للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمُسْتَمِعِهِ وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ إنْ شَقَّ عَلَيْهِ الرَّدُّ أَكْثَرَ مِنْ مَشَقَّةِ الْآكِلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَذْكَارِ، وَمُتَخَاصِمَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ (وَلَا جَوَابَ) يَجِبُ (عَلَيْهِمْ) ، إلَّا مُسْتَمِعَ الْخَطِيبِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِوَضْعِهِ السَّلَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ كَالْمُجَامِعِ وَيُسَنُّ لِلْآكِلِ، نَعَمْ يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَلْعِ وَقَبْلَ وَضْعِ اللُّقْمَةِ بِالْفَمِ وَيَلْزَمُهُ الرَّدُّ، وَلِمَنْ بِالْحَمَّامِ وَمُلَبٍّ وَنَحْوُهُمَا بِاللَّفْظِ وَلِمُصَلٍّ وَمُؤَذِّنٍ بِالْإِشَارَةِ، وَإِلَّا فَبَعْدَ الْفَرَاغِ أَيْ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ، وَيَحْرُمُ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ نَحْوُ حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ، وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ نَدْبَهُ عَلَى الْقَارِئِ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالتَّدَبُّرِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَيُتَّجَهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الدُّعَاءِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُتَدَبِّرٍ لَمْ يَسْتَغْرِقْ التَّدَبُّرُ قَلْبَهُ، وَإِلَّا وَقَدْ شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَمْ يُسَنَّ ابْتِدَاءً وَلَا جَوَابَ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، بَلْ يَنْبَغِي فِيمَنْ اسْتَغْرَقَهُ هَمٌّ كَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ ذَلِكَ.

وَيُسَنُّ عِنْدَ التَّلَاقِي سَلَامُ صَغِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ، وَمَاشٍ عَلَى وَاقِفٍ أَوْ مُضْطَجِعٍ، وَرَاكِبٍ عَلَيْهِمْ، وَقَلِيلِينَ عَلَى كَثِيرِينَ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْمَاشِي يَخَافُ مِنْ نَحْوِ الرَّاكِبِ؛ وَلِزِيَادَةِ مَرْتَبَةٍ نَحْوِ الْكَبِيرِ عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ حَيْثُ لَمْ يُسَنَّ الِابْتِدَاءُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَوْ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ الْقُرْبُ مِنْهُ فِيهَا مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ وَمُسْتَمِعِهِ) هَلْ يُشْتَرَطُ الِاسْتِمَاعُ بِالْفِعْلِ أَوْ يَكْفِي وَلَوْ بِالْقُوَّةِ سَيِّدُ عُمَرَ، وَقَدْ يُرَجِّحُ الثَّانِي تَعْبِيرُ الْمُغْنِي بِحَاضِرِ الْخَطِيبِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ إلَخْ) الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ هَلْ يُسَنُّ السَّلَامُ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ مَشَقَّةً شَدِيدَةً لِتَفْوِيتِهِ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ بِدُعَاءٍ إلَخْ) أَيْ: أَوْ مُرَاقَبَةِ الصُّوفِيِّينَ (قَوْلُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَشَقَّةِ الْآكِلِ) أَيْ: مِنْ مَشَقَّةِ الرَّدِّ عَلَى الْآكِلِ، وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا يَكْتَفِي بِالْمُسَاوَاةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (أَقُولُ) : وَقَدْ يُفِيدُهُ صَنِيعُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ أَسْقَطَا ذَلِكَ التَّصْوِيرَ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ وُجُوبِ الْجَوَابِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ بَلْ يُكْرَهُ) أَيْ: الْجَوَابُ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ لِلْآكِلِ) أَيْ: بِاللَّفْظِ اهـ أَسْنَى.

(قَوْلُهُ وَلِمَنْ بِالْحَمَّامِ) أَيْ: يُسَنُّ الْجَوَابُ لِمَنْ بِالْحَمَّامِ غَيْرِ الْمَشْغُولِ بِالِاغْتِسَالِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلِمُصَلٍّ إلَخْ) أَيْ: وَسَاجِدٍ لِتِلَاوَةٍ اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ: الْمُفْهِمَةِ لِرَدِّ السَّلَامِ بِرَأْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ: إنْ لَمْ يَرُدَّ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ) أَيْ: عُرْفًا بِأَنْ لَا يَقْطَعَ الْقَبُولَ عَنْ الْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ نَحْوُ حَرْبِيٍّ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِنَحْوِهِ الْمُعَاهَدَ وَالْمُؤَمَّنَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ نَدْبَهُ) أَيْ: السَّلَامِ (قَوْلُهُ عَلَى الْقَارِئِ) وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ وَالطَّلَبَةُ فَيُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ الرَّدُّ اهـ ع ش أَيْ: بِشَرْطِ عَدَمِ الِاسْتِغْرَاقِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَلَا جَوَابَ) أَيْ: وَاجِبٌ عَلَيْهِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَلَا يَجِبُ رَدٌّ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي الْمَقْصُودِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ اسْتَغْرَقَهُ هَمٌّ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دُنْيَوِيًّا (قَوْلُهُ حُكْمُهُ ذَلِكَ) أَيْ: لَا يُسَنُّ ابْتِدَاؤُهُ بِالسَّلَامِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ عِنْدَ التَّلَاقِي) وَيُكْرَهُ تَخْصِيصُ الْبَعْضِ مِنْ الْجَمْعِ بِالسَّلَامِ ابْتِدَاءً وَرَدًّا وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْدَأَ بِالسَّلَامِ قَبْلَ الْكَلَامِ وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي سُوقٍ أَوْ جَمْعٍ لَا يَنْتَشِرُ فِيهِمْ السَّلَامُ الْوَاحِدُ سَلَّمَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ أَوَّلَ مُلَاقَاتِهِ فَإِنْ جَلَسَ إلَى مَنْ سَمِعَهُ سَقَطَ عَنْهُ سُنَّةُ السَّلَامِ أَوْ إلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ سَلَّمَ ثَانِيًا وَلَا يَتْرُكُ السَّلَامَ لِخَوْفِ عَدَمِ الرَّدِّ عَلَيْهِ لِتَكَبُّرٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ سَلَامُ صَغِيرٍ إلَخْ) فَإِنْ عُكِسَ أَيْ: بِأَنْ سَلَّمَ كَبِيرٌ عَلَى صَغِيرٍ، وَوَاقِفٌ أَوْ مُضْطَجِعٌ عَلَى مَاشٍ، وَغَيْرُ رَاكِبٍ عَلَى رَاكِبٍ، وَكَثِيرُونَ عَلَى قَلِيلِينَ لَمْ يُكْرَهْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَرَوْضٌ.

(قَوْلُهُ عَلَى كَبِيرٍ) وَلَوْ عَلِمَ نَحْوُ الْكَبِيرِ وَالْمَاشِي أَنَّ الصَّغِيرَ وَالرَّاكِبَ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يُنْدَبُ لَهُ السَّلَامُ أَوْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالتَّرَدُّدُ الْمَحْكِيُّ فِي الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ إلَخْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ كَمَنْ ظَنَّ عِنْدَ الْمُلَاقَاةِ أَنَّ مُلَاقِيَهُ يَعْمَلُ بِالسُّنَّةِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَأَنَّهُ فِي هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ لَا يُشْرَعُ لَهُ السَّلَامُ بِلَا شَكٍّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَمَاشٍ عَلَى وَاقِفٍ أَوْ مُضْطَجِعٌ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ مُنْدَرِجٌ فِي قَوْلِهِمْ الْآتِي وَخَرَجَ بِالتَّلَاقِي الْجَالِسُ وَالْوَاقِفُ وَالْمُضْطَجِعُ إلَخْ فَفِيهِ تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ وَقَلِيلِينَ عَلَى كَثِيرِينَ) وَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا نِهَايَةٌ وَأَسْنَى أَيْ: فَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ع ش.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْمَاشِي) أَيْ: كَالصَّغِيرِ وَالْوَاقِفِ وَالْمُضْطَجِعِ وَقَلِيلِينَ، وَقَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ الرَّاكِبِ أَيْ: كَالْكَبِيرِ وَكَثِيرِينَ (قَوْلُهُ وَلِزِيَادَةٍ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ انْطِبَاقِهِ عَلَى مَدْلُولِهِ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مَرْتَبَةً يَخَافُ مِنْ ضِدِّهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلضِّدِّ أَنْ يُسَلِّمَ حَتَّى يُؤَمِّنَ: كَالرَّاكِبِ مَعَ الْمَاشِي اهـ سَيِّدُ عُمَرَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْتَبَةِ الْأُخْرَوِيَّةِ لَا مَا يَشْمَلُ الدُّنْيَوِيَّةَ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَقَلَّ مَرْتَبَةً يَخَافُ إلَخْ مَمْنُوعٌ هُنَا (قَوْلُهُ نَحْوُ الْكَبِيرِ) أَيْ: كَالْكَثِيرِينَ وَقَوْلُهُ: عَلَى نَحْوِ الصَّغِيرِ أَيْ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْمُشْتَغِلِ بِالْوُضُوءِ وَيُسَنُّ لَهُ الرَّدُّ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُشْرَعُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ. اهـ. وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي الْمُغْتَسِلِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُتَجَرِّدًا كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَيَشُقُّ عَلَيْهِ مُكَالَمَتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُسْتَغْرِقِ الْقَلْبِ بِدُعَاءٍ إلَخْ) الْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّكَلُّمِ هَلْ يُسَنُّ السَّلَامُ وَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْمُشْتَغِلِ بِهَا أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ بَعِيدٍ إذْ يَشُقُّ عَلَيْهِ الرَّدُّ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ لِتَفْوِيتِهِ الثَّوَابَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا، وَاحْتِمَالُ أَنْ لَا يَفُوتَ بِعُذْرِهِ بِالرَّدِّ يُعَارِضُهُ الِاحْتِيَاطُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ الثَّوَابِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِالرَّدِّ فِي الْوَاقِعِ فَلْيُتَأَمَّلْ، نَعَمْ إنْ قَيَّدَ الْكَلَامَ فِي الْأَخْبَارِ بِمَا لَيْسَ خَبَرًا اتَّجَهَ أَنَّهُ لَمْ يَضُرَّ فَلَا كَلَامَ فِي نَدْبِ السَّلَامِ مَعَهَا وَوُجُوبِ الرَّدِّ. (قَوْلُهُ: صَغِيرٍ عَلَى كَبِيرٍ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ عَكَسَ لَمْ يُكْرَهْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَقَلِيلِينَ عَلَى كَثِيرِينَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِزِيَادَةِ مَرْتَبَةٍ نَحْوُ الْكَبِيرِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>