وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ أَنَّ هَذَا إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْمُدَّةِ إلَى فَرَاغِهَا وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا يَتَأَتَّى الْقَطْعُ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ غَفْلَتَهُ عَنْهَا حَتَّى ظُنَّ ذَلِكَ تَقْصِيرٌ وَلِأَنَّهُ إذَا افْتَتَحَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِيهَا يَكُونُ الْمُبْطِلُ مُنْتَظِرًا، وَهُوَ لَا يُنَافِي الِانْعِقَادَ حَالًا كَمَا مَرَّ فِيمَنْ أَحْرَمَ مَفْتُوحَ الْجَيْبِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ انْعِقَادُهَا حَتَّى تَصِحَّ الْقُدْوَةُ بِهِ.
(وَ) خَامِسُهَا (طَهَارَةُ النَّجِسِ) الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ (فِي الثَّوْبِ) وَغَيْرِهِ مِنْ كُلِّ مَحْمُولٍ لَهُ وَمُلَاقٍ لِذَلِكَ الْمَحْمُولِ (وَالْبَدَنِ) وَمِنْهُ دَاخِلُ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُ ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ أَغْلَظُ (وَالْمَكَانِ) الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَصَحَّ خَبَرُ «تَنَزَّهُوا مِنْ الْبَوْلِ» ثَبَتَ الْأَمْرُ بِاجْتِنَابِ النَّجَسِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ فِيهَا وَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَةِ يَقْتَضِي فَسَادَهَا وَقَوْلُهُمْ وَهُوَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّضَمُّخِ بِهِ فِي الْبَدَنِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَكَذَا فِي الثَّوْبِ عَلَى تَنَاقُضٍ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَكَانِ ذَرْقُ الطُّيُورِ فَيُعْفَى عَنْهُ فِيهِ أَرْضُهُ، وَكَذَا فِرَاشُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ إنْ كَانَ جَافًّا وَلَمْ يَتَعَمَّدْ مُلَامَسَتَهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّيَ غَيْرِ مَحَلِّهِ لَا فِي الثَّوْبِ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَلَوْ اشْتَبَهَ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ) كَثَوْبَيْنِ وَمَحَلَّيْنِ (اجْتَهَدَ) لِمَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ فِي الْأَوَانِي قَوْلُ الْمُحَشِّي قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَا تَطْهُرُ بِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ إلَخْ هَاتَانِ الْقَوْلَتَانِ لَيْسَتَا فِي نُسَخِ الشَّرْحِ الَّتِي بِأَيْدِينَا وَفِي هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْهَا عِبَارَةُ نُسَخِ الشَّيْخِ ابْنِ قَاسِمٍ ثَمَّ مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي هَذِهِ وَنَصُّهَا عَقِبَ قَوْلِهِ كَذَا أَطْلَقُوا هُنَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ بِأَنَّ مَا تَطْهُرُ بِهِ ثُمَّ انْعَدَمَ فَصَارَ عِنْدَ إرَادَةِ التَّطْهِيرِ ثَانِيًا كَأَنَّهُ مُبْتَدِئُ طَهَارَةٍ جَدِيدَةٍ فَلَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ مَا سَتَرَ بِهِ بَاقٍ بِحَالِهِ فَلَا مُحْوِجَ لِإِعَادَةِ الِاجْتِهَادِ بِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْقُبْلَةِ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ وَأَمَّا قَوْلُ شَيْخِنَا الظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ إلَخْ. اهـ. مَا فِي الْهَامِشِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ انْعَدَمَ وَقَوْلُهُ وَإِذَا اجْتَهَدَ. اهـ.
ــ
[حاشية الشرواني]
لِأَنَّهُ حَدَثٌ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ إذَا ظَنَّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَوْ شَكَّ سم (قَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّ الْمُدَّةَ تَنْقَضِي فِيهَا فَيَنْبَغِي عَدَمُ انْعِقَادِهَا نَعَمْ إنْ كَانَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ يُدْرِكُ مِنْهُ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ انْعَقَدَتْ اهـ. أَيْ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ مِنْهُ ع ش وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر فِي نَفْلٍ مُطْلَقٍ أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ) صَادِقٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ شَيْءٌ مِنْ الْفَرَاغِ وَعَدَمِهِ وَفِي عَدَمِ الِانْعِقَادِ حِينَئِذٍ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ السُّبْكِيّ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا الْإِيهَامِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَأَتَّى الْقَطْعُ) أَيْ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيمَنْ أَحْرَمَ مَفْتُوحَ الْجَيْبِ) الْفَرْقُ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَسْأَلَةِ الْجَيْبِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ هُنَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ سم وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ وَقَالَ ع ش وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا يُوَافِقُ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ حَجّ مِنْ الِانْعِقَادِ اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ.
