للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشعر، ودرس الفقه على قاضي الحرمين وغيره، وكان أوحد زمانه في معرفة الشروط، وكان أُريد على ديوان الرسائل سنة أربع وستين وثلاثمائة، فامتنع واستعفى، ثم أُكره بعد ذلك غير مرة على وزارة السلطان فامتنع وتضرّع حتَّى أُعفي، وكان يختم القرآن في ركعتين [ويعول المستورين في بلدنا سرًّا] (١)، وكان يفتح بابه بعد فراغه من صلاة الصبح إلى أن يصلي صلاة العتمة، فلا يحجب عنه صاحب حاجة.

[ب] عقد له مجلس النظر سنة سبع وأربعين وثلاثمائة في حضرة إمامَي المذهبين أبي الوليد القرشي وأبي الحسين القاضي، وحضرا جميعًا مجلسه، ثم تقلَّد الرئاسة سنة ست وخمسين وثلاثمائة وهو منفرد بها بلا منازع ولا مانع نيِّفًا وعشرين سنة، فلم يُرَ شاكٍ مستنصف بجميع خراسان، وكان قد حجَّ سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، ثم تأهب للخروج إلى الحج ثانيًا في شهر رمضان سنة تسع وسبعين وثلاثمائة، فسُئِل أن يستصحب شيئًا من مسموعاته من أبي حامد الشرقي وأقرانه من المحدثين ففعل، وحدّث بنيسابور والدامغان والريّ وهمذان، وحدّث ببغداد بجملة من الحديث، وكذلك بالكوفة ومكة.

[ب] فحدثني غير واحد من أولاده وأقاربه الذين صحبوه بمكة أنَّه دخل مكة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، ونظر في مولده وقد حكم له المنجمون أنَّه يموت وهو ابن أربع وسبعين سنة، فدعا بمكة في المشاعر الشريفة يقول: اللَّهم إن كنت قابضني بعد سنتين فاقبضني في حرمك. فاستجاب الله دعاءه، وتوفي بمكة في آخر أيام الموسم في ذي الحجة من سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة (٢).


(١) في حاشية الأنساب: في عدة نسخ بياض. اهـ. وما بين معكوفتين استدركته من طبعة ليدن.
(٢) من أول الكلام إلى هنا لم يصرّح السمعاني بالنقل عن الحاكم، ولكن قوله (فحدثني غير واحد من أولاده وأقاربه) يدل على أنَّه كان ينقل عن الحاكم، وقد اختصر الذهبي في تاريخ الإسلام (٣٥١ - ٣٨٠ هـ) (ص ٦٤٥ - ٦٤٦) كلام الحاكم اختصارًا شديدًا فقال: قال الحاكم: كان مذكورًا بالأدب والكتابة ومعرفة الشروط، وكان صالحًا، يختم القرآن في ركعتين، وكان كثير المعروف، وعقد مجلس النظر في حياة الأستاذ أبي الوليد، ثم تقلّد الرئاسة، وحدّث عن ابن الشرقي وغيره، وهو في نفسه صدوق ولم يكن ممن يميّز المخرَّج له. توفي بمكة في آخر أيام الموسم. اهـ. ونقل ابن فهد المكي في "الدر الكمين بذيل العقد الثمين" (ص ٩٠٧) كلام الذهبي المختصر كما هو.

<<  <   >  >>