أحدهما: ما قاله العلامةُ أبو منصورٍ الماتريديّ - رضي الله عنه - وهو أنَّ الكفيلَ علَّقَ مالاً مطلقاً بأمرٍ متردّدٍ قد يكون وقد لا يكون، حيث لم يقل: عليَّ المئةُ التي على المدَّعى عليه، ولم ينسبْهُ إلى ما على المكفولِ عنه، فكانت هذه رشوة التزمَها الكفيل له عند عدمِ الموافاةِ به، فهذا يوجبُ أن لا يصحّ، وإن بيَّنها المدَّعي؛ لأنَّ عدمَ النسبةِ إليه هو الذي أوجب البطلان.
والثاني: ما قالَه الشيخ أبو الحسنِ الكَرْخيُّ - رضي الله عنه -: وهو أنَّ المدَّعي لمَّا لم يبيِّن مالاً مقدَّراً لم يستوجبْ إحضارُهُ إلى مجلسِ القاضي؛ لفسادِ الدعوى، فلا تصحُّ الكفالةُ بالنفس؛ لعدمِ صحَّةِ الدعوى، ولا تصحُّ الكفالةُ بالمالِ أيضاً؛ لأنّها مبنيّة على الكفالةِ بالنفس، فإذا بطلَ الأصلُ بطلَ الفرع، وهذا الوجهُ يوجبُ أن تصحَّ الكفالةُ إذا بيَّنَ المالَ عند الدّعوى. ينظر: «منح الغفار» (ق ٢: ٨٠/أ).