للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا يجوزُ تيمُّمُ كافرٍ لإسلامه، وجازَ وضؤه بلا نيَّة

(فلا يجوزُ تيمُّمُ كافرٍ (١) لإسلامه (٢)): أي لا يجوزُ (٣) الصَّلاةُ بهذا التَّيمُّمِ عندهما، خلافاً لأبي يوسفَ - رضي الله عنه -: فعنده يشترطُ لصحَّةِ التَّيمُّمِ في حقِّ جوازِ الصَّلاةِ أن ينويَ قربةً مقصودة (٤)، سواءٌ كانت (٥) لا تصحُّ

بدونِ الطَّهارةِ كالصَّلاة، أو تصحُّ كالإسلام.

وعندهما: قربةٌ مقصودةٌ لا تصحُّ إلا بالطَّهارة، فإن تيمَّمَ لصلاةِ الجنازة، أو لسجدةِ التَّلاوةِ يجوزُ بهذا التَّيمُّمِ أداءُ المكتوبات، وإن تيمَّمَ لمسِّ المصحفِ أو دخولِ المسجدِ لا تصحُّ به الصَّلاة؛ لأنَّهُ لم ينوِ به قربةً مقصودة، لكن يحلُّ لهُ مسُّ المصحف، ودخولُ المسجد.

(وجازَ وضؤه بلا نيَّة) حتى إن توضَّأَ بلا نيَّةٍ فأسلمَ جازَ صلاتُهُ بهذا الوضوء خلافاً للشَّافعيِّ - رضي الله عنه -، وهذا بناءً على مسألة النيَّةِ في الوضوء (٦)، وإن توضَّأ بالنِيَّةِ


(١) تفريع على اشتراط النية؛ لأنه من شرائط صحته الإسلام، فلا يجوز تيمم الكافر سواء نوى عبادة مقصودة لا تصح إلا بالطهارة أو لا. ينظر: «رد المحتار» (١: ١٦٥).
(٢) أي يريد به الإسلام، ثم أسلم، لم يكن متيمماً عند أبي حنيفة ومحمد - رضي الله عنهم -، وقال أبو يوسف - رضي الله عنه -: هو متيمم لأنه نوى قربة مقصودة، أما القربة؛ فلأن الإسلام أعظم القرب، وأما أنها مقصودة؛ فلأن المراد به هاهنا ما لا يكون في ضمن شيء آخر كالمشروط، وإذا كان كذلك صح تيممه كالمسلم تيمم للصلاة. ينظر: «العناية» (١: ١١٥).
(٣) ظاهر عبارة المتن كعبارة «الهداية» (١: ٢٦)، و «الجامع الصغير» (ص ٧٦) في عدم صحة تيمم الكافر بقصد الإسلام مطلقاً حتى لا ينوب مقام الغسل الذي يؤمر به الكافر عند إسلامه، وليس كذلك، لذا أشار الشارح إلى دفعه بأن المراد أن تيمم الكافر لإسلامه غير معتبر في حقّ جواز الصلاة لا مطلقاً. ينظر: «عمدة الرعاية» (١: ٩٩).
(٤) اعلم أن العبادات على نوعين مقصودة وغير مقصودة، والمراد بالمقصودة في هذا البحث هي أن تكون مشروعة ابتداءاً تقرباً إلى الله من غير أن يكون تبعاً لغيرها وبعبارة أخرى هي ما لا يجب في ضمن شيء آخر بالتبعية، وغير المقصودة بخلافه، فمن الأول الإسلام، وسجدة التلاوة، وسجدة الشكر، والصلوات الخمس، وصلاة الجنازة، وغيرها، ومن الثاني: دخول المسجد، ومس المصحف، ورد السلام، وقراءة الأذكار ونحوها، ثم المقصودة منها ما لا يصح أو يحلّ بدون الطهارة كالصلوات وسجدة التلاوة، ومنها ما يصح بدونها كالإسلام. ينظر: «عمدة الرعاية» (١: ٩٩).
(٥) ساقطة من أ و س و ص وم، وفي ف: كان.
(٦) وهي أن الشافعي - رضي الله عنه - يشترط النية في الوضوء بخلافنا، ينظر: «المنهاج» (١: ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>