وماذا تقول إن قال لك يا عبدي ما أجللتني أما استحييت مني أما راقبتني؟ استخففت بنظري إليك ألم أحسن إليك ألم أنعم عليك ما غرك مني؟
شبابك فيما أبليته وعمرك فيما أفنيته ومالك من أين اكتسبته وفيم أنفقته وعلمك ماذا عملت فيه؟
وورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ليقفن أحدكم بَيْنَ يدي الله تبارك وتعالى ليس بينه وبين حجاب يحجبه ولا بينه وبينه ترجمان يترجم عنه فيقول ألم أنعم ألم آتك مالا؟ فيقول بلى. فيقول ألم أرسل إليك رسولا؟ فيقول بلى، ثم ينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة» . رواه البخاري.
فأعظم به موقفًا وأعظم به من سائل لا تخفى عليه خافية وأعظم بما يداخلك من الخجل والغم والحزن والأسف الشديد على ما فرطت في طاعته وعلى ركوبك معصيته وعلى أوقات ضاعت عند الملاهي والمنكرات، قال الله تعالى عن حال المجرمين المفرطين:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة: ١٢] وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ}[سبأ: ٥٢] . الآية.
وكيف تثبت رجلاك عند الوقوف بين يديه وكيف يقدر على الكلام لسانك عندما يسألك الحي القيوم إلا أن يثبتك جل وعلا ويقدرك على ذلك، فإذا تبالغ فيك الجهد من الغم والحزن والحياء والخجل بدا لك منه أحد أمرين إما الغضب أو الرضا عنك.
فإما أن يقول يا عبدي أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فقد غفرت لك كبير جرمك وكثير سيئاتك وتقبلت منك يسير إحسانك