وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ وَمِثْلُهُ رَوْثُهُ رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَكَانَ بِالْجَافِّ وَعَمَّمَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَلَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا مَرَّ أَنَّ ذَرْقَ الطُّيُورِ يُعْفَى عَنْهُ فِيهِ دُونَهُمَا بَلْ بَحَثَ الْعَفْوَ عَنْ وَنِيمٍ بِرَأْسِ كُوزٍ يَمُرُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَيَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ وَقِيلَ جَمْعُ ذُبَابَةٍ بِالْبَاءِ لَا بِالنُّونِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ وَجَمْعُهُ ذِبَّانٌ كَغِرْبَانٍ وَأَذِبَّةٌ كَأَغْرِبَةٍ (وَالْأَصَحُّ) أَنَّهُ (لَا يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ) لِنُدْرَتِهِ (وَلَا عَنْ قَلِيلٍ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ) لِمُجَاوَزَتِهِ مَحَلَّهُ (وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ) وَالْقِلَّةُ (بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ) فَيَجْتَهِدُ الْمُصَلِّي أَيْ وُجُوبًا إنْ تَأَهَّلَ وَالْأَرْجَحُ إلَى عَارِفٍ يَجْتَهِدُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرَ مَا مَرَّ بِتَفْصِيلِهِ فِي الْقِبْلَةِ، نَعَمْ لَا يُرَجَّحُ هُنَا بِكَثْرَةٍ وَلَا أَعْلَمِيَّةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْقِلَّةُ فَلْيَأْخُذْ بِهِ بَلْ وَلَوْ قِيلَ يَأْخُذُ بِهِ ابْتِدَاءً لَكَانَ لَهُ مُعْتَبَرَا الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَمَا رَأَى أَنَّهُ مِمَّا يَغْلِبُ التَّلَطُّخُ بِهِ وَيَعْسُرُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَقَلِيلٌ وَإِلَّا فَكَثِيرٌ وَلَوْ شَكَّ فِي شَيْءٍ أَقَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَلَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي، وَلَوْ تَفَرَّقَ النَّجَسُ فِي مَحَالَّ وَلَوْ جُمِعَ لَكَثُرَ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْكَثِيرِ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ (قُلْت الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ) بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ (الْعَفْوُ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَإِنْ كَثُرَ مُنْتَشِرًا بِعَرَقٍ وَإِنْ جَاوَزَ الْبَدَنَ إلَى الثَّوْبِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَلَا يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي فِي دَمِ نَحْوِ الْفَصْدِ لِأَنَّ الِابْتِلَاءَ هُنَا أَكْثَرُ بَلْ وَإِنْ تَفَاحَشَ وَطُبِّقَ الثَّوْبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، نَعَمْ مَحَلُّ الْعَفْوِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ وَيَأْتِي حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِطْ بِأَجْنَبِيٍّ وَإِلَّا لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
رَطْبُهَا)
إلَى قَوْلِهِ وَذَلِكَ أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ رَطْبُهَا وَيَابِسُهَا) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ بَدَلًا عَنْ قَوْلِهِ بَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَمَا بَعْدَهُ بِتَقْدِيرِ الْخَبَرِ أَيْ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ وَبَوْلُ الْخُفَّاشِ وَمِثْلُهُ رَوْثُهُ) كَالصَّرِيحِ فِي الْعَفْوِ عَنْهُمَا فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ أَيْضًا فَيُخَالِفُ عَدَمَ الْعَفْوِ عَنْ ذَرْقِ الطَّيْرِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ مَعَ أَنَّ الْخُفَّاشَ مِنْ جُمْلَةِ الطَّيْرِ وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ م ر بَعْدَ الْبَحْثِ مَعَهُ فِيهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ الطَّيْرِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ سم (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ رَوْثُهُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَطَهَارَةُ النَّجَسِ فِي الثَّوْبِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ الْمَكَانِ وَ (قَوْلُهُ دُونَهُمَا) أَيْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ.
(فَرْعٌ) فِي شَرْحِ م ر أَيْ النِّهَايَةِ الْأَوْجَهُ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ الْحَاصِلَ عَلَى حُصُرِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ مِمَّنْ يَنَامُ عَلَيْهَا كَذَرْقِ الطَّيْرِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ انْتَهَى اهـ. سم أَيْ فَيُعْفَى عَنْهُ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمَشْيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ رُطُوبَةٌ وَعَمَّ الْمَحَلَّ كَمَا تَقَدَّمَ ع ش (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ وَالْكَثِيرِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى وَجَمْعُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ وُجُوبًا إلَى مُعْتَبَرًا (قَوْلُهُ ابْتِدَاءً) أَيْ بِلَا اجْتِهَادٍ (قَوْلُهُ مُعْتَبِرًا الزَّمَانَ) إلَى قَوْلِهِ وَالْكَثِير فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مُعْتَبِرًا الزَّمَنَ إلَخْ) وَلَا يَبْعُدُ جَرَيَانُ ضَابِطِ طِينِ الشَّارِعِ هُنَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ عِنْدَ الْإِمَامِ) أَيْ، وَهُوَ الرَّاجِحُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِيمَا لَوْ تَفَرَّقَتْ النَّجَاسَةُ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ وَلَوْ جُمِعَتْ أَدْرَكَهَا أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ فِي الدَّمِ أَكْثَرُ وَالْعَفْوَ عَنْهُ أَوْسَعُ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ غَيْرِ الدَّمِ مِنْ النَّجَاسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا عُفِيَ عَمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ هُنَا لَا ثَمَّ سم وع ش وَفِيهِ أَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالدَّمِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِوَنِيمِ الذُّبَابِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ (قَوْلُهُ بَلْ فِي الْمَجْمُوعِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَإِلَّا إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى وَحَيْثُ كَانَ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرَ مُنْتَشِرًا إلَخْ) وَسَوَاءٌ أَقَصُرَ كُمُّهُ أَمْ زَادَ عَلَى الْأَصَابِعِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاوَزَ الْبَدَنَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا فِي الْمَتْنِ مِنْ دَمِ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهِ وَفِيمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ بَوْلِ الذُّبَابِ وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ وَرَوْثِهِ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا الْجِنْسِ عُسْرُ الِاحْتِرَازِ فَيَلْحَقُ غَيْرُ الْغَالِبِ مِنْهُ بِالْغَالِبِ كَالْمُسَافِرِ يَتَرَخَّصُ وَإِنْ لَمْ تَنَلْهُ مَشَقَّةٌ لَا سِيَّمَا وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِمَّا يُوجِبُ الْمَشَقَّةَ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ مَا يَأْتِي فِي دَمِ نَحْوِ الْفَصْدِ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ تَجَاوُزِ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَطَبَّقَ الثَّوْبَ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ نِهَايَةٌ أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ بِمَا لَا يَعُمُّ الثَّوْبَ ع ش (قَوْلُهُ نَعَمْ مَحَلُّ الْعَفْوِ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِلَّا إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ وَتَنْشِيفٍ إلَى وَلَا يُنَافِي وَقَوْلُهُ بَلْ أَطْلَقَ إلَى وَحَيْثُ كَانَ (قَوْلُهُ بِأَجْنَبِيٍّ) شَامِلٌ لِلْجَامِدِ كَالتُّرَابِ وَفِي شَرْحِ م ر فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ أَيْ بِالْأَجْنَبِيِّ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَجُرِحَ حَالَ حَلْقِهِ وَاخْتَلَطَ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ وَمِثْلُهُ رَوْثُهُ) كَالصَّرِيحِ فِي الْعَفْوِ عَنْهُمَا فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا فَيُخَالِفُ عَدَمُ الْفَرْقِ عَنْ زَرْقِ الطَّيْرِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ مَعَ أَنَّ الْخُفَّاشَ مِنْ جُمْلَةِ الطَّيْرِ وَاسْتَحْسَنَ ذَلِكَ م ر بَعْدَ الْبَحْثِ مَعَهُ فِيهِ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ الطَّيْرِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ وَيَكُونُ الْعَفْوُ عَنْ رَوْثِهِ فِي الْمَكَانِ مَعَ الرُّطُوبَةِ مُسْتَثْنًى مِنْ اشْتِرَاطِ الْجَفَافِ فِي الْعَفْوِ عَنْ زَرْقِ الطَّيْرِ فِي الْمَكَانِ (قَوْلُهُ بِالْجَافِّ) هُوَ قِيَاسُ زَرْقِ الطَّيْرِ لَكِنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُعْفَ عَنْ الزَّرْقِ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ الْمَكَانِ وَقَوْلُهُ دُونَهُمَا أَيْ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ
(فَرْعٌ) فِي شَرْحِ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّ دَمَ الْبَرَاغِيثِ الْحَاصِلَ عَلَى حُصُرِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يُنَامُ عَلَيْهَا كَزَرْقِ الطَّيْرِ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْقَلِيلِ عِنْدَ الْإِمَامِ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ م ر، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِيمَا لَوْ تَفَرَّقَتْ النَّجَاسَةُ الَّتِي لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ وَلَوْ جُمِعَتْ أَدْرَكَهَا أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ فِي الدَّمِ أَكْثَرُ وَالْعَفْوَ عَنْهُ أَوْسَعُ مِنْ الْعَفْوِ مِنْ غَيْرِ الدَّمِ مِنْ النَّجَاسَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلِهَذَا عُفِّيَ عَمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ هُنَا لِإِثْمٍ (قَوْلُهُ بِأَجْنَبِيٍّ) شَامِلٌ لِلْجَامِدِ كَالتُّرَابِ وَفِي شَرْحِ م ر فَإِنْ اخْتَلَطَ بِهِ أَيْ بِالْأَجْنَبِيِّ لَمْ يُعْفَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَخَرَجَ حَالَ حَلْقِهِ وَاخْتَلَطَ دَمُهُ قَبْلَ الشَّعْرِ أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute