وأقرانهما، وبالعراق على الصفار وأبا جعفر الرزاز وأقرانهما، وبالحجاز أبا سعيد ابن الأعرابي وأقرانه، ودخل اليمن فأدرك بها الأسانيد العالية.
[ي ص ش] وكان من المجتهدين في العبادة الزاهدين في الدنيا، تجنب مخالطة السلاطين وأوليائهم إلى أن خرج من دار الدنيا وهو ملازم لمسجده ومدرسته، قد اقتصر على بقية أوقاف لسلفه عليه، على قوت يوم بيوم، تخرّج به جماعة من العلماء الواعظين.
[ي س ش] وظهر له من مصنفاته أكثر من ثلاثمائة كتاب مصنف، وقد ظهر لنا في غير شيء أنه كان مجاب الدعوة.
[ص ش] مرض أبو منصور الفقيه يوم الأربعاء في السادس عشر من رجب،
[ص] فحدثني جماعةٌ من أصحابه أنه كان قبل مرضه هذا ينشد كلَّ يوم ما لا يحصى من مرة قول القائل:
وما تنفع الآداب والحلم والحجى … وصاحبها عند الكمال يموت (١)
[ي ص] وقد سمعت أبا منصور الزاهد في مرضه الذي مات فيه يذكر مولده سنة ست عشرة وثلاثمائة، فمات وهو ابن اثنتين وسبعين سنة.
[ص] وعن هذا السِّنِّ مات الأستاذ، وأبو علي الحافظ، وأبو القاسم ابن المؤمّل، وأبو بكر ابن جعفر المزكِّي، وجماعةٌ من مشايخنا رحمهم الله.
[ش] اشتد بأبي منصور الزاهد المرض يوم الثلاثاء السابع من ابتداء مرضه، فبكّرت إليه وقد ثقل لسانه، وكان يشير بإصبعه بالدعاء، ثم قال لي بجهد جهيد: تذكّر قصة محمد بن واسع مع قتيبة بن مسلم؟ فقلت: تفيد، فقال: إن قتيبة كان يجري على محمد بن واسع تلك الأرزاق وهو شيخ هرم ضعيف، فعوتب على ذلك، فقال: إصبعه في الدعاء أبلغ في النصر من رماحكم هذه.
[ش] ثم عُدْت إليه يوم الثلاثاء، فقال لي بعد جهد جهيد: أيها الحاكم غير مودع فإني راحل. فكان يقاسي لما احتضر من الجهد ما يقاسيه، وأنا أقول لأصحابنا إنه يؤخذ ليلة الجمعة.
[ي ص ش] توفي رحمه الله وقت الصبح من يوم الجمعة الرابع والعشرين من رجب سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة،
(١) ونقله ابن كثير في طبقات الشافعيين (ص ٣٣٣) عن الحاكم.