وقال - صلى الله عليه وسلم -: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم» ، ولقد كان الصحابة أصبر الناس بعد الرسل على الأذى في الله فلقد أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله وصب عليهم الأذى من كل صوب، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانًا. قال تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}[آل عمران: ١٧٤] .
وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم أرفع الناس بعد النبيين والمرسلين درجة وأعلاهم مكانًا بشهادة الله ورسوله فلا عجب أن يعلن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بفضلهم ويحذر من سبهم ومقتهم، ويقول فيما روى الترمذي:«الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله يوشك أن يأخذه» .
ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم انفق مثل أحدٍ ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» . فأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشك عاقل أنهم هم الذين حازوا قصبات السبق، واستولوا على معالي الأمور من الفضل والمعروف والصدق والعفة، والكرم والإحسان، والقناعة، وعلو الهمة، والنزاهة، والشجاعة، والتقى والتواضع، ونحو ذلك.
فالسعيد من اتبع طريقهم، واقتفى منهجهم القويم، والشقي من عدل