وَكَذَا عِنْدَ كُلِّ حَالٍ يَقْتَضِي تَغَيُّرَهُ وَعِنْدَ كُلِّ مَجْمَعٍ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ وَعِنْدَ سَيَلَانِ الْوَدْيِ
(وَآكُدُهَا غُسْلُ غَاسِلِ الْمَيِّتِ) لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَرَاهَةُ تَرْكِهِ أَيْضًا (ثُمَّ) غُسْلُ (الْجُمُعَةِ وَعَكْسُهُ الْقَدِيمُ) فَقَالَ: إنَّ غُسْلَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ لِلْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ مَعَ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ أَيْضًا، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْقَدِيمَ يَرَى وُجُوبَ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ وَسُنِّيَّةَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ فَكَيْفَ تُفَضَّلُ سُنَّةٌ عَلَى وَاجِبٍ وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ قَوْلًا فِيهِ بِوُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ أَيْضًا (قُلْت الْقَدِيمُ هُنَا أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ وَأَحَادِيثُهُ صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ) فِي أَفْضَلِيَّةِ غُسْلِ الْمَيِّتِ عَلَى غُسْلِ الْجُمُعَةِ (حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) أَيْ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا يُرَدُّ خَبَرُ «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا» ، وَإِنْ صَحَّحَ لَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا عَلَى أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَجَّحَ وَقْفَهُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَصَحَّحَ جَمْعٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ الْجَنَابَةِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمِنْ الْحِجَامَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: م ر عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ دَاخِلَ الْحَمَّامِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اغْتَسَلَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَثَلًا، ثُمَّ اتَّصَلَ بِغُسْلِهِ الْخُرُوجُ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ غُسْلٌ آخَرُ ع ش (قَوْلُهُ: وَكَذَا كُلُّ حَالٍ يَقْتَضِي إلَخْ) هَلْ الْغُسْلُ حِينَئِذٍ عِنْدَ إرَادَةِ الشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ لَعَلَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا قَبْلَهُ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ اقْتِصَارِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَلَى مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْأَقْرَبَ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ كُلِّ مَجْمَعٍ مِنْ مَجَامِعِ الْخَيْرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ الِاجْتِمَاعِ عَلَى مُبَاحٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا حُرْمَةَ لَهُ انْتَهَى. اهـ. سم عَلَى حَجّ وَمِنْ الْمُبَاحِ الِاجْتِمَاعُ فِي الْقَهْوَةِ الَّتِي لَمْ تَشْتَمِلْ عَلَى أَمْرٍ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ دُخُولُهَا كَعَظِيمٍ مَثَلًا، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنَّ هَذِهِ الْأَغْسَالَ الْمُسْتَحَبَّةَ إذَا وُجِدَ لَهَا أَسْبَابٌ كُلٌّ مِنْهَا يَقْتَضِي الْغُسْلَ كَالْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ مَثَلًا وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبِطِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ يَكْفِي لَهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ لِتَدَاخُلِهَا لِكَوْنِهَا مَسْنُونَةً وَأَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِبَعْضِهَا، ثُمَّ طَرَأَ غَيْرُهُ تَعَدَّدَ الْغُسْلُ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ، وَإِنْ تَقَارَبَتْ وَكَالْغُسْلِ التَّيَمُّمُ فِي ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَعَدُّدِ الْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ أَنَّهُ لَوْ اغْتَسَلَ لِلْعِيدِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ بَلْ يَأْتِي بِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ سَيَلَانِ الْوَدْيِ) أَمَّا الْغُسْلُ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَغَيْرُ مُسْتَحَبٍّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِشِدَّةِ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِيهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش الْمُتَبَادَرُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لَهَا، وَإِنْ فُعِلَتْ فِي جَمَاعَةٍ لَكِنْ كَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجّ وَلِكُلِّ مَجْمَعٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ هَلْ، وَلَوْ لِجَمَاعَةِ كُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ. اهـ. وَعُلِمَ رَدُّهُ مِنْ الْمُتَبَادَرِ الْمَذْكُورِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَكَيْفَ تَفْضُلُ سُنَّةٌ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ فَإِنَّ لِذَلِكَ نَظَائِرَ سم (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا اخْتِلَافُ الْقَدِيمِ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ، وَمُجَرَّدُ هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ بِالْكُلِّيَّةِ إلَّا إنْ اخْتَلَفَ أَيْضًا فِي وُجُوبِ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ إذْ لَوْ جَزَمَ بِوُجُوبِهِ وَاخْتَلَفَ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَخْلُ تَفْضِيلُ مَا اخْتَلَفَ فِي وُجُوبِهِ عَلَى مَا جَزَمَ بِوُجُوبِهِ عَنْ الْإِشْكَالِ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَدْ يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قُلْت الْقَدِيمُ إلَخْ إنْ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِ الِاسْتِحْبَابِ وَرَدِّ الْإِشْكَالِ أَوْ عَلَى الثَّانِي فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَدِيمَ يَرَى تَقْدِيمَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدَهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَآكَدُهَا إلَخْ) أَيْ فِي الْجَدِيدِ نِهَايَةُ قَوْلِ الْمَتْنِ (وَأَحَادِيثُهُ) أَيْ غُسْلُ الْجُمُعَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي أَفْضَلِيَّةِ غُسْلِ الْمَيِّتِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الطَّالِبَةِ لِغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَكَتُوا عَنْ تَرْتِيبِ الْبَقِيَّةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَوْلَى مِنْهَا مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ، ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوُجُوبِ وَصِحَّةِ الدَّلِيلِ قُدِّمَ مَا كَثُرَتْ أَخْبَارُهُ الصَّحِيحَةُ، ثُمَّ مَا كَانَ النَّفْعُ مُتَعَدِّيًا فِيهِ أَكْثَرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي مَسْنُونَيْنِ ضَعُفَ دَلِيلُهُمَا فَيُقَدَّمُ مَا نَفْعُهُ أَكْثَرُ انْتَهَى اهـ سم وَعَكَسَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ النِّهَايَةُ فَقَالَ الْأَفْضَلُ بَعْدَهُمَا مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ، ثُمَّ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ، ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ، ثُمَّ مَا كَانَ نَفْعُهُ مُتَعَدِّيًا أَكْثَرَ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ إلَخْ لَعَلَّ وَجْهَ تَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُمْ قَدَّمُوا غُسْلَ الْجُمُعَةِ لِكَثْرَةِ أَحَادِيثِهِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ مَا كَثُرَتْ أَحَادِيثُهُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ فَلَوْ اجْتَمَعَ غُسْلَانِ اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَدَّمَ مَا الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ أَقْوَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا تَعَارَضَا فَيَكُونَانِ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ. اهـ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ إلَخْ) لَا يَخْلُو عَنْ مُسَامَحَةٍ إذْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَحَادِيثِ التَّصْرِيحُ بِتَفْضِيلِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَيُجَابُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِجَمَاعَةِ النَّهَارِ وَغَيْرِ رَمَضَانَ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ سَنُّ الْغُسْلِ لِجَمَاعَةِ كُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ كُلِّ مَجْمَعٍ إلَخْ) هَلْ، وَلَوْ لِجَمَاعَةِ كُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلِكُلِّ اجْتِمَاعٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ عَلَى مُبَاحٍ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَا حُرْمَةَ لَهُ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَكَيْفَ تُفَضَّلُ سُنَّةٌ عَلَى وَاجِبٍ) مَا الْمَانِعُ فَإِنَّ لِذَلِكَ نَظَائِرَ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ لَهُ قَوْلًا إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا اخْتِلَافُ الْقَدِيمِ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَمُجَرَّدُ هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ بِالْكُلِّيَّةِ إلَّا إنْ اخْتَلَفَ أَيْضًا فِي وُجُوبِ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ إذْ لَوْ جَزَمَ بِوُجُوبِهِ وَاخْتَلَفَ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَخْلُ تَفْضِيلُ مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ عَلَى مَا جَزَمَ بِوُجُوبِهِ عَنْ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَيْسَ لِلْجَدِيدِ) عِبَارَةُ الْمُحَلَّيْ مِنْ الْأَحَادِيثِ الطَّالِبَةِ لِغُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَكَتُوا عَنْ تَرْتِيبِ الْبَقِيَّةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأُولَى مِنْهَا مَا اُخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ، ثُمَّ مَا صَحَّ حَدِيثُهُ، فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْوُجُوبِ وَصِحَّةِ