للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يفسدُها بكاؤه من ذكرِ الجنَّة، أو النَّار، والتَّنحنحُ بعذر، والدُّعاء بما لا يسأل من النَّاس، والعملُ القليلُ، ومرورُ أحد، ويأثمُ إن مرَّ في مَسْجَدِهِ على الأرضِ بلا حائل

(ولا يفسدُها بكاؤه من ذكرِ الجنَّة، أو النَّار، والتَّنحنحُ بعذر، (والدُّعاء بما لا يسأل من النَّاس) (١)، والعملُ القليل)، وهو ضدُّ الكثير على اختلاف الأقوال، (ومرورُ أحد، ويأثمُ إن مرَّ في مَسْجَدِهِ على الأرضِ بلا حائل)، المَسْجِدُ من الألفاظِ التي جاءت على المَفْعِلِ بالكسر، ويجوزُ فيها الفتحُ على القياس (٢)، والفقهاءُ إذا قالوا: بالفتح أرادوا موضع السُّجود، وإن قالوا بالكسرِ أرادوا: المعنى المشهور، فإنَّهم لم يجدوا الكسر، وهو خلافُ القياس إلاَّ في المعنى المشهور، ففي المعنى الأوَّلُ استمرُّوا على القياس، والمرادُ من المَسْجَدِ هاهنا موضعُ السُّجود، فإن المرورَ في موضعِ السُّجُود يوجبُ الإثم.

وفي تفسيرِ موضعِ السُّجُود تفصيل، فاعلم أنَّ الصَّلاةَ إن كانت في المسجدِ الصَّغير، فالمرورُ أمامَ المصلِّي حيث كان يوجبُ الإثم؛ لأنَّ المسجدَ الصَّغيرَ (٣) مكانٌ واحد، فأَمَامَ المصلِّي حيث كان في حكمِ موضعِ السُّجُود، وإن كانت في المسجدِ الكبير، أو في الصَّحراء:

فعند بعضِ المشايخ: إن مرَّ في موضعِ السُّجُود يأثم، وإلاَّ فلا (٤).

وعند البعض (٥): الموضعُ الذي يقعُ عليه النَّظر إذا كان المصلِّي ناظراً في موضع سجودِهِ له حكمُ موضعِ السُّجُود، فيأثمُ بالمرورِ في ذلك الموضع (٦).


(١) زيادة من ف و م.
(٢) قال الفراء: كل ما كان على فَعَلَ يَفْعُلُ، مثل: دَخَلَ يَدْخُلُ، فالمَفْعَلُ منه بالفتح اسماً كان أو مصدراً، ولا يقع فيه الفرق مثل دَخَلَ مَدْخَلاً، وهذا مَدْخَلُهُ إلا أحرفاً من الأسماء ألزموها كسر العين، من ذلك المسجِد والمطلِع والمغرِب … وربما فتح العرب في الاسم، فسمع المسجِد والمسجَد، … وقال: والفتح في كلِّه جائز وإن لم نسمعه. ينظر: «اللسان» (٣: ١٩٤١).
(٣) قدروا المسجد الصغير أقل من ستين ذراعاً، وقيل: أربعين. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ١٢١).
(٤) اختاره صاحب «الكَنْز» (ص ١٥)، و «الملتقى» (ص ١٧)، وشمس الأئمة، وقاضي خان، وصاحب «الهداية» (١: ٦٣)، واستحسنه في «المحيط»، وصححه صاحب «التبيين» (١: ١٦٠)، والحصكفي في «الدر المنتقى» (١: ١٢١)، و «الدر المختار» (١: ٤٢٦). وصاحب «البحر» (٢: ١٧).
(٥) ذكر الشارح أبرز وأشهر رأيين، وقيل غيرها: فقيل: في الصحراء يأثم في مقدار صفين، أو ثلاثة. وقيل: ثلاثة أذرع. وقيل: خمسة. وقيل: أربعين. وقيل: خمسين. كذا في «مجمع الأنهر» (١: ١١٢).
(٦) صححه التمرتاشي، وصاحب «البدائع»، واختاره فخر الإسلام، ورجحه في «النهاية»، و «الفتح» (١: ٣٥٤)، وهذا الرأي مطرد في جميع الصور ولا يحتاج إلى تفصيل ينظر: الرأي السابق. كذا في «العناية» (١: ٣٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>