للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينقضُهُ: ناقضُ الوضوء، ونزعُ الخُفّ، ومُضِيِّ المدَّة، وبعد أحد هذين على المتوضئ غَسْلُ رجليه فحسب، وخروجُ أكثرِ العَقِبِ إلى السَّاق نَزْع

المسحِ في المُدَّةِ المذكورة، وقبل الحَدَثِ لا احتياجَ إلى المَسْح، فالزَّمان الذي يُحتاجُ فيه إلى المسح، وهو من وقتِ الحدثِ مقدَّرٌ بالمقدارِ المذكور (١).

(وينقضُهُ: ناقضُ الوضوء، ونزعُ الخُفّ (٢))، ذَكَرَ لفظَ الواحد، ولم يقلْ: نَزْعُ الخُفَّين؛ ليفيدَ أنَّ نزعَ أحدِهما ناقض، فإنَّه إذا نَزَعَ أحدَهما وجبَ غَسْلُ إحدى الرِّجلين، فوجبَ غَسْلُ الأُخرى، إذ لا جمعَ بين الغَسْلِ والمسح، وكذا إن دخلَ الماءُ أحدَ خُفَّيه حتَّى صارَ جميعُ الرِّجل مغسولاً، وإن أصابَ الماءُ أكثرَها، فكذا عند الفقيه أبي جعفر (٣).

(ومُضِيِّ المدَّة (٤)، وبعد أحد هذين): أي نَزَعُ الخُفّ، ومُضِي المُدَّة، (على المتوضئ غَسْلُ رجليه فحسب): أي على الذي كان له وضوء لا يَجِبُ إلاَّ غَسْلُ رجليه، أي لا يَجِبُ غَسْلُ بقيةِ الأعضاء، وينبغي أن يكون فيه خلاف مالك (٥) - رضي الله عنه - بناءً على فرضيةِ الولاء عنده.

(وخروجُ أكثرِ العَقِبِ (٦) إلى السَّاق نَزْع)، ولفظُ القُدُورِيِّ (٧): أكثر القدم، وما


(١) لكونه وقت وجود السبب، وأيضاً: هو وقت منع الخف سراية الحدث إلى القدم، وأيضاً: هو وقت وجود الرخصة، فكان أحق بالاعتبار من وقت اللبس ووقت الطهارة. ينظر: «العمدة» (١: ١١٤).
(٢) أراد به ما يشمل الانتزاع، وإنما نقض لسراية الحدث إلى القدم عند زوال المانع. ينظر: «رد المحتار» (١: ١٨٣).
(٣) بناءً على أن للأكثر حكم الكل، فيجب عليه أن ينْزع الخف، ويغسل القدم. ينظر: «العمدة» (١: ١١٤)
(٤) خروج القدم ومضي المدة ليس بناقض حقيقة، وإنما الناقض الحدث السابق، لكن لما ظهر أثره عندهما نُسِبَ النقضُ إليهما. ينظر: «فتح باب العناية» (١: ١٩٨).
(٥) قال مالك - رضي الله عنه - في الذي ينْزع خُفَّيه وقد مسح عليهما: إنه يغسل رجليه مكانه ويجزئه، وإن أخَّرَ ذلك ابتداء الوضوء، فإن نزع خُفَّاً واحداً، فلينْزع الآخر، ويغسل رجليه مكانه ويجزئه، وإن أخر ذلك ساعةً أعاد الوضوء، وقال الأبهري: حدُّ ذلك مقدارُ ما يجفُّ فيه الوضوء. ينظر: «التاج والإكليل» (١: ٣٢٣).
(٦) العقِب: مؤخِّر الرِّجل. ينظر: «مختار الصحاح» (ص ٤٤٤).
(٧) وهو أحمد بن محمد بن أحمد البَغْدَادِيّ القُدُورِيّ، أبو الحسين، قال السَّمْعَانيُّ: انتهت إليه رئاسة أصحاب أبي حنيفة بالعراق، وعزَّ عندهم قدره وارتفع جاهه، وكان حسن العبارة في النظر، مديماً لتلاوة القرآن. من مؤلفاته: «مختصر القُدُورِيّ»، و «شرح مختصر الكَرْخي»، و «التجريد»، (٣٦٢ - ٤٢٨ هـ). ينظر: «النجوم الزاهرة» (٥: ٢٤)، «مرآة الجنان» (٣: ٤٧)، «الفوائد» (ص ٥٧ - ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>