للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولو أن طبيبًا نصرانيًا وعدك بالموت أو بالمرض على تناول ألذ الشهوات لتحاميتيها وأنفت منا وجنبتها أفكان النصراني عندك أصدق من الله جل وعلا؟

فإن كان كذلك فما أكفرك أم كان المرض أشد عليك من النار؟ فإن كان كذلك فما أجهلك، فصدقت ثم ما انتهت بل أصرت على الميل إلى العاجلة واستمرت.

ثم أقبلت عليها فوعظتها بالواعظ فقلت لها قد قال الله جل وعلا: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة: ٨] .

وقلت لها هبي أنك ملت إلى العاجلة أفلست مصدقة بأن الموت لا محالة يأتيك قاطعًا عليك ما أنت متمسكة به وسالبًا منك كل ما أنت راغبة فيه.

وأن كل ما هو آت قريب وقد قال الله جل جلاله: {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: ٢٠٧] .

وقال مخبرًا عن نفسه عندما وعظها ولم تجتهد في التزود للآخرة كاجتهادها في تدبير العاجلة ولم تجتهد في رضا الله كاجتهادها في طلب رضاها وطلب رضا الخلق.

ولم تستحي من الله تعالى كما تستحي من واحد من الخلق ولم تشمر للاستعداد للآخرة كتشميرها في الصيف لأجل الشتاء، وفي الشتاء لأجل الصيف فإنها لا تطمئن في أوائل الشتاء ما لم تتفرغ عن جميع ما تحتاج إليه فيه مع أن الموت ربما يخطفها والشتاء لا يدركها.

فقلت لها ألست تستعدين للصيف بقدر طوله وتصنعين له آلة الصيف

<<  <  ج: ص:  >  >>