فَاحْذَرْ عَلَيْكَ مَوَاقِفَ الأَبْطَالِ
اخْزَنْ لِسَانَكَ بالسُّكوتِ عَنِ الخَنَى ... وَاحْذَرْ عَلَيْكَ عَوَاقِبَ الأَقْوَالِ
وَإِذَا عَقَلْتَ هَوَاكَ عَن هَفَوَاتِهِ ... أَطْلَقْتَهُ مِن شِيْنِ كُلِّ عِقَالِ
وَإِذَا سَكَنْتَ إِلى الهُدَى وَأَطَعْتَهُ ... أُلْبِسْتَ حِلَّةَ صَالحِ الأَعْمَالِ
وَإِذَا طَمِعْتَ لَبِسْتَ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ ... إِنَّ المَطَامِعَ مَعْدِنُ الإِذْلالِ
وَإِذَا سَحَبْتَ إِلى الهَوَى أَذْيَالَهُ ... كَسَبَتْ يَداكَ مَوَدَّةَ الجُهَالِ
وَإِذَا حَلَلْتَ عَنْ اللِّسانِ عِقَالَهُ ... أَلقَاك مِن قِيْلٍ عَلَيْكَ وَقَالِ
وَإِذَا ظَمِئْتَ إِلى التُّقَى أَسْقَيْتَهُ ... مِنْ مَشْرَبٍ عَذْبِ المَذاقِ زُلالِ
وَإِذَا ابْتُليتَ بِبَذْلِ وَجْهِكَ سَائِلاً ... فَابْذُلْهُ لِلْمُتَكَرّمِ المِفْضَالِ
إِن الشَّرِيفَ إِذَا حَباكَ بِوَعْدِهِ ... أَعْطَاكَهُ سَلِسًا، بِغَيرِ مِطالِ
مَا اعْتَاضَ باذِلُ وَجْهِهِ بِسُؤالِهِ ... عِوضًا وَلَوْ نَالَ الغِنَى بِسُؤالِ
عَجَبًا عَجِبْتُ لِمُوْقِنِ بِوَفَاتِهِ ... يَمْشِيِ التَّبَخْتُرَ مِشْيَةَ المُخْتَالِ
رَجَّ العُقُولَ الصَّافِياتِ فإنها ... كَنْزُ الكُنُوزِ وَمَعْدِنُ الإِفْضَالِ
صَافِ الكِرَامَ فإنها أَهْلُ النُّهَى ... وَاحْذَرْ عَلَيْكَ مَوْدَةَ الأَنْذَالِ
صِلْ قاطِعيكَ وَحَارِمِيكَ وَأَعْطِهِم ... وَإِذَا فَعَلْتَ فَدُم بِذَاكَ وَوَالِ
وَالمَرءُ لَيْسَ بِكَامِلٍ فِي قَوْلِهِ ... حَتَّى يُزَيِّنَ قَوْلَهُ بِفَعالِ
وَلَرُبَّما ارْتَفَعَ الوَضِيعُ بِفِعِلهِ ... وَلَرُبَّما سَفَلَ الرَّفيعُ العَالِي
كَمْ عِبْرَةٍ لِذَوي التَّفَكُّرِ والنُّهَى ... في ذا الزَّمانِ وَذَا الزَّمَانِ الخَالِي
كَمْ مِن ضَعِيْفِ العَقْلِ زَيَّنَ عَقْلَهُ ... مَا قَدْ رَعَى وَوَعَي مِنَ الأَمْثَالِ
كَمْ مِنْ رِجَالٍ فِي العُيونِ وَمَا هُمُ ... في العَقْلِ إِنْ كَشَفَّتَهُم بِرِجَالِ