للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقَرَيْتِيني بوَساوِس وَخَبَالِ

حَوَّلْتِ يَا دُنْيَا جَمَالَ شَبِيْبَتِي ... قُبْحًا فَماتَ لِذَاكَ نُورُ جَمَالِي

غَرَسَ التَّخَلُّصُ مِنكِ بَيْنَ جَوانِحِي ... شَجَرَ القَنَاعَةِ والقَنَاعةُ مَالِي

الآنَ أَبْصَرْتُ الضَلالَةَ وَالهُدَي ... والآنَ فِيْكَ قَبِلْتُ مِن عُذَّالِي

وَطويْتُ عَنْكِ ذُيُولَ بُرْدَيْ صَبْوَتِي ... وَقَطَعْتُ حَبْلَكِ مِن وِصَالِ حِبَالِي

وَفَهِمْتُ مِن نُوَبِ الزَّمانِ عِظَاتِهَا ... وَفَطِنْتُ لِلأَيَامِ وَالأَحْوَالِ

وَمَلَكْتُ قَوْدَ عِنانِ نَفْسِي بالهُدى ... وَطَوَيْتُ عَن تَبْعِ الهَوَى أَذْيَالِي

وَتَنَاوَلْت فِكْري عَجَائِبُ جَمَّةٌ ... بِتَصَرُّفٍ فِي الحالِ بَعْدَ الحالِ

لَمَّا حَصلتْ عَلى القَنَاعةِ لَم أَزَلْ ... مَلِكًا يَرَى الإِكْثَار كالإِقْلالِ

إِنَّ القَنَاعةَ بِالكِفَافِ هِيَ الغِنَى ... والفَقْرُ عَينُ الفَقْرِ في الأَمْوَالِ

مَن لَم يَكُنْ فِي اللهِ يَمَنَحُكَ الهَوَى ... مَزَجَ الهَوَى بِمَلالَةٍ وَثِقالٍ

وَإِذَا ابْنُ آدَمَ نَالَ رِفْعَةَ مَنْزِلٍ ... قُرِنَ ابْنُ آدَمَ عِنْدَها بسِفَالِ

وإذا الفَتَى حَجَبَ الهَوَى عَن عَقْلِه ... رَشَدَ الفَتَى وَصَفَا مِن الأَوْحَالِ

وإذا الفَتَى لَزِمَ التَّلَوُّنِ لَمْ يَجِدْ ... أَبَدًا لَهُ، في الوَصْلِ طعمَ وِصَالِ

وَإِذَا تَوَازَنَتِ الأُمُورِ لِفَضْلِهَا ... فَالدِّينُ مِنْهَا أَرْجَحُ المِثْقَالِ

أَمْسَتْ رِيَاضُ هُداكَ مِنْكَ خَوَالِيًا ... وَرِيَاضُ غَيِّكَ مِنْكَ غَيرُ خَوَالِ

قَيِّدْ عَنِ الدُّنْيَا هَوَاكَ بِسَلْوَةٍ ... وَاقْمَعْ نَشَاطَكَ فِي الهَوَى بِنَكالِ

وَبِحَسْبِ عَقْلِكَ بالزَّمانِ مُؤدِّبًا ... وَبِحْسِبِه بِتَقَلُّبِ الأَحْوالِ

بَرِّدْ بيأسِكَ عَنْكَ حُرَّ مَطَامِعٍ ... قَدَحَتْ بِعَقْلِكَ أَثْقَبَ الأَشْعَالِ

قَاتِلْ هَوَاكَ إِذَا دَعَاكَ لِفِتنَةٍ ... قَاتِلْ هَوَاكَ هُنَاكَ كُلَّ قِتالِ

إِنْ لَمْ تَكُنْ بَطَلاً إِذَا حميّ الوَغَي ...

<<  <  ج: ص:  >  >>