[س ظور] ورد كتابٌ من مصر بأن يحجَّ أبو محمد المغفَّلي بالناس، ويخطب بعَرَفَة ومِنى. فصلَّى بعرفة وأتَمَّ الصلاة، فعَجَّ الناس، فصعد المنبر، فقال: أيُّها الناس، أنا مُقيم وأنتم على سفر، فلذلك أتممت.
[س] وقدم إليه المقام وهو قاعدٌ في جوف الكعبة. ولقد سمعتُهم بمكة يذكرون أن هذه الولاية لم تكن قطُّ لغيره.
[س ش] ومن عَظَمتِه أنه كان فوق الوزراء، وأنهم كانوا يصدرون عن رأيه.
[س] وجاور مرة بمكة.
[س] وكنتُ ببُخارى أستملي له، فذكر أنه حصل وَجْدٌ وشيءٌ من غشي بسبب إملاء حكاية وأبيات، وتوفي بعد جمعة.
[س ش][ظور] فسمعتُ ابنَه بشرًا يقول: آخرُ كلمةِ تكلَّم بها؛ أَنْ قَبَضَ على لحيته بيده اليسرى، ورفع يده اليُمنى إلى السماء، وقال: ارحم شيبة شيخٍ جاءك بتوفيقك على الفِطْرة.
[س ش][ظور] توفي غدوة يوم الثلاثاء السابع عشر من رمضان سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وحُمِل بعد الظهر تابوته إلى السهلة، فوُضِع على باب السلطان - يعني ببخارى -، وحمل الوزير أبو علي البلعمي تابوته أحد شقيه على عاتقه بعد الصلاة، وقدّم ابنه للصلاة عليه، وقدمت البغال، وحملوا جثته الطيبة إلى وطنه الذي قتله حُبُّه بهراة ودُفِن بها.
[س ش] وسمعتُ أبا الفضل السُّلَيماني - وكان صالحًا - يقول: رأيتُ أبا محمد المزني في المنام بعد وفاته بليلتين، وهو يَتَبَخْتَرُ في مشيته ويقول بصوتٍ عالٍ:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[القصص: ٦٠].
[ظور] سمعت أبا محمد المزني يقول: حديث النزول قد ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجوه صحيحة، وورد في التنزيل ما يصدقه، وهو قوله عزّ وجلّ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} [الفجر: ٢٢]، والنزول والمجيء صفتان منفيتان من صفات الله عزّ وجلّ من طريق الحركة والانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات الله عزّ وجلّ بلا تشبيه، جلّ اللهُ عما تقول المعطلة بصفاته والمشبّهة بها علوًّا كبيرًا.