بأضدادهَا عما قليلِ تُبدلُ
فَمن عاشَ في الدُّنيا وإن طَال عُمرهُ ... فلا بدَّ عنها راغمًا سوف ينقلُ
وينزلُ دارًا لا أنيسَ له بهَا ... لكلِّ الوَرَى رجعًا معادُ ومُوئلُ
ويبقَى رهينًا في التُّراب بما جنَى ... إلى بعثهِ من أرضهِ حينَ ينسلُ
يُهالُ بأهوالِ يَشيبُ بِبعضهَا ... ولا هولاً إلا بَعدهُ الهولُ أهولُ
وفي البعْثِ بعد الموتِ نشرُ صحائفٍ ... وميزانُ قسطٍ طائشٍ أو مُثقلُ
وحشرٌ يَشيبُ الطِّفلُ من عُظْمِ هولهِ ... ومنه الجبالُ الراسياتُ تُزلزلُ
ونارٌ تلظَى في لظاهَا سَلاسلٌ ... يُغلُّ بها الفُجَّارُ ثم يُسلسلُوا
شرابُ ذَوي الإِجرامِ فيها حميمُهَا ... وَزقُّومُها مَطعومهُم حينَ يَأكلُوا
حميمٌ وغساقٌ وآخرُ مثلهِ ... من المهلِ يَغلِي في البُطُونِ ويُشغلُ
يزيدُ هوانًا من هواهَا فلا يَزَلْ ... إلى قَعرهَا يهوَي دوامًا ويَنزلُ
وفي نارهِ يبقَى دوامًا مُعذبًا ... يَصِيحُ ثُبورًا ويلهُ يَتولولُ
عليها صِراطٌ مدحضٌ ومزلَّةٌ ... عَليه البَرايَا في القِيامةِ تُحملُ
وفيها كَلاليبٌ تعلَّقُ بالوَرَى ... فهذَا نَجا منها وهذَا مُخردلُ
فلا مُجرمٌ يفديهِ ما يَفتدِي بهِ ... وإنْ يَعتذرُ يومًا فلا العُذر يُقبلُ
فهذَا جزاءُ المجرمينَ على الرَّدى ... وهذا الذي يومَ القيامةِ يَحصلُ
أعوذُ بربي من لَظَى وعَذابِها ... ومِن حَالِ من يَهوَي بها يَتَجلجلُ
ومن حالِ من في زَمْهَرِيرٍ مُعذبٍ ... ومن كان بالأغلالِ فيها مُكبَّلُ
وجَناتُ عدنٍ زُخرفتْ ثم أُزلفتْ ... لقومٍ على التَّقوى دوامًا تَبتلُوا
بها كل ما تَهوى النُفُوسُ وتَشتهِي ... وقرةَ عينٍ ليسَ عنها تَرحلُ
ملابسهم فيها حَريرٌ وسُندسٍ ...