للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بجناتٍ تجري من تحتها الأنهار. وآذن الكاذبين بسوء العاقبة والنار والدمار. صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أهل الصدق في الأقوال والأفعال والبُعد عن الزيغ والضلال وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: فيا أيها المسلمون اتقوا الله واسمعوا قوله سبحانه بآذانٍ مُصغية وقلوبٍ واعية تنشد الحق لتتبعه، يقول جل من قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنَفْسُكَمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} ، عباد الله: ها هو جل وعلا أمركم بالقسط الذي هو العدل وبأن تكون شهادتكم بحق لشخص أو عليه مُراداً بها وجه الله سبحانه. أمركم بالإتيان بالشهادةِ على وجهها من غير التواء أو تأويل: ومن يُطع الله فقد وقع أجره على الله فتحروا رحمكم الله في شهاداتكم وأقوالكم الحق الذي لا غبار عليه فبشهادة الحق إثبات الحقوق وتوطيد دعائم الأمن وإياكم وتحكيم عاطفة القرابة في الشهادة. إياكم والميل إلى غنيٍ لغناه أو فقيرٍ رحمةً به فالله أولى بعباده منكم فقد تظنون أن الشهادة بالحق عليهم نقمة وهي في باطن الأمر نعمة.

عباد الله: إن الشهادة بالحق لا يؤديها إلا نفوس علوية متنزهة عن أن تريد بها الدنيا وحطامها الفاني نفوس متطلعة إلى الفردوس إلى الرحيق المختوم الذي ختامه مسك فاستسيغوا رحمكم الله في أدائها كل مرارة واستسهلوا كل صعبٍ سواء كان سيراً إلى المحاكم أو انتظاراً أو كان في ذلك إغضاب لأحد ففي تأخركم عن أداء شهادة بحق تعلمونه إثمٌ كبير والله يقول: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ} ، وإن القلب يا عباد الله مصدر الفساد والصلاح فإذا أثم القلب فماذا يبقى بعد ذلك فلا تكتموها ففي كتمانها شرٌ على بني الإنسانية التي أمرتم بجلب الخير لهم ودفع الشر عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>