للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إن هذه الدار التي توطنها مكرموك ما هي دار إقامة ولا هي مملوكة لأحد من الخلق ولكنهم أمثالك نزلاء من كانوا يعمرون هذه الدار قبلهم ثم رحلوا وتركوها وما كان رحيلهم إلى مكان بعيد ولكنه كان إلى سجن ضيق ومكان مظلم لو أرسلت ببصرك لرأيته وقد فقدوا تلك القوى وتناسوا ذلك النعيم.

ثم أخذ بيده إلى مكان قفر وأعني به المقبرة وقال له هذا مراح القوم ومسقط رءوسهم وإن الطريق التي توصلك إلى هؤلاء القوم هي الطريق التي سلكها مكرموك وإنها لطريق ذات عقبات مهلكة ولها أوحال من تورطها هلك ولا مخلص من تلك الأوحال إلا بتجنب تلك العقبات أو تجاوزها عدوًا.

فإن رمت السلامة فسر فريدًا متحفظًا من تخاصم القوم وتنازعهم ومن ملاهيهم وألعابهم ولا تصغ لمن يناديك من خلفك فإن الذي يناديك من خلفك في طريق النجاة هو أجهل منك بها ولا تخالف من ناداك من الأمام فإنهم أدرى منك بمفاوز الطريق.

وإياك أن تشتبه عليك الطرق وأصوات المنادين فإن طريق السلامة لها أعلام ومصابيح نيرة على رأس كل مرحلة من مراحلها وأما باقي الطرق فإنها مظلمة موحشة مهلكة وما هي إلا طريق واحدة ولكنها ذات شعب ومسارب كثيرة.

فاحذر أن تتهاون بنفسك كما تهاون القوم بنفوسهم فهلكوا وهم لا يشعرون فإن كان النازل الغريب على استعداد لتعقل النصائح وذا قابلية تقبل الإرشاد وقف على أفواه الطريق وفتح عينيه واستعمل فكره وتبصر في أمره

<<  <  ج: ص:  >  >>