وَمُكَاتَبُهُ مِثْلُهُ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ كَالْأَصْحَابِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِبَعْضٍ لَهُ عَلَى بَعْضٍ لَهُ آخَرُ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ قَدْ يُعَارَضُ فَضَعُفَتْ التُّهْمَةُ وَقَدْ يُجَابُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَنْعِ ذَلِكَ إذْ كَثِيرًا مَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، وَالْمَيْلِ فَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ، وَقَدْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَعْضِ ضِمْنًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى بَكْرٍ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ زَيْدٍ صَاحِبُ الْيَدِ وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ ابْنَيْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ عَنْهُ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ لِأَبِيهِمَا بِالْمِلْكِ وَكَأَنْ شَهِدَ عَلَى ابْنِهِ بِإِقْرَارِهِ بِنَسَبٍ مَجْهُولٍ فَتُقْبَلُ مَعَ تَضَمُّنِهَا الشَّهَادَةَ لِحَفِيدِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْإِمَامُ بِشَيْءٍ لِبَيْتِ الْمَالِ قُبِلَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لِلْإِمَامِ وَمِثْلُهُ نَاظِرُ وَقْفٍ، أَوْ وَصِيٌّ ادَّعَى بِشَيْءٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَوْ لِلْمَوْلَى فَشَهِدَ بِهِ بَعْضُ الْمُدَّعِي لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِهَا بِنَفْسِ النَّظَرِ أَوْ الْوِصَايَةِ وَلَوْ شَهِدَ لِبَعْضِهِ أَوْ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ الْفَاسِقِ بِمَا يَعْلَمُهُ الْحَقَّ، وَالْحَاكِمُ يَجْهَلُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ عَلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ فَلَمْ يَأْثَمْ الْحَاكِمُ لِظَنِّهِ، وَلَا الْخَصْمُ لِأَخْذِ حَقِّهِ وَلَا الشَّاهِدُ لِإِعَانَتِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ الْوُجُوبُ (وَتُقْبَلُ) مِنْهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
فَرْعِهِ وَلَا لِمَأْذُونِهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبُهُ إلَخْ) وَشَرِيكُهُ فِي الْمُشْتَرَكِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: لِبَعْضٍ لَهُ عَلَى آخَرَ) أَصْلَيْنِ كَانَا أَوْ فَرْعَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَمَا جَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَنْعُ الْحُكْمِ بَيْنَ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَإِنْ خَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ إلَخْ رَدَّ بِمَنْعِهِ إذْ كَثِيرًا مَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ ادَّعَى عَلَى بَكْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَرْعٌ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِزَيْدٍ وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِك مِنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَأَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ابْنَا عَمْرٍو أَوْ ابْنَا زَيْدٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إلَخْ سم وَرَشِيدِيٌّ أَيْ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُ عَلَى وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ شِرَاءَ عَبْدٍ فِي يَدِ زَيْدٍ مِنْ عَمْرٍو بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ صَاحِبِ الْيَدِ وَقَبَضَهُ وَطَالَبَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى بَكْرٍ) صَوَابُهُ عَلَى زَيْدٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرِي لَهُ مِنْ زَيْدٍ إلَخْ) وَقَبَضَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ جَمِيعَ ذَلِكَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ لِلْمُدَّعِي بِمَا يَقُولُهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالشَّهَادَةِ فِي الْحَالِ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا. اهـ.
