للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصفتِهِ: كجيدٍ أو رديءٍ. وقدرِهِ معلوماً نحو كذا كيلاً لا ينقبضُ ولا ينبسطُ، أو وزناً. وأجلِهِ معلوماً، وأقلُّهُ شهرٌ في الأصحِّ، وقَدْرِ رأسِ المالِ في الكيليِّ، والوزنيِّ، والعدديِّ، فلم يَجُزِ السَّلَمُ في جنسينِ بلا بيانِ رأسِ مالِ كلِّ واحدٍ منهما

(وصفتِهِ: كجيدٍ أو رديءٍ.

وقدرِهِ معلوماً نحو كذا كيلاً لا ينقبضُ ولا ينبسطُ)، فلا يجعلُ الزِّنْبِيلُ (١) كيلاً، (أو وزناً.

وأجلِهِ معلوماً)، هذا عندنا، وأمَّا عند الشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه - يُجوزُ السَّلَمُ في الحالِ، (وأقلُّهُ شهرٌ في الأصحِّ (٣) وإنِّما قال في الأصحِّ: لأنَّهُ قد قيلَ (٤): أقلُّهُ ثلاثةُ أيَّامٍ، وقيل (٥): أكثرُ من نصفِ يومٍ.

(وقَدْرِ رأسِ المالِ في الكيليِّ، والوزنيِّ، والعدديِّ): فإنَّ العقدَ فيها يتعلَّقُ بالمقدارِ، فلا بُدَّ من بيانِ مقدارِه، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما إذا كان رأسُ المالِ مُعيَّناً فلا يُحتاجُ إلى بيانِ مقدارِه؛ لأنَّ المقصودَ يحصلُ بالإشارةِ كما في الثَّمنِ والأجرة.

ولأبي حنيفةَ - رضي الله عنه - أنَّه ربَّما يكونُ بعضُ رأسِ المالِ زُيُوفاً، ولا يُسْتَبْدَلُ في المجلس، فلو لم يعلمْ قَدْرُهُ لا يَدْرِي كم بَقِيَ، وربُّما لا يَقْدِرُ على تحصيلِ المُسَلَّمِ فيه، فيحتاجُ إلى ردِّ رأسِ المالِ، فيجبُ أن يكونَ معلوماً بخلافِ ما إذا كان رأس المالِ ثوباً معيَّناً فإن العقدَ لا يتعلَّقُ بمقداره، فلا يَجِبُ بيانُ قَدْرِ رأس المال، ثمّ فَرَّعَ على هذه المسألةِ مسألتينِ، فقال: (فلم يَجُزِ السَّلَمُ في جنسينِ بلا بيانِ رأسِ مالِ كلِّ واحدٍ منهما (٦)،


(١) الزِّنْبيل: الجراب. وقيل: الوعاء يحمل فيه. والقُفَّة، والجمع زنابيل،. ينظر: «اللسان» (٣: ١٨٠٨).
(٢) ينظر: «حاشية تحفة المحتاج» (٥: ١٠)، و «الإقناع» (ص ٣: ٥٣)، و «المنهاج» (٢: ١٠٥)، وغيره.
(٣) وعليه الفتوى. كما في «فتح القدير» (٦: ٢١٩)، و «رد المحتار» (٥: ٢١٥).
(٤) وهو ما ذكرَهُ أحمد بن أبي عمرانَ البغداديِّ - رضي الله عنه - أستاذُ الطحاويِّ - رضي الله عنه - عن أصحابنا: اعتباراً بخيارِ الشرط، وليس بصحيح، فأمّا أدناه فغيرُ مقدَّر. ينظر: «العناية» (٦: ٢١٨).
(٥) قائله أبو بكر الرزاي - رضي الله عنه -. ينظر: «المبسوط» (١٢: ١٢٧).
(٦) صورته: أنّه أسلمَ مئةَ درهمٍ في كُرِّ بُرٍّ وكُرِّ شعير، ولم يبيِّن رأسَ مالِ كلِّ واحدٍ منها، فلا يجوزُ عند الإمام؛ لأنَّ إعلامَ قدرِ رأسِ المالِ شرط، فينقسمُ المئةُ على البُرِّ والشعير باعتبارِ القيمة، وهي تعرفُ بالظنّ، فلا يكونُ مقدارُ رأسِ مالِ كلِّ واحدٍ منهما، حتى لو كان من جنسٍ واحد يصحّ؛ لأنَّ رأسَ المالِ منقسمٌ عليهما على السواء، وعندهما: يجوز؛ لأنَّ الإشارةَ إلى العينِ تكفي لجوازِ العقد، وقد وجدت. ينظر: «الزبدة» (٣: ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>