للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

توفي بجرجان يوم الأضحى، سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن خمس وسبعين سنة.

[ص ش] قدم أبو عبد الله نيسابور سنة تسع وستين وثلاثمائة، وأقام مدَّة، وانتفع الناس بعلومه، وحدَّث، وحضر مجلس الأستاذ الإمام أبي سهل رحمهما الله، فأغلظ له الأستاذ في مناظرة جرت بينهما، فخرج أبو عبد الله مستوحشًا، فكتب إليه الأستاذ أبو سهل بهذه الأبيات:

أُعيذُ الفقيهَ الحرَّ من سطوةِ السَّخط … مصونًا عن الأفكار (١) بجلبها الغلطْ

يضايق حتى لا يسوِّغُ لفظة … ويعتبُ من لفظٍ يفورُ على اللَّغطْ

أحاكمه فيه إليه محكّمًا … وأسأله عفوًا لبادرة السَّقط

ومهما عدا (٢) وجه الصواب حفاظه … فإن سدادَ الرأي يلزمه النمطْ

ونشري لمطويِّ خلاف إمامنا … وطيِّي لمنشورٍ وفاءٌ بما شرطْ

شددت على باغي الفساد ولم أَدَعْ … عليه من الحَبِّ اليسير لمن لقطْ

على رمدٍ جاء الفريضُ مرمَّدًا … ورائقه بالبُرِّ قد يملأ السَّفَط (٣)

[ص ش] فأنشدني أبو عبد الله جوابَه عنها:

جفاءٌ جرى جهرًا لدى الناس وانبسط … وعُذْرٌ أتى سرًّا فأكَّد ما فرطْ

متى طالب الشيخُ الفقيهُ بحقِّه … وضَيَّعَ حقًّا لي عليه فقد قسطْ

سبيلي إذا ضايقته في العلوم أنْ … يضايقني فيها ولا يركبْ الشططْ

وعَدَّت أياديه (٤) التي خصَّني بها … فلا حاسبٌ أحصى ولا كاتبٌ ضبطْ

فمن أجلها في داره إذ حضرتها … سطا واعتدى في القول والفعل واختلطْ

فأيُّ ملامٍ يلحقُ الحُرَّ بعدها … إذا هو من جيرانه أبدًا قَنَطْ

هجرتُ اقتراض الشعر لمّا انقض الصِّبا … ولما رأيت الشيبَ في عارضي وخَطْ

ولولاه لانثالت قوافٍ (٥) محلُّها … صدور ذوي الآداب لا فارغُ السَّفَطْ


(١) في طبقات السبكي: الأنظار.
(٢) في طبقات السبكي: غدا.
(٣) في طبقات السبكي: قد يحمل السقط.
(٤) في طبقات السبكي: أناديه.
(٥) في طبقات السبكي: ولولاه لاشاكت فراق محلها.

<<  <   >  >>