للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(فصل)

كتب أبو حامد العزالي إلى أبي الفتح بن سلامة فقال: قرع سمعي بأنك تلتمس مني كلامًا وجيزًا في معرض النصح والوعظ وإني لست أرى نفسي أهلاً له.

فإن الوعظ زكاة نصابه الاتعاظ فمن لا نصاب له كيف يخرج الزكاة وفاقد النور كيف يستنير به غيره ومتى يستقيم الظل والعود أعوج.

وقد أوصى الله جل وعلا عيسى بن مريم عليهما السلام يا ابن مريم عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإلا فاستحي مني.

وقال نبينا - صلى الله عليه وسلم - "تركت فيكم ناطقًا وصامتًا" فالناطق هو القرآن والصامت هو الموت وفيهما كفاية لكل متعظ فمن لم يتعظ بهما كيف يعظ غيره.

ولقد وعظت نفسي بهما وقبلت وصدقت قولاً وعلمًا وأبت وتمردت تحقيقًا وفعلاً.

فقلت لنفسي أما أنت مصدقة بأن القرآن هو الواعظ وأنه كلام الله المنزل الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: ٤٢] . فقالت بلى فقلت لها قد قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَاّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥،: ١٦] .

فقد وعد الله جل وعلا بالنار على إرادة الدنيا وكل ما لا يصحب بعد الموت فهو من الدنيا فهل تنزهت عن حب الدنيا وإرادتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>