بِمِنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ إذْ لَا يَتَبَيَّنُ دُخُولُهُ فِيهَا إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرِ وَإِيرَادِ مَا بَعْدَ كَذَا عَلَيْهِ يَنْدَفِعُ بِحَمْلِ الْمُقَارَنَةِ عَلَى مَا يَشْمَلُهَا فِي الْبُغْضِ، وَالْكُلِّ وَلَوْ ظَنَّ أَوْ اعْتَقَدَ تَأَخُّرَ جَمِيعِ تَكْبِيرَتِهِ صَحَّ مَا لَمْ يَبْنِ خِلَافُهُ وَإِفْتَاءُ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَوْ كَبَّرَ فَبَانَ إمَامُهُ لَمْ يُكَبِّرْ انْعَقَدَتْ لَهُ مُنْفَرِدًا ضَعِيفٌ، وَإِنْ اعْتَمَدَهُ شَارِحٌ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، وَإِنْ اعْتَقَدَ تَقَدُّمَ تَحَرُّمِ الْإِمَامِ وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ نَصُّ الْبُوَيْطِيِّ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ زَالَ شَكُّهُ فِي ذَلِكَ عَنْ قُرْبٍ لَمْ يَضُرَّ كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ.
(وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ) فَعَلَى قَصِيرٍ أَوْ طَوِيلٍ (بِأَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْهُ) سَوَاءٌ أَوْصَلَ لِلرُّكْنِ الَّذِي بَعْدَهُ أَمْ كَانَ فِيمَا بَيْنَهُمَا (وَهُوَ) أَيْ الْمَأْمُومُ (فِيمَا) أَيْ رُكْنٍ (قَبْلَهُ لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا تُبَادِرُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ فَهُمَا أَسْبَقُكُمْ بِهِ إذَا رَكَعْت تُدْرِكُونِي بِهِ إذَا رَفَعْت» وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فَرَغَ أَنَّهُ مَتَى أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا، فَإِنْ قُلْت عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَأْمُومَ لَوْ طَوَّلَ الِاعْتِدَالَ بِمَا لَا يُبْطِلُهُ حَتَّى سَجَدَ الْإِمَامُ وَجَلَسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ثُمَّ لَحِقَهُ لَا يَضُرُّ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا لَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ لِلتِّلَاوَةِ وَفَرَغَ مِنْهُ، وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ، فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، وَإِنْ لَحِقَهُ
قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَمَّا كَانَتْ تُوجَدُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا كَانَتْ كَالْفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَفَحُشَتْ الْمُخَالَفَةُ بِهَا بِخِلَافِ إدَامَةِ بَعْضِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَا يَفْحُشُ إلَّا إنْ تَعَدَّدَ (أَوْ) تَخَلَّفَ (بِرُكْنَيْنِ) فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ (بِأَنْ فَرَغَ) الْإِمَامُ (مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا) بِأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ يَعْنِي زَالَ عَنْ حَدِّ الْقِيَامِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَقْرَبَ لِلْقِيَامِ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ فَهُوَ إلَى الْآنَ فِي الْقِيَامِ فَلَا يَضُرُّ بَلْ قَوْلُهُمْ هَوَى لِلسُّجُودِ بِفَهْمِ ذَلِكَ فَقَوْلِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَإِنْ كَانَ لِلْقِيَامِ أَقْرَبَ أَيْ مِنْهُ إلَى السُّجُودِ أَوْ أَكْمَلَ الرُّكُوعَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) بِأَنْ تَخَلَّفَ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَقَدْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ أَوْ لِسُنَّةٍ كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ تَخَلَّفَ لِجِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ أَوْ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ إذَا قَامَ إمَامُهُ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِهَذَا الْجُلُوسِ لِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ أَوْ ظَنًّا لِمَا يَأْتِي آنِفًا سم (قَوْلُهُ بِمَنْ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ) أَيْ لَمْ يُتَيَقَّنْ كَوْنُهُ فِي صَلَاةٍ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبِنْ خِلَافُهُ) أَيْ، فَإِذَا بَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي أَيْضًا كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْمُقَارَنَةِ (قَوْلُهُ: كَالشَّكِّ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ ضَرَّ، وَإِنْ زَالَ عَنْ قُرْبٍ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْته صَرَّحَ بِهِ فِي فَتْحِ الْجَوَادِ بَصْرِيٌّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِنْ تَخَلَّفَ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَوَصَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي كَأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ رَفْعَ الِاعْتِدَالِ وَالْمَأْمُومُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا) وَكَذَا إذَا تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ بِعُذْرٍ لَمْ تَبْطُلْ قَطْعًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ لَحِقَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ هَوَى لِلسُّجُودِ الْأَوَّلِ قَبْلَ هُوِيِّ الْإِمَامِ لِلسَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَفَرَغَ مِنْهُ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ هَوَى لِلسُّجُودِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ قَامَ الْإِمَامُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ تَلَبُّسِ الْمَأْمُومِ بِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ مَعَ الْإِمَامِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْمَأْمُومُ قَائِمٌ) أَيْ لَمْ يَسْجُدْ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ فِي هُوِيِّ السُّجُودِ مَعَ تَخَلُّفِهِ عَنْ السُّجُودِ عَمْدًا حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ عَنْهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَحِقَهُ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ، وَالْمَنْصُوبِ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلَ لِلْمَأْمُومِ وَالثَّانِيَ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: إنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ إلَخْ) هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ الشَّارِحِ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِكْمَالِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَمَنَعَتْ فُحْشَ الْمُخَالَفَةِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ انْتَهَى وَاقْتَصَرَ م ر عَلَى الْفَرْقِ الْمَضْرُوبِ سم (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَتْ إلَخْ) كَانَ حَاصِلُهُ أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَمَّا كَانَتْ عِبَادَةً تَامَّةً مُسْتَقِلَّةً بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُفْعَلُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا مُنْفَرِدَةً كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ فِيهَا أَفْحَشَ بِخِلَافِ سَجْدَةٍ هِيَ جُزْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ بَصْرِيٌّ وَلَعَلَّ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تُوجَدُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْ وَلَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ وَلِذَا وَجَبَتْ نِيَّتُهَا سم (قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَعَدَّدَ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ابْتَدَأَ الْإِمَامُ الْهُوِيَّ إلَخْ) أَيْ، وَالْمَأْمُومُ فِي قِيَامِ الْقِرَاءَةِ مُغْنِي وَسَمِّ زَادَ الْبَصْرِيُّ وَكَأَنَّهُ تَرَكَهُ الشَّارِحِ لِوُضُوحِهِ. اهـ. أَقُولُ وَلَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ بِأَنْ تَخَلَّفَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ أَقْرَبَ لِلْقِيَامِ إلَخْ) أَيْ أَوْ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزِّيَادِيُّ ع ش (قَوْلُهُ: فَقَوْلِي إلَخْ) أَيْ فِي تَصْوِيرِ التَّخَلُّفِ بِرُكْنَيْنِ سم (قَوْلُهُ: أَيْ مِنْهُ إلَى السُّجُودِ أَوْ أَكْمَلَ الرُّكُوعَ) اعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ لَا يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ مِنْ أَقَلِّ الرُّكُوعِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَتَّى رَكَعَ الْإِمَامُ) أَيْ أَوْ قَارَبَ الرُّكُوعَ كَمَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَةِ السُّورَةِ إلَخْ) أَيْ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِسُنَّةٍ إلَخْ) مِنْهَا مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَقَدْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَكُونُ مَعْذُورًا ع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ التَّخَلُّفُ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي أَتَى بِهِ الْإِمَامُ سم وَرَشِيدِيٌّ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَمَّا كَانَتْ تُوجَدُ خَارِجَ الصَّلَاةِ إلَخْ) هَذَا مَا رَجَعَ الشَّارِحِ إلَيْهِ بَعْدَ أَنْ ضَرَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَامَ لَمَّا لَمْ يَفُتْ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ لِرُجُوعِهِمَا إلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ فَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ الرُّكْنَ يَفُوتُ بِانْتِقَالِ الْإِمَامِ عَنْهُ فَكَانَ لِلْمَأْمُومِ شُبْهَةٌ فِي التَّخَلُّفِ لِإِكْمَالِهِ فِي الْجُمْلَةِ فَمَنَعَتْ فُحْشَ الْمُخَالَفَةِ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ. اهـ. وَاقْتَصَرَ م ر عَلَى الْفَرْقِ بِالْمَضْرُوبِ (قَوْلُهُ: لَمَّا كَانَتْ تُوجَدُ خَارِجَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ وَلِذَا وَجَبَتْ نِيَّتُهَا (قَوْلُهُ: الْهُوِيَّ لِلسُّجُودِ) أَيْ وَالْمَأْمُومُ فِي الْقِيَامِ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ) أَيْ فِي تَصْوِيرِ التَّخَلُّفِ بِرُكْنَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِإِتْمَامِ التَّشَهُّدِ) لَا يُقَالُ إنَّ قَضِيَّةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute