للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقعدةُ الأولى، والتَّشهُّدان

نَّظير تقديم الرُّكنِ الرُّكوعَ قبل القرءاة (١)، وسجدةُ السَّهو لا تجبُ إلاَّ بتركِ الواجب، فَعُلِمَ أنَّ التَّرتيب بين الرُّكوعِ والقرءاةِ واجب، مع أنَّهما غيرُ مكرَّرين (٢) في ركعةٍ واحدة.

وقد قال في «الذَّخيرة»: أمَّا تقديمُ الرُّكنِ نحو أن يركعَ قبل أن يقرأ؛ فلأن مراعاةَ التَّرتيبِ واجبةٌ عند أصحابِنا الثَّلاثة خلافاً لزُفَر - رضي الله عنه -، فإنَّها فرضٌ عنده.

فَعُلِمَ أنَّ مراعاةَ التَّرتيب واجبةٌ مطلقاً، فلا حاجةَ إلى قوله فيما تكرَّر؛ ولهذا لم أذكرْهُ في «المختصر» (٣)، ويخطرُ ببالي أن المرادَ بما تكرَّر فيما يتكرَّرُ في الصَّلاة احترازاً عمَّا لا يتكرَّرُ في الصَّلاة على سبيلِ الفرضيَّة، وهو تكبيرةُ الافتتاح، والقعدةُ الأخيرة، فإن مراعاةَ التَّرتيبِ في ذلك فرض.

(والقعدةُ الأولى، والتَّشهُّدان)، ذَكَرَ في «الذَّخيرة»: أنَّ القعدةَ الأولى سنَّة، والثَّانية واجبة، وفي «الهداية»: إنَّ قرءاةَ التَّشهُّدِ في القعدةِ الأولى سُنَّة، وفي الثَّانية واجبة (٤)، لكنَّ المصنِّف - رضي الله عنه - لم يأخذْ بهذا؛ لأن قولَه - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود - رضي الله عنه -: «قُل: التِّحِيَّاتُ لله» (٥)، لا يوجبُ الفرقَ في قراءة التَّشهدِ في الأولى والثَّانية، بل يوجبُ الوجوبَ في كليهما، ولمَّا


(١) أي الركوع بدون قراءة، ولم يعد للقراءة ولا الركوع، وإنما يكون فيه سجدة السهو؛ لأن ركن القراءة غير متعيِّن، فكما يكون في الأوليين، يكون في الأخريين بخلاف الركوع والقيام فإنه متعيِّنٌ في كل ركعة. ينظر المصادر السابقة.
(٢) في النسخ مكرر، والمثبت من م.
(٣) أي «مختصر الوقاية» (ص ١٩)، فاكتفى بقوله: ورعاية الترتيب.
(٤) ما نسبه الشارح - رضي الله عنه - إلى «الهداية» من القول بسنية التشهد في القعدة الأولى هو ما يفهم من كلام صاحب «الهداية» (١: ٤٦) عند ذكر واجبات الصلاة، إذ لم يذكر التشهد الأول من بينها، ولكن هذا الفهم يخالف نصَّ صاحب «الهداية» (١: ٧٤) في باب سجود السهو إذ ذكره من الواجبات، وقال: هو الصحيح.
(٥) الحديث عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا نقول في الصَّلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: السلام على الله، السلام على فلان، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم: «إن الله هو السلام، فإذا قعد أحدكم في الصلاة، فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين … » في «صحيح البخاري» (١: ٤٠٣)، و «صحيح مسلم» (١: ٣٠١)، واللفظ له، و «صحيح ابن خزيمة» (١: ٣٥٦)، و «صحيح ابن حبان» (٥: ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>