(فِي الثَّوْبِ إلَخْ) وَلَوْ رَأَيْنَا نَجَسًا فِي ثَوْبِ مَنْ يُصَلِّي أَوْ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ لَمْ يَعْلَمْهُ وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ إنْ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ فِي مَذْهَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إثْمٌ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِثْمِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَأَيْنَا صَبِيًّا يَزْنِي بِصَبِيَّةٍ وَجَبَ عَلَيْنَا مَنْعُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا إثْمٌ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ صُورَةً اهـ. وَشَيْخُنَا وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يُعْفَى) إلَى قَوْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَصَحَّ إلَى ثَبَتَ وَقَوْلَهُ فِي الْبَدَنِ إلَى وَيُسْتَثْنَى وَقَوْلَهُ فِيهِ أَرْضُهُ إلَى إنْ كَانَ وَإِلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَصَحَّ إلَى ثَبَتَ (قَوْلُهُ دَاخِلُ الْفَمِ) هَلْ ضَابِطُهُ حَدُّ الظَّاهِرِ سم (قَوْلُهُ وَالْعَيْنِ) أَيْ وَالْأُذُنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ) أَيْ يُفِيدُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ عَيْنَ النَّهْيِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ ع ش (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّضَمُّخِ) مِنْ هُنَا يُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِاجْتِنَابِهِ شَامِلٌ لِغَيْرِ التَّضَمُّخِ أَيْضًا سم (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ حَرَامٌ) أَيْ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الثَّوْبِ) هُوَ الصَّحِيحُ م ر اهـ. سم.
(قَوْلُهُ فِيهِ أَرْضُهُ إلَخْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْأَنْسَبُ الْأَعْذَبُ فِي أَرْضِهِ أَوْ تَرَكَ كَذَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ جَافًّا) أَيْ وَكَانَ هُوَ أَيْضًا جَافًّا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم أَيْ وَوَلَدُهُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ ع ش أَيْ فَمَعَ الرُّطُوبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْمَشْيُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ مَوْضِعِ طَهَارَتِهِ كَأَنْ تَوَضَّأَ مِنْ مَطْهَرَةٍ عَمَّ ذَرْقُ الطَّيْرِ الْمَذْكُورِ سَائِرَ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمُتَّصِلِ بِهَا وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ الْعَفْوُ وَحِينَئِذٍ أَقُولُ، وَهُوَ قَرِيبٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ ع ش (قَوْلُهُ لَا يُكَلَّفُ تَحَرِّي غَيْرِ مَحَلِّهِ) أَيْ فَحَيْثُ كَثُرَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَا يُكَلَّفُ غَيْرَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْمَسْجِدِ خَالِيًا مِنْهُ وَيُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ لَا يُكَلَّفُهُ بَلْ يُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَإِنْ صَادَفَ مَحَلَّ ذَرْقِ الطَّيْرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ عَمَّ الذَّرْقُ الْمَحَلَّ فَلَوْ اشْتَمَلَ الْمَسْجِدُ مَثَلًا عَلَى جِهَتَيْنِ إحْدَاهُمَا خَالِيَةٌ مِنْ الذَّرْقِ وَالْأُخْرَى مُشْتَمِلَةٌ عَلَيْهِ وَجَبَ قَصْدُ الْخَالِيَةِ لِيُصَلِّيَ فِيهَا إذْ لَا مَشَقَّةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الِاسْتِقْبَالِ ع ش (قَوْلُهُ لَا فِي الثَّوْبِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيهِ وَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَنْ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) الْأَوْلَى كَمَا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
ظَاهِرٌ أَوْ تَعَمَّدَ كَشْفَ عَوْرَتِهِ أَوْ مُلَابَسَتَهُ النَّجَاسَةَ (قَوْلُهُ إذَا ظَنَّ) يَنْبَغِي أَوْ شَكَّ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ (قَوْلُهُ فِيمَنْ أَحْرَمَ مَفْتُوحَ الْجَيْبِ) الْفَرْقُ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَسْأَلَةِ الْجَيْبِ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ هُنَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِخِلَافِهِ ثُمَّ.
(قَوْلُهُ دَاخِلَ الْفَمِ) هَلْ ضَابِطُهُ حَدُّ الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ وَالْعَيْنِ) يَنْبَغِي وَالْأُذُنِ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّضَمُّخِ) مِنْ هُنَا يُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال وَيُجَابُ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِاجْتِنَابِهِ شَامِلٌ لِغَيْرِ التَّضَمُّخِ أَيْضًا (قَوْلُهُ، وَكَذَا فِي الثَّوْبِ) هُوَ الصَّحِيحُ م ر (قَوْلُهُ إنْ كَانَ جَافًّا) أَيْ وَكَانَ هُوَ أَيْضًا جَافًّا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ بِأَنَّ مَا تَطَهَّرَ بِهِ) هَذَا لَا يَظْهَرُ مَعَ بَقَاءِ طَهَارَتِهِ أَيْ بَقِيَّةِ مَا تَطَهَّرَ مِنْهُ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ) قَضِيَّتُهُ تَقْيِيدُ مَا هُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute