والكلام، وهو أحد من امتُحِن في أمر أبي أحمد الذهلي، وفارق نيسابور سنة أربعين وثلاثمائة، وأقام ببخارى سنين، ثم وقع إلى الجوزجانان، واتصل بأولئك السلاطين. وتوفي بها، قبل الخمسين، وسماعاته من أبي بكر محمَّد بن إسحاق، وأبي العباس محمَّد بن إسحاق الثقفي، وأقرانهما، كثيرة.
[٧٢٢] محمَّد بن صالح بن هانئ الميداني، أبو جعفر النيسابوري الورَّاق.
قال الحاكم: ثقة ثبت، أحد المكثرين. سمع الحديث الكثير بنيسابور، ولم يسمع بغيرها ولا حديثًا، ولم يكن بعد أن ضعف يصبر عن حضور المجالس، وكان يفهم ويحفظ، وكان صبورًا على الفقر، لا يأكل إلا من كَسْب يده.
سمع أبا زكريا يحيى بن محمَّد بن يحيى الشهيد، وكان يواظب على الكتابة عنه، وجماعة من المشايخ أحياء، كإبراهيم بن عبد الله السعدي، فلم يسمع منهم حتى فاتوه، وسمع السري بن خزيمة، والحسين بن الفضل، ومحمد بن إسحاق بن الصباح، وطبقاتٍ بعدهم.
روى عنه الشيخ أبو بكر بن إسحاق، وأبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وغيرهم من المشايخ، ومصنفات الحافظ أبي أحمد مشحونة بروايته عنه.
مات في سلخ شهر ربيع الأول سنة أربعين وثلاثمائة، وصلّى عليه أبو عبد الله ابن الأخرم الحافظ، ولما دُفِن وقف على قبره، فترحّم عليه أبو عبد الله وأثنى عليه، وحكى أنه صحبه من سنة سبعين ومائتين إلى حينئذٍ، فما رآه أتى شيئًا لا يرضاه الله عزَّ وجلَّ، ولا سمع منه شيئًا يُسألُ عنه.
وكان أبي يسأل محمدَ بنَ صالح يومَ الجمعة أن ينصرف إلى منزله فيفعل، ويقيم عنده إلى الجمعة المستقبلة، يفعل ذلك غير مرّةٍ في السنة، وكان يقرأ كل يوم جزءًا من حديثه بخطه، ثم يصلِّي طول النهار، ويقوم أكثر الليل.
وسمعت أبا عبد الله محمَّد بن يعقوب الحافظ يقول: سمعت محمَّد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت أبا بكر محمَّد بن رجاء السندي يقول - وذُكِرَ عنده أبو بكر الجارودي وتعصُّبُه للمذهب - فقال: هو كَلْبُ السُّنَّة، أَسْتَغْفِرُ اللهَ العظيمَ.
[٧٢٢] مصادر ترجمته: طبقات الفقهاء الشافعية (١/ ١٦٦ - ١٦٧).