كَذَا ذَكَرَهُ كَثِيرُونَ وَمَحَلُّهُ فِي الْكَثِيرِ وَإِلَّا نَافَاهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي اخْتِلَاطِ دَمِ الْحَيْضِ بِالرِّيقِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُعْفَى عَنْهُ لِقِلَّتِهِ كَمَا يَأْتِي وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيِّ، وَهُوَ مَا لَمْ يَحْتَجْ لِمُمَاسَّةِ نَحْوِ مَاءِ طُهْرٍ وَشُرْبٍ وَتَنَشُّفٍ احْتَاجَهُ وَبُصَاقٍ فِي ثَوْبِهِ كَذَلِكَ وَمَاءِ بَلَلِ رَأْسِهِ مِنْ غُسْلِ تَبَرُّدٍ أَوْ تَنَظُّفٍ وَمُمَاسِّ آلَةِ نَحْوِ فِصَادٍ مِنْ رِيقٍ أَوْ دُهْنٍ وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي الْأَخِيرِ وَغَيْرُهُ فِي الْبَاقِي قَالَ أَعْنِي شَيْخَنَا بِخِلَافِ اخْتِلَاطِ دَمِ جُرْحِ الرَّأْسِ عِنْدَ حَلْقِهِ بِبَلَلِ شَعْرِهِ أَوْ بِدَوَاءٍ وُضِعَ عَلَيْهِ لِنُدْرَتِهِ فَلَا مَشَقَّةَ فِي الِاحْتِرَازِ عَنْهُ اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ وَمَا عَلَّلَ بِهِ مَمْنُوعٌ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إطْلَاقَ أَبَى عَلَى تَأْثِيرِ رُطُوبَةِ الْبَدَنِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَرَطُّبِهِ بِغَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ بَلْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْمُسَامَحَةَ فِي الِاخْتِلَاطِ بِالْمَاءِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِنَقْلِ الْأَصْبَحِيِّ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْمُتَأَخِّرِينَ مَا يُؤَيِّدُهُ وَحَيْثُ كَانَ فِي مَلْبُوسٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ إصَابَتَهُ لَهُ وَإِلَّا كَأَنْ قَتَلَ قَمْلًا فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ فَأَصَابَهُ مِنْهُ دَمٌ أَوْ حَمَلَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ بَرَاغِيثَ مَثَلًا أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ نَعَمْ لِمَا لَبِسَهُ زَائِدًا لِتَجَمُّلٍ أَوْ نَحْوِهِ حُكْمَ بَقِيَّةِ مَلْبُوسِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِقَضِيَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ لَا لِنَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
دَمُهُ بِبَلِّ الشَّعْرِ أَوْ حَكَّ نَحْوَ دُمَّلٍ حَتَّى أَدْمَاهُ لِيَسْتَمْسِكَ عَلَيْهِ الدَّوَاءُ ثُمَّ ذَرَّهُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَى اهـ سم وَيَأْتِي آنِفًا عَنْ الشَّارِحِ خِلَافُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ إلَخْ وَالْأَقْرَبُ الْعَفْوُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّمُ مِنْ الْجُرْحِ الْحَاصِلِ بِالْحَلْقِ أَوْ مِنْ الْبَرَاغِيثِ وَنَحْوِهَا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بَلْ الْعَفْوُ عَنْ هَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَفْوِ عَنْ الْبُصَاقِ فِي كُمِّهِ الَّذِي فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ وَقَوْلُهُ م ر حَتَّى أَدْمَاهُ خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهِ لُصُوقًا مِنْ غَيْرِ حَكٍّ فَاخْتَلَطَ مَا عَلَى اللُّصُوقِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّمَّلِ وَنَحْوِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ اخْتِلَاطَهُ ضَرُورِيٌّ لِلْعِلَاجِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ كَثِيرُونَ) جَرَى عَلَى ظَاهِرِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي الْكَثِيرِ إلَخْ) يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ بِالنَّظَرِ لِهَذَا أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ غَيْرُ مُخْتَلِطٍ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَمُخْتَلِطٌ بِأَجْنَبِيٍّ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ وَمُخْتَلِطٌ بِغَيْرِ أَجْنَبِيٍّ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ سم (قَوْلُهُ نَحْوِ مَاءِ طُهْرٍ إلَخْ) وَمَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي أَوْ جَعَلَ عَنْ جُرْحِهِ دَوَاءً اهـ.
(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ احْتَاجَهُ (قَوْلُهُ مِنْ غُسْلِ إلَخْ) أَيْ أَوْ حَلْقٍ نِهَايَةٌ وَصُورَتُهُ أَنَّ بَلَلَ الرَّأْسِ نَزَلَ عَلَى دَمِ الْبَرَاغِيثِ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ الْعَفْوِ فِي اخْتِلَاطِ دَمِ جُرْحِ الرَّأْسِ بِبَلَلِ الْحَلْقِ عِنْدَ الشَّارِحِ م ر رَشِيدِيٌّ أَيْ خِلَافًا لِلتُّحْفَةِ (قَوْلُهُ وَسَائِرِ مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ) وَمِنْهُ مَا لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ الْمُبْتَلَّ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَمَا لَوْ عَرِقَ بَدَنُهُ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ الْمُبْتَلَّةِ وَلَيْسَ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ مَاءُ الْوَرْدِ وَمَاءُ الزَّهْرِ فَلَا يُعْفَى عَنْهُ إذَا رَشَّ عَلَيْهِ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِمُدَاوَاةِ عَيْنِهِ مَثَلًا اهـ ع ش وَخَالَفَهُ الرَّشِيدِيُّ فِي الْأَخِيرِ فَقَالَ وَمِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَاءُ الطِّيبِ كَمَاءِ الْوَرْدِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ مَقْصُودٌ شَرْعًا خُصُوصًا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي هُوَ مَطْلُوبٌ فِيهَا كَالْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرُوهُ هُنَا خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ اهـ. وَهُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَعْنِي شَيْخَنَا إلَخْ) وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ أَفْتَى بِهِ (تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فِي أَحَدِهِمَا دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ دُونَ الْآخَرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ لُبْسِ الْأَوَّلِ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ سم.
(قَوْلُهُ بِبَلَلِ شَعْرِهِ) تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ وَ (قَوْلُهُ أَوْ بِدَوَاءٍ وُضِعَ عَلَيْهِ) تَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي وَع ش مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيِّ نَحْوُ مَاءِ طُهْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ تَأْثِيرِ رُطُوبَةِ الْبَدَنِ) أَيْ فِيمَا لَوْ لَبِسَ ثَوْبًا فِيهِ دَمُ نَحْوِ بَرَاغِيثَ وَبَدَنُهُ رَطْبٌ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَحَيْثُ كَانَ إلَخْ) كَقَوْلِهِ الْآتِي وَبِالنِّسْبَةِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَخْتَلِطْ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ حَمَلَ ثَوْبًا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ حَمَلَهُ لِغَرَضٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ لَمْ يُعْفَ إلَّا عَنْ قَلِيلٍ) وَلَوْ نَامَ فِي ثَوْبِهِ فَكَثُرَ فِيهِ دَمُ الْبَرَاغِيثِ الْتَحَقَ بِمَا يَقْتُلُهُ مِنْهَا عَمْدًا لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ مِنْ الْعُرْيِ عِنْدَ النَّوْمِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بَحْثًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلنَّوْمِ فِيهِ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ نِهَايَةٌ زَادَ الْإِمْدَادُ وَمِنْ عِلَّتِهِ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ عُفِيَ عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّ فِي أَصْلِ بَحْثِهِ وَقْفَةٌ انْتَهَى قَالَ ع ش وَمِنْ الْحَاجَةِ أَنْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الضَّرَرَ إذَا نَامَ عُرْيَانًا وَلَا يُكَلَّفُ إعْدَادَ ثَوْبٍ لِيَنَامَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَرَجِ اهـ وَقَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ أَقُولُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِالْعَفْوِ أَيْ عَنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ مُطْلَقًا لَكَانَ أَوْجَهَ اهـ.
(قَوْلُهُ لِتَجَمُّلٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ زَائِدٍ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يُعْفَى إلَّا عَنْ الْقَلِيلِ سم (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ م ر سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَقْصَعُ الْقَمْلَ عَلَى ظُفْرِهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ دَمِهِ لَوْ كَثُرَ كَخَمْسَةٍ إلَى عِشْرِينَ وَإِذَا خَالَطَ دَمُ الْقَلِيلِ الْجِلْدَ حِينَئِذٍ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دَمِهِ عُرْفًا فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا كَثِيرِهِ لِكَوْنِهِ بِفِعْلِهِ وَمُمَاسَّتِهِ الْجِلْدَ لَا تُؤَثِّرُ انْتَهَى. وَيَبْقَى
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ فِي الْكَثِيرِ إلَخْ) يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ بِالنَّظَرِ لِهَذَا أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ غَيْرُ مُخْتَلِطٍ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَمُخْتَلِطٌ بِأَجْنَبِيٍّ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ فَقَطْ وَمُخْتَلِطٌ بِغَيْرِ أَجْنَبِيٍّ فَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ (قَوْلُهُ نَحْوُ مَاءِ طُهْرٍ وَشُرْبٍ إلَخْ) وَمَا يَتَسَاقَطُ مِنْ الْمَاءِ حَالَ شُرْبِهِ وَالطَّعَامِ حَالَ أَكْلِهِ م ر (قَوْلُهُ قَالَ أَعْنِي شَيْخَنَا إلَخْ) أَيْ وَوَافَقَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ أَفْتَى بِهِ
(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَنْ لَهُ ثَوْبَانِ فِي أَحَدِهِمَا دَمٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ دُونَ الْآخَرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ بِالثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ لُبْسِ الْأَوَّلِ مِمَّا يَشُقُّ وَلِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعَفْوِ أَنْ يُضْطَرَّ إلَى نَحْوِ اللُّبْسِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ حَمَلَ ثَوْبَ بَرَاغِيثَ وَإِنْ قَلَّ دَمُهَا وَلِأَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ الدَّمِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبِ الْبَرَاغِيثِ مَعَ إمْكَانِ غَسْلِهَا فَلْتَصِحَّ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ثَوْبٍ آخَرَ لَا دَمَ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِتَجَمُّلٍ أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ بِخِلَافِ زَائِدٍ لَيْسَ.