للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

................................................................................

وفسَّروا الاشتراكَ في التَّحريمة: بأن يكونا بانيين تحريمتَهما على تحريمةِ الإمام.

والشَّركةُ في الأداء: بأن يكونَ لهما إمامٌ فيما يؤدِّيانِه، إمِّا حقيقةً كالمقتديين، وإمَّا حُكْماً كاللاحقين يعني رجلٌ وامرأة اقتديا برجلٍ فسبقَهما حدثٌ فتوضَّئا وبنيا، وقد فَرَغَ الإمام، فحاذت المرأةُ الرَّجلَ فسدت صلاةُ الرَّجل.

فاللاحق وإن لم يكن له إمام حقيقة، فله إمامٌ حكماً، فإنَّه التزمَ أن يؤدِّيَ جميعَ صلاتِه خَلْفَ الإمام، فإذا سبقَهُ الحدثُ فتوضَّأ وبنا، يُجْعَلُ كأنَّه خَلْفَ الإمام حتَّى يثبتُ له أحكامُ المُقْتديين كحرمةِ القراءة، ونحوِها بخلافِ المسبوق: وهو الذي أدرك آخرَ صلاةِ الإمام، فلم يلتزم أداءَ الكُلِّ خَلْفَ الإمام، فهو في أداءِ ما لم يُدْرِكْهُ مع الإمام منفردٌ حتَّى تَجِبَ عليه القراءة، فالمسبوقانَ وإن كانا مشتركين في التَّحريمةِ إذ بنيا تحريمتَهما على تحريمةِ الإمام، فليسا مشتركين في الأداء، فإن حاذت المرأةُ رجلاً في أداءِ ما سبق، لم تفسدْ صلاةُ الرَّجل؛ لعدمِ الشَّركة في الأداء.

أقولُ: في تفسيرِ الشَّركةِ في التَّحريمةِ والأداءِ تساهل، وينبغي أن يقالَ الشَّركةُ في التَّحريمة: أن يَبْنِيَ أحدُهما تحريمتَهُ على تحريمةِ الآخر، أو بنيا تحريمتَهما على تحريمةِ ثالث، والشَّركةُ في الأداء: بأن يكون أحدُهما إماماً للآخر فيما يؤدِّيه، أو أن يكونَ لهما إمامٌ فيما يؤدِّيانِه حتَّى يشمل الشَّركة بين الإمامِ والمأموم؛ فإن محاذاةَ المرأةِ الإمامَ مفسدةٌ صلاةَ الإمام مع أنَّه لا اشتراك بينَهما تحريمةً وأداءً بالتَّفسير الذي ذكروا.

وأيضاً لا أجدُ فائدةً في ذِكْرِ الشَّركةِ في التَّحريمة، بل يكفي ذِكْرُ الشَّركة في الأداء، فإنَّ الإمامَ إذا سبقَهُ الحدثُ فاستخلفَ آخر، فاقتدى أحد بالخليفة، فالشَّركةُ في الأداءِ ثابتةٌ (في الأداء) (١) بين الذي اقتدى بالخليفة وبين الإمام الأوَّل، وكلُّ مَن اقتدي به باعتبارِ أنَّ لهم إماماً فيما يؤدُّونَه، وهو الخليفة، ولا شركة بينهم في التَّحريمة؛ لأنَّ المقتدي بالخليفةِ بَنَى تحريمتَهُ على تحريمةِ الخليفة، والإمامُ الأَوَّل ومَن اقتدى به لم يَبْنُوا تحريمتَهم على تحريمةِ الخليفة، فلم تُوجِدْ بينَهم الشَّركةُ في (٢) تحريمة، ومع ذلك لو كانت المرأةُ من إحدى الطَّائفتين، إمَّا من المقتدين بالإمامِ الأَوَّل، أو من المقتدين بالخليفة، فحاذت الطَّائفة


(١) زيادة من ص و ف و م.
(٢) زيادة من أ و ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>