للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قُطِعَ فيه، وهو بحاله، وإن تغيَّرَ فسرقَ قُطِعَ ثانياً، كغزلٍ قُطِع فيه، فنُسِجَ فسرق. ولا إن سرقَ من ذي رحمٍ محرمٍ منه، وبخلاف ماله من بيتِ غيرِه، ومالِ مرضعِتِه

(وما قُطِعَ فيه، وهو بحاله): أي لا يقطعُ بسرقةِ شيءٍ قطعَ فيه مرَّة، ثُمَّ وصلَ إلى مالكِه، ثُمَّ سرقَهُ والحالُ أنَّه لم يتغيَّر عن حالِه، وهذا عندنا.

وأمَّا عند أبي يوسفَ والشَّافِعِيِّ رحمه الله تقطع؛ لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنْ عَادَ فَاقْطَعُوه» (١).

ولنا: إن عصمةَ المسروقِ قد سقطتَ على ما يأتي في مسألة: القطعِ مع الضَّمان (٢)، ثُمَّ إذا عادَ المسروقُ إلى مالكِه، فالعصمةُ وإن عادَتْ فشبهةُ سقوطِها أَسْقَطَت القطع.

وقولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «فَإنْ عَادَ»: أي إلى السَّرقة لا إلى المسروق، لئلا يعارضَ دليلَ سقوطِ العصمةِ علا أنَّه مطعون، طعنَهُ الطَّحَاوِي (٣) - رضي الله عنه -.

(وإن تغيَّرَ فسرقَ قُطِعَ ثانياً، كغزلٍ قُطِع فيه، فنُسِجَ فسرق (٤).

ولا إن سرقَ من ذي رحمٍ محرمٍ منه)، سواءٌ كان المالُ ماله، أو مالُ أجنبيٍّ للشُّبهة في الحرز، (وبخلاف ماله من بيتِ غيرِه)؛ فإنه إذا سرق مال ذي رحم محرم من بيت أجنبيٍّ يقطع؛ لوجود الحرز.

(ومالِ مرضعِتِه (٥)): سواءٌ سُرِقَ من بيتِها، أو من بيتِ غيرها، فإنَّه يُقْطِعُ خلافاً لأبي يوسف - رضي الله عنه -؛ لأنَّ الرِّضاعَ قلَّما يشتهر فلا انبساط، ولا يكفي الإذنُ بالدُّخُول شرعاً، فإنَّه متحقِّقٌ في الأختِ رضاعاً مع أنَّه يقطع.


(١) عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجلَه، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله) في «سنن الدارقطني» (٣: ١٨١)، قال الزيلعي في «نصب الراية» (٣: ٣: ٣٦٨،٣٧٢) فيه سنده الواقدي، وفيه مقال.
(٢) ص ٢٣٥).
(٣) بقوله: قد تتبعنا هذه الآثار فلم نجد لشيء منها أصلا. ينظر: «المبسوط» (٩: ١٦٧)، و «البناية» (٥: ٥٨٩).
(٤) لأنه صار بالتغيير كعين أخرى حتى تبدل اسمه ويملكه الغاصب به، وكذا في كل عين فرد على المالك فأحدث فيه صنعة لو أحدثه الغاصب في المغصوب انقطع حق المالك. ينظر: «جامع الرموز» (٢: ٣٠٤).
(٥) في ب و س و م: مرضعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>