنْ يَقْطَعَ نَفَقَتَهُ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ أَوْ خَوْفِ مَفْسَدَةٍ) قَدْ يُقَالُ الْوَاوُ أَوْلَى لِأَنَّ عَطْفَهُ عَلَى الْعُذْرِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ بَلْ الْأَوْلَى كَخَوْفٍ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَسْنَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا عَلَى مُصَلٍّ إلَخْ) فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ أَوْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَمُلَبٍّ) أَيْ: فِي النُّسُكِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمُؤَذِّنٍ إلَخْ) وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ عَلَى حَالَةٍ لَا يَجُوزُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَمَّا لَوْ رَدَّهَا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا رَدَّهَا بِحَضْرَةِ الْمُسَلِّمِ الْمُرْسِلِ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ كَأَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ التَّبْلِيغُ أَوْ لَا يَصِحَّ؟ كَمَا لَوْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ غَيْبَةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الرَّدُّ، فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي م ر. (قَوْلُهُ: قُلْت مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمَالِكُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ إنَّهُ إذَا عَلِمَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ إرْسَالَ السَّلَامِ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ قَصْدُهُ وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُ رَجَّحُوا أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَى مَنْ بِمَسْلَخِهِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عَلَى مُصَلٍّ وَسَاجِدٍ إلَخْ) فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ: أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>