للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السري بن صالح الشيرازي وغيرهما.

[ب] كان من الأبدال، وجرب مرة بعد أخرى أنَّه كان مجاب الدعوة، ورث عن آبائه أموالًا طاهرة جمة فأنفقها كلها في أعمال البر وسُبُل الخير، ولم يستند إلى حائط ولم يتَّكِ على وسادة سبعين سنة، ولما تخلى من أملاكه خرج من نيسابور راجلًا حافيًا، فحجَّ ودخل الشام والرملة وأقام ببيت المقدس أشهرًا، ثم خرج منها إلى مصر وخرج إلى بلاد المغرب، ثم حج من المغرب ثانيًا، ثم انحدر من مكة إلى اليمن فبقي بها مدة، وله بها عجائب حدثني بها، ثم انصرف في الموسم وحجَّ ثالثًا وخرج إلى طرسوس، ثم انصرف إلى العراق ودخل البصرة، وخرج في البحر إلى عمان فانصرف إلى فارس وأصبهان، ثم انصرف بعد سبع عشرة سنة إلى بشت فتصدّق ببقية أملاكه، ودخل البلدة (١) لازمًا لأبي علي الثقفي.

[ب آداب] سمعت الأستاذ أبا الوليد يقول: لو أن التابعين والسلف رأوا عبيد الله الزاهد لفرحوا به.

[ب آداب] سمعت محمد بن جعفر المزكي: سمعت أبا علي الثقفي يقول: عبيد الله الزاهد من المجتهدين.

[ب] سمعت الأمير أبا القاسم علي بن ناصر الدولة يقول: دخل عليّ عبيد الله الزاهد، فاستقبلته، ثم قبّلت وجهه وأجلسته وجلست بين يديه، فبِتُّ تلك الليلة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام وهو يستقبلني إلى الموضع الَّذي استقبلت عبيد الله، ثم قبّل من وجهي الموضع الَّذي قبلته من وجه عبيد الله، ثم قال: هذا بذاك.

[ت] سمعت عبيد الله يقول: وقعت لي فترة، فدخلت هِيت، وبقيت بها أربعين يومًا، لم أذُق طعامًا ولا شرابًا، حتَّى وجدت الطريق الَّذي كنت سلكته.

[آداب] وقلتُ لعبيد الله: قد اختلف الناس في الفقر والغنى، أيهما أفضل؟ قال: ليس لواحد منهما فضل، إنما يتفاضل الناس بإيمانهم، ثم قال عبيد الله: كلّمني أبو الوليد في فضل الغني واحتجَّ عليَّ بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى" (٢)، قلتُ: يعارضه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصدقة جهد المقل" (٣).


(١) في الأنساب: يعني نيسابور.
(٢) أخرجه مسلم (١٠٣٤).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣٥٨) وأبو داود (١٦٧٧) والحاكم (١/ ٤١٤)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (٣/ ٣١٧).

<<  <   >  >>