الفضل الهمذاني إلى نيسابور، تعَصَّبوا له، ولقّبوه "بديع الزمان"، فأُعْجِب بنفسه، إذ كان يحفظ المئة بيتٍ إذا أُنْشِدت مرةً بين يديه، ويُنْشِدُها من آخرها إلى أولها مقلوبةً. فأنكر على الناس قولهم: فلان الحافظ في الحديث، ثم قال: وحِفْظُ الحديث مما يُذْكَر؟!
فسمع به الحاكم ابن البيِّع، فوجَّه إليه بجزء، وأَجَّلَ له جُمعةً في حفظه، فردَّ إليه الجزء بعد جمعة، وقال: مَن يحفظ هذا؟ محمَّد بن فلان، وجعفر بن فلان، عن فلان؟ أسامي مختلفة، وألفاظ متباينة؟ فقال له الحاكم: فاعرف نفسَك، واعلم أن حِفْظ هذا أصعب مما أنت فيه" (١).
بين الحاكم وأبي بكر الشيرازي (مصنِّف كتاب "الألقاب"):
قال السمعاني في الأنساب (مادة: الحَدَثي): أخبرنا محمَّد بن عبد الله الكشي بسمرقند، أنا أبو علي النسفي في كتابه، أنا أبو العباس المستغفري الحافظ، سمعت أبا بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي يقول: "وقعت بيني وبين أبي عبد الله ابن البيِّع الحافظ بنيسابور منازعة في عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة، فكنت أقول: هما اثنان، وكان يقول: هما واحد، فتحاكمنا إلى الشيخ أبي أحمد الحافظ الكرابيسي فقلت له: ما قول الشيخ فيمن يقول عمرو بن زرارة وعمر بن زرارة واحد؟ قال: فقال أبو أحمد: من هذا الطبلُ الذي لا يفصل بينهما! هما اثنان: عمرو بن زرارة بن واقد نيسابوري كنيته أبو محمَّد، وعمر بن زرارة الحدثي من أهل الحديثة حدَّث ببغداد كنيته أبو حفص.
فخجل أبو عبد الله من ذلك وتشوَّر، فقلتُ في ذلك أبياتًا وهو قولي فيه: