للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بقدر صبرك على الحر قالت نعم.

ثم استمرت على سجيتها ولما رأيتها متمادية في الطغيان غير منتفعة بموعظة الموت والقرآن رأيت أهم الأمور التفتيش عن سبب تماديها مع اعترافها وتصديقها فإن ذلك من العجائب العظيمة.

فطال تفتيشي عنه حتى وقفت على سببه وها أنا ذا موصي نفسي وإياك بالحذر منه فهو الداء العظيم وهو السبب الداعي إلى الغرور والإهمال.

وهو اعتقاد تراخي الموت واستبعاد هجومه على القرب فإنه لو أخبر صادق في بياض نهاره أنه يموت في ليلته أو يموت بعد أسبوع أو شهر لاستقام واستوى على الصراط المستقيم.

فانكشف لي تحقيقًا أن من أصبح وهو يؤمل أنه يمسي أو أمسى وهو يؤمل أن يصبح لم يخل من الفتور والتسويف.

فأوصيك ونفسي بما أوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «صل صلاة مودع» ولقد أوتي جوامع الكلم وفصل الخطاب ولا ينتفع بوعظ إلا به.

ومن غلب على ظنه في كل صلاة أنها آخر صلاته حضر معه خوفه من الله تعالى وخشيته منه.

بخلاف من لم يخطر بخاطره قصر عمره وقرب أجله وغفل قلبه عن صلاته وسئمت نفسه فلا يزال في غفلة دائمة وفتور مستمر وتسويف متتابع إلى أن يدركه الموت ويهلكه حسرة الفوت.

فعلى الإنسان العاقل أن يحذر مواقع الغرور ويحترز من خداع النفس فإن خداعها لا يقف عليه إلا الأكياس وقليل ما هم.

والوصايا وإن كانت كثيرة والمذكورات وإن كانت كبيرة فوصية الله أكملها وأنفعها وأجمعها وقد قال الله جل وعلا وتقدس: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>