أَيْ عَنْ ابْنَيْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو. (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: شَهِدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي ادَّعَى عَلَيْهِ نَسَبَ وَلَدٍ فَأَنْكَرَ فَشَهِدَ أَبُوهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ وَلَدَهُ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَبِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ إلَخْ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ النَّسَبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى نَعَمْ لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَشَهِدَ لَهُ بِهِ بِأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ نَاظِرُ وَقْفٍ إلَخْ) وَهَلْ مِثْلُهُ أَيْضًا الْوَكِيلُ إذَا ادَّعَى بِشَيْءٍ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ يُفَرَّقُ فِيهِ؟ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ أَيْضًا مِثْلُهُ مَا لَمْ يَصُدَّ عَنْهُ نَقْلٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ جَوَازِ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْوَصِيِّ الْوَكِيلِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ إثْبَاتِ الْوِصَايَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْوَصِيِّ كَمَا هُنَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إلْحَاقَ الْوَكِيلِ بِالْإِمَامِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِ الْوَصِيِّ بِهِ وَمِنْ جَوَازِ إثْبَاتِ دَيْنٍ ادَّعَاهُ الْفَرْعُ لِمُوَكِّلِهِ بِشَهَادَةِ أَصْلِهِ أَعْنِي أَصْلَ الْفَرْعِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ وَكَالَةُ الْفَرْعِ بِحَيْثُ يَسُوغُ لَهُ قَبْضُ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُ إثْبَاتِ الْعَيْنِ لِلْمُوَكِّلِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْوَكِيلِ وَإِنْ سَاغَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا. اهـ.
سم. (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ) أَيْ وَلَا نَظَرَ لِتَضَمُّنِ شَهَادَتِهِ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لِبَعْضِهِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ شَمِلَ قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمَوْلَى مَا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا لِلْوَصِيِّ الْوِلَايَةُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا هُوَ وَصِيٌّ فِيهِ قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدَ) أَيْ شَخْصٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الْفَاسِقُ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ شَهِدَ الْمُسْتَتِرِ وَقَوْلُهُ بِمَا يَعْلَمُهُ إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفَاتِ. (قَوْلُهُ: الْحَقَّ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةِ مِنْ الْحَقِّ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: يَجْهَلُ ذَلِكَ) أَيْ مَانِعُ الشَّهَادَةِ أَسْنَى أَيْ مِنْ الْبَعْضِيَّةِ أَوْ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْفِسْقِ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ) أَيْ شَهَادَةِ مَنْ ذُكِرَ مَعَ جَهْلِ الْحَاكِمِ بِحَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: بَلْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّخْصِ أَوْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِلْعَدَاوَةِ كَمَا إذَا شَهِدَ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَفِيقِهِ الطَّرِيقَ فَفِي رَدِّ شَهَادَتِهِ لِرَفِيقِهِ طَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا الرَّدُّ وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَيَجْرِي الطَّرِيقَانِ فِيمَا إذَا شَهِدَ أَنَّهُ قَذَفَهُ أَوْ أُمَّهُ أَوْ زَوْجَتَهُ وَأَجْنَبِيًّا وَلَوْ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَلِشَرِيكِهِ بِكَذَا فَتُرَدُّ فِيمَا لَهُ وَفِيمَا لِغَيْرِهِ الطَّرِيقَانِ. اهـ.
فَتَأَمَّلْ هَذِهِ الْأَخِيرَةَ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ ادَّعَى عَلَى بَكْرٍ شِرَاءَ شَيْءٍ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ زَيْدٍ صَاحِبِ الْيَدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. فَرْعٌ.
لَوْ قَالَ لِزَيْدٍ وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِك مِنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَأَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ابْنَا عَمْرٍو وَابْنَا زَيْدٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ) أَيْ: وَلَا نَظَرَ لِتَضَمُّنِ شَهَادَتِهِ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لِبَعْضِهِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَهَلْ مِثْلُهُ أَيْضًا الْوَكِيلُ إذَا ادَّعَى بِشَيْءٍ لِلْمُوَكِّلِ أَوْ يُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ أَيْضًا مِثْلُهُ مَا لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ نَقْلٌ، ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ جَوَازِ إثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْوَكِيلِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ إثْبَاتِ دَيْنٍ ادَّعَاهُ الْفَرْعُ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ وَكَالَةُ الْفَرْعِ بِحَيْثُ يَسُوغُ لَهُ قَبْضُ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَقِيَاسُهُ جَوَازُ إثْبَاتِ الْعَيْنِ لِلْمُوَكِّلِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْوَكِيلِ وَإِنْ سَاغَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا