للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعشرين إلى أن توفي بها يوم السبت سلخ ذي القعدة من سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وأخبرني أنه ابن خمس وثمانين سنة، [وصلّيت عليه] (١).

[ك ف] سمعت الصفَّار (٢) يدعو في مسجده، وهو رافع باطن كفَّيه إلى السماء، وهو يقول: يا رب! إنك تعلم أن أبا العبّاس المصري ظلمني وخانني، وحبس عني أكثر من خمسمائة جزء من أصولي، اللهُمّ فلا تنفعه بتلك الأجزاء وبسائر ما جمعه من الحديث، ولا تبارك له فيه.

[ك ف] وكان أبو عبد الله الصفَّار مُجاب الدعوة، وكان السبب في موجدته على أبي العباس المصري ورَّاقِهِ أنه قال له: اذهب إلى أبي العباس الأصمّ، وقل له: قد حضرت معك ومع أبيك قراءة كتاب "الجامع" للثوري - مجلس أسيد بن عاصم -، وقد ذهب كتابي، فإن كان لي في كتابك سَماعٌ بخطي فأخرجه إليّ حتى أنسخه. فذهب فقال أبو العباس: السمع والطاعة، وأخرج الكتاب في أربعة أجزاء بخط يعقوب، وسَماع أبي عبد الله فيه بخطه، فدفعه إلى أبي العباس فأخذه ووضعه في بيته، ثم جاء إلى أبي عبد الله فقال: إنّ الأصم رجل طمَّاع، قد أخرج سَماعك بخطك في كتابه ولم يدفعه إليَّ، قال: لِمَ؟ قال: يقول: إني لا أدفع هذا السَّماع إليه حتى يحمل إليَّ خمسة دنانير. وكان أبو عبد الله قد تراجع أمره ونقصت تجارته. فبلغني أنه باع شيئًا من منزله، فدفع إلى أبي العباس خمسة دنانير، فأخذها وحمل الكتاب إليه، ثم أنهما جميعًا دعيا على أبي العباس فاستُجيبت دعوتهما فيه، ثم بعد ذلك كان أبو عبد الله يجامل أبا العباس ويجهد في استرجاع كتبه منه فلم يقدر عليه، وكاد أبو العباس يفوّتنا حديث أبي عبد الله الصفّار.

[ك ف] فذهبت أنا إلى أبي محمد عبد الله بن حامد الفقيه، فقلت له: إن هذا الرجل قد فوَّتنا هذا الشيخ، وهو يجامله بسبب كتبه عنده، ونحن نعلم أنه لا يفرج قط عن جزء من أصوله وإنْ قُتِل، فإن الشيخ أبا بكر بن إسحاق حبسه ولم يقدر على استرجاع الكتب. فلو نصبت أبا بكر الساوي الورَّاق مكانه ليسمع الناس ما بقي عنده من الكتب.

[ك ف] وكان أبو عبد الله الصفَّار يحمل أبا محمد بن حامد محمل الولد، وكان أبو


(١) زيادة من الأنساب.
(٢) في تاريخ دمشق والمقفى: يعني محمد بن عبد الله الأصبهاني.

<<  <   >  >>