للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَيِّتٍ ثُمَّ ادَّعَى أَدَاءَهُ إلَيْهِ وَأَنَّهُ نَسِيَ ذَلِكَ حَالَةَ إقْرَارِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْوَارِثِ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْأَدَاءِ رِعَايَةً لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ كَمَا أَخَذَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ قُبِلَتْ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِ لَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ إذْ كَثِيرًا مَا يَكُونُ لِلْإِنْسَانِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا فَلَا تَنَاقُضَ بِخِلَافِ تِلْكَ.

(وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ) مِنْ الْيَمِينِ (بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ) فِي الْبَلَدِ وَقَدْ شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ شَعَرَ بِهَا (وَهُوَ كَامِلٌ) حَتَّى لَوْ مَاتَ لَمْ يَحْلِفْ وَارِثُهُ وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ يُقِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلَقَّى الْحَقَّ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ بِنُكُولِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي مِنْ الْيَمِينِ الْبَيِّنَةُ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْهَا فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ وَضَمُّهُ إلَى الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ شَهَادَتِهِ كَالدَّعْوَى لِتَصِيرَ بَيِّنَتُهُ كَامِلَةً كَمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا ثُمَّ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ إقَامَةُ آخَرَ وَفَارَقَ ذَلِكَ غَيْرَ الْوَارِثِ كَبَاعَنِي وَأَخِي الْغَائِبَ أَوْ الصَّبِيَّ مُوَرِّثُك بِكَذَا وَأَقَامَ شَاهِدًا أَوْ حَلَفَ مَعَهُ فَإِنَّهُ إذَا قَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ كَمُلَ الصَّبِيُّ تَجِبُ إعَادَةُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ مَعَ الْيَمِينِ أَوْ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ بِأَنَّ الدَّعْوَى فِي الْإِرْثِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ الْمَيِّتُ وَلِهَذَا تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَفِي غَيْرِ الْإِرْثِ الْحَقُّ لِأَشْخَاصٍ فَلَمْ تَقَعْ الْبَيِّنَةُ وَالدَّعْوَى لِغَيْرِ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَلَا وِلَايَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِنُكُولِهِ تَوَقُّفُهُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ النُّكُولِ حَلَفَ وَارِثُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ الَّذِي أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ أَمَّا حَاضِرٌ لَمْ يَشْرَعْ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ فَكَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ فِي قَوْلِهِ (فَإِنْ كَانَ) مَنْ لَمْ يَحْلِفْ (غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ)

ــ

[حاشية الشرواني]

إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرْشَدُ الْمَوْجُودِينَ وَتَعَلَّقَتْ دَعْوَاهُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ مَنْ يَدَّعِي عَلَيْهِ فَإِذَا حَكَمَ عَلَيْهِ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِغَيْرِهِمْ كَطَلَبِ الْأُجْرَةِ مِنْ سَاكِنٍ فَلَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَيْهِمْ اهـ. كَلَامُ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُحْتَاجُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ إلَى اسْتِئْنَافِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ وَأَنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ مِنْ حِصَّتِهِ وَقَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ قُبَيْلَ ذَلِكَ وَالْمُتَّجِهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي وَجْهِ الْبَعْضِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ لِلْوَقْفِ سم. (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَخْ) سَيَأْتِي لَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَقْدًا مَالِيًّا كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ كَفَى الْإِطْلَاقُ فِي الْأَصَحِّ مَا نَصُّهُ لَكِنْ لَا يَحْكُمُ أَيْ: الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ إعْلَامِ الْجَمِيعِ بِالْحَالِ فَانْظُرْهُ مَعَ مَا هُنَا رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْأَدَاءِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ النِّهَايَةُ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْيَمِينِ) إلَى قَوْلِهِ وَفَارَقَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَدْ شَرَعَ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: إنْ حَضَرَ فِي الْبَلَدِ) أَيْ: بِحَيْثُ يُمْكِنُ تَحْلِيفُهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَقَدْ شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ) سَيُذْكَرُ مُحْتَرَزُهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ شَعَرَ بِهَا) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَلْ فِي مَفْهُومِهِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُ الْمَتْنِ وَهُوَ كَامِلٌ) أَيْ: بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ مَاتَ) أَيْ: بَعْدَ نُكُولِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَلَقَّى الْحَقَّ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَقَدْ بَطَلَ إلَخْ) وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ هُوَ وَوَارِثُهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ حِينَئِذٍ مَالُ الْمَيِّتِ فَلَا يَحْتَاجُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ إلَى حَلِفٍ إنْ لَمْ يَكُونُوا حَلَفُوا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ الْمَارَّيْنِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُشَارَكُ فِيهِ أَنَّ مَنْ أَخَذَ حِينَئِذٍ شَيْئًا شُورِكَ فِيهِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) إلَى وَخَرَجَ إلَخْ الْأَنْسَبُ الْأَخْصَرُ تَأْخِيرُهُ وَذِكْرُهُ بَدَلَ قَوْلِهِ الْآتِي وَمِنْ ثَمَّ إلَى أَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ ذَلِكَ) أَيْ: قَوْلُهُ فَلَهُ إقَامَةُ شَاهِدٍ ثَانٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَبَاعَنِي) أَيْ: أَوْصَى لِي. (قَوْلُهُ: أَوْ الصَّبِيَّ) أَيْ: أَوْ الْمَجْنُونَ. (قَوْلُهُ: تُقْضَى دُيُونُهُ) أَيْ: عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا تَجُوزُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ ع ش. (قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ النُّكُولِ إلَخْ) أَيْ: وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يُبْطِلُ حَقَّهُ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: حَلَفَ وَارِثُهُ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَشْعُرْ) اللَّائِقُ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ دُونَ أَوْ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَعِ ش وَبُجَيْرِمِيٌّ أَقُولُ بَلْ اللَّائِقُ قَلْبُ الْعَطْفِ. (قَوْلُهُ: فَكَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ إلَخْ) أَيْ: فِي بَقَاءِ حَقِّهِ مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا إلَخْ) وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا بَعْضُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِي مَسْأَلَةِ عِمَادِ الرِّضَا الْمُسَطَّرَةِ بِالْهَامِشِ إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى مِنْهُمْ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْغَزِّيِّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الدَّعَاوَى فَقَالَ: مَسْأَلَةٌ لَوْ مَاتَ رَجُلٌ فَادَّعَى شَخْصٌ حَقًّا عَلَيْهِ أَوْ عَيْنًا فِي يَدِهِ فَالْخَصْمُ إمَّا الْوَصِيُّ إنْ كَانَ أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ السَّمَرْقَنْدِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ نَفَذَ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَيِّتِ فَالْوَارِثُ الْوَاحِدُ يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُثْبِتَ حَقَّهُ فِي وَجْهِ غَرِيمٍ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَصْمًا عَلَى الْمَيِّتِ اهـ وَمَذْهَبُنَا مِثْلُهُ إلَّا فِي قَوْلِهِ إنَّ الْحُكْمَ يَتَعَدَّى إلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرْشَدُ الْمَوْجُودِينَ وَتَعَلَّقَتْ دَعْوَاهُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ مَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حُكِمَ عَلَيْهِ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِغَيْرِهِمْ كَطَلَبِ الْأُجْرَةِ مِنْ سَاكِنٍ فَلَا يَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَيْهِمْ اهـ. لَفْظُ أَدَبِ الْقَضَاءِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ إلَى اسْتِئْنَافِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ وَأَنَّهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ مِنْ حِصَّتِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ كَمَا تَقَدَّمَ إشَارَةٌ إلَى كَلَامٍ ذَكَرَهُ قُبَيْلَ ذَلِكَ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَالْمُتَّجَهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِ سَمَاعِ الدَّعْوَى فِي وَجْهِ الْبَعْضِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْمُسْتَحَقِّينَ لِلْوَقْفِ نَعَمْ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ إلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ لَهُمْ وَإِعْلَامِهِمْ بِالْحَالِ اهـ وَقَوْلُهُ: نَعَمْ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ هَلْ الْمُرَادُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْحَاضِرِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ فَجَائِزٌ بِدَلِيلِ مَا نَقَلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ. (قَوْلُهُ: إمَّا حَاضِرٌ لَمْ يَشْرَعْ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ فَكَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ: إنَّهُ يَنْبَغِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>