وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ بِبَلَدِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ ثَوْبٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْهُ بِبَلَدِهِ، وَكَانَ سَبَبُ عَدَمِ نَظَرِهِمْ لِلْعُرْفِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي نَحْوِ الرُّءُوسِ وَالْبَيْضِ أَنَّهُ هُنَا لَمْ يَطَّرِدْ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فَحُكِّمَتْ فِيهِ اللُّغَةُ بِخِلَافِ ذَيْنِك، وَالْبُقْسُمَاطُ وَالرُّقَاقُ خُبْزٌ لُغَةً دُونَ الْبَسِيسِ وَهُوَ أَنْ يُلَتَّ نَحْوُ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ بِنَحْوِ سَمْنٍ، نَعَمْ إنْ خُبِزَ ثُمَّ بُسَّ حَنِثَ بِهِ (فَلَوْ ثَرَدَهُ) بِالْمُثَلَّثَةِ (فَأَكَلَهُ حَنِثَ) ؛ لِصِدْقِ الِاسْمِ، نَعَمْ لَوْ صَارَ فِي الْمَرَقَةِ كَالْحَسْوِ فَتَحَسَّاهُ لَمْ يَحْنَثْ، كَمَا لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ الْيَابِسَ ثُمَّ سَفَّهُ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَجَدَّ اسْمًا آخَرَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الصَّيْمَرِيِّ لَوْ جَعَلَهُ فَتِيتًا وَسَفَّهُ أَوْ عَصِيدًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا
. (وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا فَسَفَّهُ أَوَتَنَاوَلَهُ بِأُصْبُعٍ) مَثَلًا (حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ أَكْلًا لَهُ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِابْتِلَاعَ فِي نَحْوِ خُبْزٍ وَسُكَّرٍ بِلَا مَضْغٍ أَكْلٌ وَبِهِ صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّهُمَا جَرَيَا فِي الطَّلَاقِ عَلَى خِلَافٍ وَنُسِبَ لِلْأَكْثَرِينَ وَمَرَّ مَا فِيهِ.
(وَإِنْ جَعَلَهُ فِي مَاءٍ فَشَرِبَهُ فَلَا) حِنْثَ إلَّا إنْ خَثَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشُرْبٍ، (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ) فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ بِقَيْدِهَا لَا الْأُولَى، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ حَنِثَ بِإِدْرَاكِ طَعْمِهِ، وَإِنْ مَجَّهُ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ بِبَلَدِهِ) بَحَثَ سم عَدَمَ الْحِنْثِ إذَا أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْخُبْزَ لَا يَتَنَاوَلُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ رُءُوسُ نَحْوِ طَيْرٍ تُبَاعُ بِبَلَدٍ مُفْرَدَةً عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا لِلْأَقْوَى فِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْبَسِيسِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى الْآنَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَكَذَا مَا جُفِّفَ بِالشَّمْسِ وَلَمْ يُخْبَزْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ خُبِزَ ثُمَّ بُسَّ حَنِثَ بِهِ) اُنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ وَسَفَّهُ الْآتِي عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِالْمُثَلَّثَةِ) أَيْ: مُخَفَّفًا اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَبِطِّيخٍ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ لَا يُتَنَاوَلُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا يُشْرَبُ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ إلَى بِخِلَافٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ، وَقَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهَا إلَى وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ صَارَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْمُغْنِي لَا إنْ جَعَلَهُ فِي مَرَقَةٍ حَسُوًّا بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِوَزْنِ فُعُوَّلٍ أَيْ مَائِعًا يُشْرَبُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَحَسَاهُ أَيْ: شَرِبَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى خُبْزًا قَالَ: فِي الْأَصْلِ: وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَوْزَنِيقِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ الْقَطَائِفُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْجَوْزِ وَمِثْلُهُ اللَّوْزَنِيقُ وَهِيَ الْقَطَائِفُ الْمَحْشُوَّةُ بِاللَّوْزِ اهـ. (قَوْلُهُ: كَالْحَسْوِ إلَخْ) الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ اخْتَلَطَتْ أَجْزَاؤُهُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ بِحَيْثُ صَارَ كَالْمُسَمَّى بِالْعَصِيدَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْأُصْبُعِ أَوْ الْمِلْعَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَقِيَ صُورَةُ الْفَتِيتِ لُقَمًا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فِي التَّنَاوُلِ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ الْيَابِسَ) لَعَلَّهُ حَتَّى صَارَ كَالدَّقِيقِ، وَكَذَا الْفَتِيتُ الْآتِي عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَإِلَّا أَشْكَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْبَسِيسِ الْمَارِّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ دَقَّ الْخُبْزَ الْيَابِسَ إلَخْ) لَعَلَّهُ حَتَّى صَارَ كَالدَّقِيقِ، وَكَذَا الْفَتِيتُ الْآتِي عَنْ الصَّيْمَرِيِّ وَإِلَّا أَشْكَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْبَسِيسِ الْمَارِّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالْأَفْعَالُ الْمُخْتَلِفَةُ الْأَجْنَاسُ كَالْأَعْيَانِ لَا يَتَنَاوَلُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَالشُّرْبُ لَيْسَ أَكْلًا وَلَا عَكْسَهُ فَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ إلَخْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ بِأُصْبُعٍ) أَيْ: مَبْلُولَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِابْتِلَاعَ إلَخْ) ، الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَلْعَ أَكْلٌ فِي الْأَيْمَانِ لَا فِي الطَّلَاقِ م ر اهـ سم. (قَوْلُهُ وَمَرَّ مَا فِيهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَعُدَّ ذَلِكَ تَنَاقُضًا وَأَجَابَ شَيْخِي عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ فَالْبَلْعُ فِيهَا لَا يُسَمَّى أَكْلًا، وَالْأَيْمَانُ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ وَالْبَلْعُ فِيهِ يُسَمَّى أَكْلًا وَالْجَمْعُ أَوْلَى مِنْ تَضْعِيفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ خَثُرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَإِنْ جَعَلَهُ أَيْ: السَّوِيقَ فِي مَاءٍ أَيْ: مَائِعٍ غَيَّرَهُ حَتَّى انْمَاعَ فَشَرِبَهُ فَلَا لِعَدَمِ الْأَكْلِ، فَإِنْ كَانَ خَاثِرًا بِحَيْثُ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْيَدِ حَنِثَ اهـ. (قَوْلُهُ: بِقَيْدِهَا) وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ خَاثِرًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فُرُوعٌ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِإِذْنِهِ بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهَا، وَإِنْ بَانَ كَذِبُهُ، وَمِنْهُ أَيْضًا مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ فِيمَنْ خَرَجَتْ نَاسِيَةً فَطِنَتْ انْحِلَالَ الْيَمِينِ، أَوْ أَنَّهَا لَا تَتَنَاوَلُ إلَّا الْمَرَّةَ الْأُولَى فَخَرَجَتْ ثَانِيًا، نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ عَلَى ظَنِّهَا لِمَا يَأْتِي
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى اسْتَنَدَ ظَنُّهَا إلَى أَمْرٍ تَعَذَّرَ مَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ إلَى مُجَرَّدِ ظَنِّ الْحُكْمِ حَنِثَ لَا بِحُكْمِهِ؛ إذْ لَا أَثَرَ لَهُ فَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: نَصُّ الْأَئِمَّةِ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْحُكْمِ، قَالَ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ: وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا اهـ. الْمَقْصُودُ نَقْلُهُ بِاخْتِصَارٍ فَانْظُرْ لَوْ أَكَلَ الْحَالِفُ عَلَى أَكْلِ الْخُبْزِ خُبْزَ الْأُرْزِ مَثَلًا لِظَنِّهِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادِهِ إلَى أَمْرٍ يُعْذَرُ مَعَهُ هَلْ يَحْنَثُ لِأَنَّ ظَنَّهُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ مُجَرَّدِ ظَنِّ الْحُكْمِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي نَظَائِرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا وَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ، وَقَدْ يُقَالُ: فِيمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَنَاوَلُ خُبْزَ الْأُرْزِ أَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى مَا يُعْذَرُ بِهِ وَهُوَ عَدَمُ تَعَارُفِ ذَلِكَ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْبُقْسُمَاطُ وَالرُّقَاقُ خُبْزٌ) ، وَكَذَا الْكُنَافَةُ وَالْقَطَائِفُ الْمَعْرُوفَةُ وَأَمَّا السَّنْبُوسَكُ، فَإِنْ خُبِزَ فَهُوَ خُبْزٌ، وَإِنْ قُلِيَ فَلَا، وَإِنْ كَانَ رُقَاقُهُ مَخْبُوزًا؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ لَهُ اسْمٌ آخَرُ، وَكَذَا الرَّغِيفُ الْأَسْيُوطِيُّ؛ لِأَنَّهُ مَقْلِيٌّ، وَإِنْ كَانَ رُقَاقُهُ مَخْبُوزًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَغِيفًا مِنْ غَيْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الِابْتِلَاعَ فِي نَحْوِ خُبْزٍ وَسُكَّرٍ بِلَا مَضْغٍ أَكْلٌ وَبِهِ صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَلْعَ أَكْلٌ فِي الْأَيْمَانِ لَا فِي الطَّلَاقِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ شَيْئًا فَمَضَغَهُ وَلَفَظَهُ فَقَدْ قِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ اهـ. قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ أَنَّ الْأَصَحَّ الْحِنْثُ: وَلَوْ أَكَلَهُ أَوْ شَرِبَهُ حَنِثَ وَفِيهِ وَجْهٌ، وَلَوْ أُوجِرَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَأَجْعَلَنَّهُ لِي طَعَامًا، وَقَدْ جَعَلَهُ اهـ فَلْيُرَاجَعْ مَسْأَلَةُ الْإِيجَارِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: أُوجِرَهُ إنْ كَانَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ أَشْكَلَ الْحِنْثُ فِي الْأَطْعِمَةِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ وَلَا حِنْثَ مَعَ الْإِكْرَاهِ أَوْ لِلْفَاعِلِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْجَرَ نَفْسَهُ أَيْ: صَبَّهُ فِي حَلْقِ نَفْسِهِ أَشْكَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