للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَن قتلَه مرتداً خطأً، فلحِق، أو قُتِل، فدِيَتُه في كسبِ الإسلام، ومَن قُطِعَ يدُهُ عمداً فارتدَّ ـ والعياذُ بالله ـ وماتَ منه، أو لَحِقَ بدارِ الحرب، فجاءَ مسلماً فماتَ منه ضَمِنَ القاطعُ نصفَ الدِّيَةِ في مالِه لوارثِه، وإن أسلمَ هاهنا فماتَ ضَمِنَ كلَّها

ولحق: صفةٌ للمرتدّ: أي لحقَ بدار الحرب.

ولابنِهِ: متعلِّقٌ بقضى.

فكاتَبه: أي كاتَبه الابن.

فجاءَ: أي فجاءَ الأبُ المرتدّ.

وإنِّما كان البدلُ للأبِ والولاءُ له؛ لأنَّ الكتابةَ وقعتْ جائزة، والابنُ خليفةُ الأب، فإذا جاءَ الأبُ مسلماً صارَ الابنُ كالوكيلِ من الأب، فالبدلُ له، والعتقُ واقعٌ عنه.

(ومَن قتلَه مرتداً خطأً، فلحِق، أو قُتِل، فدِيَتُه في كسبِ الإسلام)؛ لأنَّ الدِّيَةَ لا تكونُ على العاقلة؛ لعدم النُّصرة، فتكون في مالِه، فعند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - تكون في كسبِ الإسلام؛ لأنَّ كسبَ الرِّدَّةِ فيءٌ، وعندهما في الكسبين.

(ومَن قُطِعَ يدُهُ عمداً (١) فارتدَّ (٢) ـ والعياذُ بالله ـ وماتَ منه، أو لَحِقَ بدارِ الحرب، فجاءَ مسلماً فماتَ منه ضَمِنَ القاطعُ نصفَ الدِّيَةِ في مالِه لوارثِه) (٣)؛ لأنَّ القطعَ حلَّ محلاً معصوماً، والسِّرايةُ حلَّت محلاً غيرَ معصوم، فاعتبرَ القطعُ لا السِّراية، فيجبُ نصفُ الدِّيَة، وإنِّما تجب في مالِه؛ لأنَّ العمدَ لا يتحمَّلُه العاقلة، وإنِّما لا يجبُ القصاص؛ لوجودِ الشُّبهة، وهو الارتداد.

وقولُهُ: أو لحق، أي لحقَ بدارِ الحربِ فقضى به.

(وإن أسلمَ هاهنا فماتَ ضَمِنَ كلَّها): أي فماتَ من ذلك القطع، وإنِّما يجبُ كلُّ


(١) قيَّدَ بعمداً؛ لأنه لو كان القطعُ خطأً، فالدِيَةُ على العاقلة كما قال الحاكم، ذكره صاحب «البناية» (٥: ٨٧٨)، وقول الطَّحْطَاوي في «حواشي الدر المختار» (٢: ٤٩٠): إن العواقلَ لا تعقلُ الأطراف سهوٌ منه.
(٢) أي بعد القطع، فإن ارتدَّ ثم قطعت يده لا ضمانَ على قاطعه كما لا ضمان على قاتله؛ لكونه مستحقّ الإهلاك. ينظر: «حواشي الطحطاوي» (٢: ٤٩٠)
(٣) حاصلُهُ: أنه تجبُ في الصورتين على القاطع ديةُ اليد فقط، وهي نصفُ دية النفس، ولا تجب عليه دية النفس بناءً على أن الموتَ حصلَ من قطعِهِ بخلاف إذا قطعَ مسلمٌ يد مسلمٍ فمات من ذلك القطع من غير تخلل ارتداد، فإنه تجب هناك ديةُ الكلّ للسراية. ينظر: «العمدة» (٢: ٣٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>