للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لَا يَتَنَاوَلُ أَوْ لَا يَطْعَمُ حَنِثَ حَتَّى بِالشُّرْبِ.

(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ لَبَنًا) حَنِثَ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ مِنْ مَأْكُولٍ وَلَوْ صَيْدًا حَتَّى نَحْوِ الزُّبْدِ إنْ ظَهَرَ فِيهِ لَا نَحْوِ جُبْنٍ وَأَقِطٍ وَمَصْلٍ، (أَوْ مَائِعًا آخَرَ فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ يُؤْكَلُ (أَوْ شَرِبَهُ فَلَا) لِعَدَمِ الْأَكْلِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَبِالْعَكْسِ) فَيَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ نَحْوَ عِنَبٍ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ عَصِيرِهِ وَلَا بِمَصِّهِ وَرَمْيِ ثُفْلِهِ، أَوْ لَا يَشْرَبُ خَمْرًا لَمْ يَحْنَثْ بِالنَّبِيذِ وَعَكْسِهِ

. (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ جَامِدًا) كَانَ (أَوْ ذَائِبًا حَنِثَ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَزِيَادَةً، وَبِهِ فَارَقَ عَدَمَ الْحِنْثِ فِي لَا آكُلُ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَأَكَلَ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِمَّا اشْتَرَاهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ خَاصَّةً (وَإِنْ شَرِبَهُ ذَائِبًا فَلَا) يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ (وَإِنْ أَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ حَنِثَ إنْ كَانَتْ عَيْنُهُ ظَاهِرَةً) أَيْ: مَرْئِيَّةً مُتَمَيِّزَةً فِي الْحِسِّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ؛ لِوُجُودِ اسْمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَمَيِّزَةً كَذَلِكَ

. (وَيَدْخُلُ فِي الْفَاكِهَةِ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ، (رُطَبٌ وَعِنَبٌ وَرُمَّانٌ وَأُتْرُجٌّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ مَعَ تَشْدِيدِ الْجِيمِ وَيُقَالُ أُتْرُنْجٌ وَتُرُنْجٌ وَتِينٌ وَمِشْمِشٌ وَ (رُطَبٌ وَيَابِسٌ) مِنْ كُلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ، سَوَاءٌ اسْتَجَدَّ لَهُ اسْمٌ كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ أَمْ لَا كَتِينٍ، خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَلَا يَشْرَبُهُ فَذَاقَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَذُوقُ شَيْئًا فَمَضَغَهُ وَلَفَظَهُ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ مَعْرِفَةُ الطَّعْمِ، وَقَدْ حَصَلَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَذُوقُ فَأُوجِرَ فِي حَلْقِهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَذُقْ أَوْ لَا يَطْعَمُ حَنِثَ بِالْإِيجَارِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِاخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْنَاهُ لَا جَعَلْته لِي طَعَامًا، وَقَدْ جَعَلَهُ طَعَامًا اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَتَنَاوَلُ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: لَا أَتَنَاوَلُ طَعَامًا بِخِلَافِ لَا آكُلُ طَعَامًا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالشُّرْبِ؛ إذْ لَا يُسَمَّى أَكْلًا كَمَا يَأْتِي ثُمَّ مَا ذُكِرَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الطَّعَامِ أَنْ يُسَمَّاهُ فِي عُرْفِ الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ بِنَحْوِ الْخُبْزِ وَالْجُبْنِ مِمَّا لَا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ طَعَامًا وَقِيَاسُ جَعْلِ الْأَيْمَانِ مَبْنِيَّةً عَلَى الْعُرْفِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ عِنْدَهُمْ مَخْصُوصٌ بِالْمَطْبُوخِ. (فَائِدَةٌ)

وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِاللَّبَنِ مَا يَشْمَلُ السَّمْنَ وَالْجُبْنَ وَنَحْوَهُمَا هَلْ يَحْنَثُ بِكُلِّ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ يَحْنَثُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ لِعَدَمِ شُمُولِهِ لِنَحْوِ السَّمْنِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّ السَّمْنَ وَالْجُبْنَ وَنَحْوَهُمَا تُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ فَهُوَ أَصْلٌ لَهَا فَلَا يَبْعُدُ إطْلَاقُ اسْمِ اللَّبَنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَجَازًا فَحَيْثُ أَرَادَهُ حَنِثَ بِهِ اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: حَنِثَ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ) هَذَا الصَّنِيعُ يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ: فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ إلَخْ لَا يَجْرِي فِي اللَّبَنِ الَّذِي هُوَ صَرِيحُ الْمَتْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى خِلَافَ هَذَا الصَّنِيعِ اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: حَنِثَ بِكُلِّ أَنْوَاعِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَ شِيرَازًا وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ يُغْلَى فَيَثْخُنُ جِدًّا وَيَصِيرُ فِيهِ حُمُوضَةٌ أَوْ دُوغًا وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَبِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَبَنٌ ثَخِينٌ نُزِعَ زُبْدُهُ وَذَهَبَتْ مَائِيَّتُهُ أَوْ بَاشَّتَا وَهُوَ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ لَبَنُ ضَأْنٍ مَخْلُوطٍ بِلَبَنِ مَعْزٍ حَنِثَ لِصِدْقِ اسْمِ اللَّبَنِ عَلَى ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ نَعَمٍ أَوْ مِنْ صَيْدٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ أَوْ آدَمِيٍّ أَوْ خَيْلٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكَلَ لُوزًا وَهُوَ بِضَمِّ اللَّامِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَبِالزَّايِ شَيْءٌ بَيْنَ الْجُبْنِ وَاللَّبَنِ الْجَامِدِ نَحْوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ فِي بِلَادِ مِصْرَ قَرِيشَةً أَوْ مَصْلًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ مَاءِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا أَرَادُوا أَقِطًا أَوْ غَيْرَهُ جَعَلُوا اللَّبَنَ فِي وِعَاءٍ مِنْ صُوفٍ أَوْ خُوصٍ أَوْ كِرْبَاسَ وَنَحْوِهِ فَيَنْزِلُ مَاؤُهُ فَهُوَ الْمَصْلُ أَوْ جُبْنًا وَتَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي بَابِ السَّلَمِ أَوْ كَشْطًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ مَعْرُوفٌ أَوْ أَقِطًا أَوْ سَمْنًا إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ اللَّبَنِ، وَأَمَّا الزُّبْدُ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ لَبَنٌ فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا الْقِشْدَةُ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا وَالسَّمْنُ وَالزُّبْدُ وَالدُّهْنُ مُتَغَايِرَةٌ، فَالْحَالِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِالْبَاقِي لِلِاخْتِلَافِ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ، وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ لَا يَحْنَثُ بِاللَّبَنِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللِّبَا وَهُوَ أَوَّلُ لَبَنٍ يَحْدُثُ بِالْوِلَادَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا يُحْلَبُ قَبْلَهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَأْكُولٍ) أَيْ: لَبَنٍ مَأْكُولٍ فَيَشْمَلُ لَبَنَ الْآدَمِيَّاتِ وَيُحْتَمَلُ مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ فَيَخْرُجُ لَبَنُ الْآدَمِيَّاتِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ: وَاللَّبَنُ يَتَنَاوَلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ النَّعَمِ وَالصَّيْدِ قَالَ: الرُّويَانِيُّ وَالْآدَمِيِّ وَالْخَيْلِ اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ مَائِعًا آخَرَ) كَالزَّيْتِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ إلَخْ) أَيْ: وَأَطْلَقَ اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: نَحْوَ عِنَبٍ) كَالرُّمَّانِ وَالْقَصَبِ مُغْنِي وَع ش. (قَوْلُهُ: بِالنَّبِيذِ) وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِ الْعِنَبِ وَالْخَمْرُ مَا اُتُّخِذَ مِنْ الْعِنَبِ خَاصَّةً اهـ ع ش.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فِي عَصِيدَةٍ) وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: دَقِيقٌ يُلَتُّ بِسَمْنٍ وَيُطْبَخُ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُعْصَدُ بِآلَةٍ أَيْ: تُلْوَى اهـ مُغْنِي

. (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ لَهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَتَقْوِيَةُ الْأَذْرَعِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ رُطَبٌ إلَخْ) وَفِي شُمُولِ الْفَاكِهَةِ لِلزَّيْتُونِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ الشُّمُولِ اهـ. مُغْنِي وَفِي سم عَنْ م ر مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَتِينٌ إلَخْ) وَتُفَّاحٌ وَسَفَرْجَلٌ وَكُمَّثْرَى وَخَوْخٌ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَا يَتَنَاوَلُهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ لِاسْمِ الْفَاكِهَةِ الْبَارِزُ لِلْمَوْصُولِ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا كَتِينٍ) وَمُغْلَقٍ خَوْخٍ وَمِشْمِشٍ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَا يَذُوقُ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي إيجَارٍ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ إدْرَاكُ الطَّعْمِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي فَاكِهَةٍ رُطَبٌ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي شُمُولِهَا الزَّيْتُونَ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ اهـ. وَأَصَحُّهُمَا عَدَمُ الشُّمُولِ م ر.

(قَوْلُهُ: رُطَبٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَالرُّطَبُ غَيْرُ الْبُسْرِ وَالْبَلَحِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبُ الْمُشَدَّخُ وَهُوَ مَا لَمْ يَتَرَطَّبْ بِنَفْسِهِ، بَلْ عُولِجَ حَتَّى تَرَطَّبَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ أُسْلِمَ إلَيْهِ فِي رُطَبٍ فَأُحْضِرَ إلَيْهِ مُشَدَّخًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرُّطَبِ اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ التَّنَاوُلِ لِلْمُشَدَّخِ فَهَلْ يَتَنَاوَلُهُ الْفَاكِهَةُ وَلَا يَبْعُدُ التَّنَاوُلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>